مجلة شهرية - العدد (576)  | سبتمبر 2024 م- ربيع الأول 1446 هـ

كتب وقراءات



الكتــــــــــاب: سيرتي (على أعتاب الخيال وتجربة الإبداع)
المؤلـــــف: أنتوني ترولوب
المترجمة: زينب بني سعد
الناشـــــــــــر: منشورات جدل، الكويت، 2023

هذا الكتاب هو تمثيل للذات برؤية صريحة قضّت مضجع الكثير من النقاد. هذه حكاية قد يراها بعضكم قصة مألوفة من العصر الفيكتوري، إلا إنها رحلة في غاية الأهمية لطفل صغير حساس، عاش طفولةً بائسة بسبب الفقر والإقصاء الاجتماعي، وكاد يعيش شباباً مغيباً لولا الوازع الأدبي الذي يغلي في عروقه منذ نعومة أظفاره. أضع بين أيديكم الترجمة الكاملة لحكاية أنتوني ترولوب، الطفل المنبوذ، والابن الكسول، والشاب الواعي، والكاتب الناضج، والزوج المسؤول، والموظف الدقيق، والرحال الذي لا تفتر عزيمته، لنسافر معه في خياله الخصب، ونخبر تجربة الإبداع التي عاشها، من بداياته وانشغالاته وعقوده وعاداته في الكتابة، وصولاً إلى التفاصيل الحسابية الدقيقة التي يتم من خلالها التخطيط والتسجيل لنتاجه الأدبي. التفاصيل التي قد يعدها بعضكم ضعفاً في شخصيته، ويدينه بهوسه في مسألة تقدمه الاجتماعي كما علق على ذلك بيتر ألين، إلا إن وجهات نظر ترولوب هي التي نهضت بمستواه الاجتماعي، وحركت البحر الساكن فيه، ليعمل ويطور من عمله بصفته موظفاً في مكتب البريد، وبصفته كاتباً وروائياً.
(لقد كتبت الكثير بقدر ما جبت الآفاق، ومع أنني كنت غير دقيق للغاية، إلا إني طالما كتبت الحقيقة كما رأيتها تماماً، وأحسب أنني رسمت لوحاتي رسماً جميلاً).



الكتــــــاب: فن الوحدة
المؤلـف: ديسي أنور
المترجم: وائل الملا
الناشـــــــر: دار مصر العربية، القاهرة، 2023

الوحدة تجبرنا على أن نواجه أنفسنا؟ أن نعرف من نحن، وأن نفهم كيف نتعامل، ومغزى الحياة، أن نتعرف على العالم الذي نعيش فيه. ربما لا يعجبنا ما نكتشفه أو نرتاح لما نراه. لكننا سنفهم في نهاية المطاف أننا لا نستطيع الهرب من ذاتنا. وحيث أننا لا نستطيع أن نركب الطائرة ونستكشف العالم في أوقات الحظر والإغلاق، فربما يكون من المفيد أن نستغل هذه الفرصة للبدء في رحلة التعرف على هذه الذات.



الكتــــــاب: بيزنطة.. الحياة المدهشة لإمبراطورية قروسطية
المؤلـف: جوديث هارين
المترجم: المختار بن موسى بوخمسين
الناشـــــــر: المركز الأكاديمي للأبحاث، النجف، 2023

في هذا الكتاب المتفرد، تميط جوديث هارين اللثام عن الثراء الجم للحضارة البيزنطية العتيقة، لتناقش جميع تمظهرات بيزنطة من الناحية الثقافية والاجتماعية. فتتجول مع القارئ عبر تفاصيل البهارج البيزنطية كالاحتفاليات الفخمة وبروتوكولات البلاط الإمبراطوري والجماليات الأخاذة لكنيسة الحكمة المقدسة (آيا صوفيا)، ثم تأخذنا في جولة عبر العوالم الفاتنة لزهاد الأديرة ومخصيي القصور وخدام البلاط وحرفيي العمارة والفن. وقد فعلت ذلك مع الابتعاد عن رواية الأحداث بالترتيب الزماني لأحداث الإمبراطورية البيزنطية الممتدة على أكثر من ألفية كاملة من التاريخ، لتركز على تساؤل جوهري عن بيزنطة: ما هي بيزنطة وكيف تؤثر إلى زمان الناس هذا في تشكل الأحداث؟
وتعمد هارين -بتركيز موجز- في كل فصل من فصول الكتاب إلى الحديث عن فكرة أو حدث أو صرح أو شخصية تأريخية تجسد (بيزنطة) لتستعرض من خلال تلك الفكرة تاريخها الطويل والعريق بشمولية حاسمة. إن هذا الكتاب لهو عمل إبداعي مكثف المعلومات، تقدمه لنا واحدةً من أبرز علمائنا المعاصرين في هذا المجال، لتكشف عن هذه الحضارة العظيمة، وتبين نهضتها نحو قمم التفوق الثقافي والعسكري، ثم تدميرها الدراماتيكي المذهل على يد الحملة الصليبية الرابعة، ثم انبعاثها مجدداً نحو المجد، حتى وقوعها في يد العثمانيين عام 1453 للميلاد.



