احتوت السنة المصرية على العديد من الأعياد وأيام العطلات، منها، ما ارتبط بتقويم السنة (أول السنة، ونصف الشهر، وبداية الفصول)، ومنه ما ارتبط بالزراعة (البذر، الحصاد، الفيضان)، ومنه ما ارتبط بالملك (التتويج، والعيد الثلاثيني)، ومنها ما ارتبط بالحياة الجنائزية. أما أعياد الموتى فكانت ترتبط بزيارة أسر الموتى لمقابرهم لتقديم الطعام لهم، وهو عيد منتشر في مصر كلها.
ولقد كانت الأعياد ذات أهمية كبيرة في مصر القديمة، حيث خصص المصري لها أياماً، فيذكر لنا حجر بالرمو أعياد الآلهة (مثل: عيد حورس، وسكر، ومين، وأنوبيس وسشات). ومن خلال قوائم الأعياد الموجودة في معابد وكوم أمبو، وإدفو، وإسنا ودندرة؛ نستطيع تتبع أعياد بعض من الآلهة، مثل حتحور وسخمت.
وبالنسبة للمواقع الأخرى، فقد أمكن التوصل لأعياد بعض الآلهة مثل: عيد خنوم وعنقت (في إلفنتين)، ابتداءً من 18 هاتور. وعيد ساتت وعنقت (في إقليم الجندل الأول) ابتداءً من 28 هاتور. وعيد اللقاء الجميل في إدفو. وثلاثة أعياد في إسنا، وهي: عيد رفع السماء، وعيد وصول نيت إلى سايس، وعيد الإمساك بالفأس. وهناك ثلاثة أعياد في دندرة، وهي: عيد شرب الخمر، وعيد ولادة الإلهة، وعيد اللقاء الجميل. كما يوجد عيد السنة الجديدة في إدفو ودندرة، والذي كان يتم الاحتفال به في جميع المعابد. وهناك تفاصيل أكثر عن هذين المعبدين، وبخاصة معبد دندرة الذي يعطينا وصفاً لما يتم من احتفالات في الليلة التي تسبق هذا العيد. أما في سايس وأبيدوس، فكان يتم الاحتفال بأوزير، من حيث معاركه، وموته وبعثه من جديد.
وتنقسم الأعياد إلى عدة أنواع:
- أعياد رسمية: يتم الاحتفال بها في مصر كلها، (وهي: عيد السنة الجديدة، وعيد أول الشهر، وأعياد نصف شهرية، وبداية الموسم، وعيد الفيضان، وتتويج الملك).
- أعياد محلية: خاصة بإقليم أو مدينة معينة: (عيد ميلاد الإله المحلي، وعيد انتصار الإله على عدوه).
- أعياد خاصة: أعياد شعبية تتعلق بفئة معينة أو مناسبة معينة خاصة بمجموعة أو مكان معين، وأعياد الزواج والميلاد.
- أعياد دينية.
- أعياد زراعية.
- أعياد جنائزية.
وإذا كانت هناك أسباب ظاهرة للأعياد، فإن هناك أسباباً خفية تتمثل في تخليد أحداث معينة من قصص الآلهة لتمثل أمام الشعب في مناسبات مختلفة.
وأثناء هذه الأعياد كانت ترتل أناشيد للطقوس، ويزين المعبد ويضاء، وتقدم القرابين. ومن أهم طقوس الأعياد أن يرى الشعب صورة (تمثال) سيده (الإله) التي كانت تخرج من المقصورة، وتنقل إلى مكان ظاهر بعد أن تزين بالتمائم وقلائد الذهب، وتوضع في قارب، حيث كانت السفن بوجه عام تمثل للمصري القديم وسيلة النقل المعروفة والأكثر انتشاراً، وكانت توضع أمام الإله أعلام مزينة بصورة إلهية مثل (وب واوت)، أي: (فاتح الطرق)، وعند الدخول للمعبد يوضع تمثال الإله على قاعدة حجرية عالية ليراها كافة الناس، ويقدمون القرابين والبخور والأدعية.
وكبلد زراعي بالدرجة الأولى، فقد احتفل المصريون بعدد لا بأس به من الأعياد الزراعية، مثل أعياد النيل، وأعياد الحصاد في جميع أنحاء مصر، مثل الأعياد المخصصة لرنوتت إلهة الحصاد، أو (مين) إله الخصوبة، والتي كانت تقام في فصل الحصاد (الصيف). وفي شهر (كياك) كانت تقام أعياد حرث الأرض التي يمثل فيها الإله أوزير الذي يموت ثم يبعث مثل الأرض التي ينمو فيها الزرع.
وقد اشتملت قوائم أعياد المصري القديم على أنواع أخرى من الأعياد: (أعياد دينية، وأعياد ملكية).
البروتوكول في الأعياد
كان للمصري القديم في أعياده بروتوكلات تميز كل عيد عن الآخر، وقد ترك لنا شواهد كثيرة تصور الأعياد والحفلات، التي تنم عن تذوق وحس فني تمتع به المصريون منذ أقدم العصور، فلا تكاد تخلو مقبرة (مكتملة) لأحد الأشراف أو كبار رجالات الدولة من مناظر الرقص والغناء وعزف الموسيقى أمام المتوفى.
ولقد كان من بروتوكولات المصري القديم في كثير من مراحل وشعائر هذه الأعياد؛ أن يقوم الناس بإشعال مشاعل على المقابر للموتى، ويحضروا لهم الماء، وذلك في أعياد بداية العام. وقد يتمنون لموتاهم رحلة سعيدة لأبيدوس، وذلك كما في عيد الموتى (عيد الواج)، حيث يضعون نموذجاً لمركب على المقابر متجهاً نحو أبيدوس. أما في عيد سوكر فقد تمنوا أن يحملوا مركب سوكر المقدس أو يتبعوا إلههم في موكبه عند أسوار منف مطوقين أعناقهم بحزم البصل.
ومن بين بروتوكولات طقسة الاحتفال بمأساة أوزير في معبد الكرنك، معبد الاحتفالات للملك تحتمس الثالث، وكان يتم تقديم كُتب يتلى منها خلال هذا العيد، وقد تضمنت الطقوس المؤداة في هذا اليوم كثيراً من المعاني التي تؤديها الندابات لأيام الحزن في مأساة أوزير. ومن العصر اليوناني الروماني تبقت مناظر لطقوس الأعياد التي كانت تؤدى في مقصورة أوزير على سطح معبد حتحور بدندرة وغيرها من المعابد.
ومن أمثلة أعياد الموتى التي احتفل بها المصريون والتي تعود لعصر الدولة الوسطى، ما أظهرته العقود العشرة التي أبرمها (جب – جيفاي) حاكم أسيوط مع كهنة معبد وبواوات بالمقاطعة لضمان استمرار أداء الطقوس الجنزية له بمقبرته، وقد أظهرت هذه العقود الأعياد التي التزم فيها الكهنة بالقيام بالطقوس أمام المتوفى وهي: أيام النسيء الخمسة- ليلة رأس السنة- صباح ونهار أول يوم من السنة الجديدة- ليلة عيد الواج.