مجلة شهرية - العدد (580)  | يناير 2025 م- رجب 1446 هـ

حِصن الهوية العربية

في البداية، وقبل التهنئة باليوبيل الذهبي للمجلة العربية، فإنني أقول: لو لم تكن المجلة العربية موجودة، لتوجّب على أمة العرب إيجادها. لذلك نترحم وإياكم على الملك فيصل بن عبدالعزيز، الذي أمر بتأسيسها، ونسأل الله جلّ في علاه، أن يتقبل هذا العمل المثمر المبارك منه بقبول حسن، وأن يجعله في ميزان حسناته.
وما أحوجنا وأجيالنا الحالية والمستقبلية إلى عشرات، بل مئات، الجهود المماثلة لهذه المجلة، لتعزيز ثقافتنا العربية التي باتت مهددة هذه الأيام، لتخلي الكثير من أبناء هذه الأمة عن التفكير والتعبير والكتابة بلسان العرب المبين، وكأني بحافظ إبراهيم حاضراً بقوله:
أَيَهجُرُني قَومي عَفا اللَهُ عَنهُمُ
إِلى لُغَةٍ لَم تَتَّصِلِ بِرُواةِ
سَرَت لوثَةُ الإِفرِنجِ فيها كَما سَرى
لُعابُ الأَفاعي في مَسيلِ فُراتِ
وخيراً فعلت المجلة العربية بمواكبة ما يصدر عن مفكري ومثقفي هذه الأمة من أعمال أدبية، والمساهمة في نشر الآراء والأفكار والدراسات المتنوعة الصادرة عنهم، وكذلك لإتاحة المجال لجميع قرائها بالاطلاع على آخر ما حرر من أعمال أدبية وثقافية وفكرية عالمية، من خلال القيام بترجمة أهم هذه الأعمال.
وقد أسعدني جداً، وكلي ثقة في أن الكثيرين من قراء ومحبي المجلة العربية قد سعدوا كذلك بمبادرة المجلة المتمثلة بإهداء كتاب لقرائها مع كل عدد من أعدادها، ما سيكون له أثر كبير ومهم في إثراء مكتبة قرائها وتعزيزاً لنشر الأفكار المستنيرة المستبطنة في تلك الكتب والتي لا يحدّها طارئ الزمان ولا محدودية المكان.
وفي الختام، فإنه لا يسعني إلا أن أتقدم بوافر التبريكات والتهنئة، للأجلاء القائمين على المجلة العربية، كل باسمه وموقعه ولقبه ومكانته، وأسأل الباري جل في علاه أن يوفقهم في مساعيهم جميعها، وأن يكلل هذه المساعي بالنجاح والفلاح والمقبولية.
ورحم الله شاعر العربية الأكبر، أبا الطيب المتنبي، القائل:
أعزُّ مكانٍ في الدُنا سرجُ سابحٍ
وخيرُ جليس في الزمانِ كتابُ


* وزير الإعلام الأردني الأسبق

ذو صلة