الكتــــــاب: تجلي الإله.. جدل الإلهي والإنساني في الثقافة الإسلامية
المؤلف: الدكتور أحمد سالم
الناشــــــر: مؤمنون بلا حدود، بيروت، 2024

لا يتجلى الوحي في التاريخ الزمني إلا عبر التفسير البشري له، ومن هنا تكون النقلة من الإلهي إلى الإنساني، ومن المقدس إلى البشري من خلال تفسيرات العلماء لهذا الوحي، فالوحي هو رسالة السماء إلى الأرض، وهو في الوقت ذاته نداء الأرض إلى السماء بالسؤال والاستفسار. من هنا كانت علوم الدين هي تفسيرات وقراءات للوحي في مجالات كل علم من العلوم الدينية، فعلم الكلام يعالج أصول الاعتقاد الديني في الإسلام، وعلاقتها باعتقادات الأديان الكتابية الأخرى كاليهودية والمسيحية، ويعالج الرد على الثنوية والدهرية والصابئة. وتظل الأزمة الكامنة في علم الكلام هي نتيجة للاعتقاد بأن تجلي المطلق (الله) في أرض النسبي (الإنسان) لا يكون إلا بالمطلق، لأن تجلي المطلق لا يتم إلا عبر لغة النسبي وأدواته في المعرفة والفهم والاستيعاب، تلك الأدوات المشروطة بظروف البيئة والزمان والمكان، وهو ما يؤدي إلى اختلاف البشر حول نصوص الوحي نتيجة لاختلاف ألوانهم ولغاتهم وبيئتهم وثقافتهم وزمانهم ومكانهم، ونظمهم المعرفية والثقافية. لذا صار من المستحيل إدراك صورة الله بشكل واحد، وذلك لأن الله المطلق، مستحيل أن يتجسد على الأرض بصورة مطلقة لعجز النسبي (الإنسان) عن استيعابه.



لطيفة إبراهيم السالم.. الزحف الأبيض المتلاشي

مُني مواليد الخمسينات من القرن الفائت بأكثر مما كان متوقعاً، وذلك عيّشه بين عالمين اقتصاديين - اجتماعيين، وفضائين سياسيين - دينيين، تغيرا حتى لم يعد أحد من ذلك الجيل يستطيع التوازن.
وقد عانى هذا الجيل من مخاض لم ينقض سوى بالصدمات (انفجارات اقتصادية أو انهيارات، تطرفات إرهابية أو انحسارات) فأكثر مبدعيه في حقول الأدب والفن، سواء في الشعر أو السرد أو الرسم أو التمثيل لم تستثمره البيئة أو تدفعه إلى التنامي والازدهار بل واجه الكثير حيال ديوان شعر أو مجموعة قصصية أو معرض لوحات أو مسرحية أو مسلسل، لأسباب وعوامل تستحق إعادة النظر بموجب حفنة كتب قليلة فأكثرهم لم يستطع أن تكتمل سيرته الإبداعية بأكثر من عمل أو مشاريع محفوظة في الأدراج.
غير أن هناك علاقة مضمرة بين الأجيال حين تستكتشف بعضها بوصفهم الأسلاف الإبداعية، وهذا قد انعكس بما سيذكر من شهادة روائي عن القاصة لطيفة السالم.
(قرأت مجموعة قصصية عنوانها: (الزحف الأبيض)، كتبتها لطيفة إبراهيم السالم، وقد أمسكت بي تلك القصص من كمّي، وأخذتني إلى عوالم القصة القصيرة بدهشة، ومنها تعرفت على سعوديين آخرين، من جيل السبعينات والثمانينات، مثل حسين علي حسين، جارالله الحميد، عبدالعزيز مشري، عبدالله باخشوين، إضافة إلى كُتَّاب القصة البحرينيين، الذي راهنوا كثيراً على اللغة، مثل أمين صالح، ومحمد عبدالملك، وعبدالقادر عقيل وغيرهم).
هذا ما ذكره الروائي يوسف المحيميد في شهادة نشرها بعنوان (مصادر تكويني الثقافي وأثرها في نصي السردي) (الحياة، 2016).
تعلق منيرة المبدل حول عالمها السردي، حيث كتبت مادة ممتازة حولها في قاموس الأدب والأدباء في المملكة العربية السعودية، فتقول: (تتصف كتابتها القصصية بالبوح الذاتي، الذي تمتزج معه روح المعاناة، ومعاني الغربة، وشعور القلق، ونزعات التمرد، وهو ديدن كتاب مرحلتها الزمنية. إلا أنها تبقى الأنثى في مضامين ما تكتب، إذ كتبت عن الأم والزوجة، ولا سيما الصابرة والخائفة من الفشل في حياتها الزوجية، كل ذلك مقرون بتصوير سلطة الرجل، وما يقابله من موقف تهميش المرأة وتغييبها. ويبرز في أسلوبها وشائج من الإيحاء، والإشارة، واللغة الشاعرية، والاستبطان، وعمق العاطفة، لانتهاجها نهج التداعي النفسي في سردها. كما تتسم عباراتها بالرصانة، وألفاظها بالانتقاء).
لطيفة إبراهيم السالم. مواليد مكة المكرمة 1951، ودرست مراحل تعليمها الأولى في الرياض، حيث أتمت مرحلة الثانوية العامة (1972)، والتحقت بقسم اللغة الإنجليزية في كلية التربية للبنات بالرياض، ونالت شهادتها عام 1976.
عملت معلمة بالمرحلة المتوسطة للبنات منذ عام 1975، ثم رقيت إلى مساعدة مديرة مدرسة ثانوية عام 1979، ثم موجهة إدارية في مكتب الإشراف التربوي بالرياض عام 1981، وسجلت عضوة في إدارة شؤون المعلمات، قسم الاختيار والتوزيع، ثم رئيسة للقسم نفسه عام 2005، ثم أحيلت إلى التقاعد المبكر عام 2006.
ابتدأت كاتبة مقالة في الصحافة السعودية بين عامي 1973 و1980 ثم جمعت ما نشرت من قصص عدة في الصحافة، في كتاب نشر بعنوان (الزحف الأبيض) (1982). عناوين القصص الـ13: الميت الذي ضاع، الوهم، الزحف الأبيض، الزمن الأسطورة، عرض على المسرح الآخر، قطرة دم، اغتيال الفرح، الحوار الأخرس، بكاء في حلقي، قهقهة، في التجربة، الأمل الذي أرادت، المنطقة الوسط.



آن كلوتيلد زيغلر.. العلاقات العاطفية المأزومة

تعرف نفسها المعالجة زيغلر:
أنا أدعم الأشخاص الذين يبحثون عن أنفسهم أو الذين يواجهون صعوبات شخصية، سواء لسؤال لمرة واحدة يتطلب جلسات قليلة، أو لرحلة متعمقة وطويلة الأمد. أمارس مهنتي كمعالج نفسي منذ 33 عاماً.
بعد دورة جامعية في علم النفس وعلم الاجتماع، تدربت على العلاج النفسي. أنا أيضاً أتعامل مع الجسم، إذا لزم الأمر: لديّ شهادة جامعية في علم أصول التدريس الإدراكي (وتسمى أيضاً علم أصول التدريس النفسي الجسدي أو علاج اللفافة). وكما قال أبراهام ماسلو، عندما لا يكون لديك سوى مطرقة، فإن كل المشاكل يكون لها رأس مسمار! وبالتالي فإن الفكرة لا تقتصر على مجرد الحصول على مطرقة.
الغيرة العاطفية
من منا لم يختبر هذا الألم الرهيب الذي لا يطاق؟ الخوف، الغضب، الحزن، الاشمئزاز، العار..، الغيرة الرومانسية هي مزيج متفجر من العواطف والمشاعر، يغذيها الخوف من فقدان حب الآخر. عندما تكون الغيرة مبنية على خيانة حقيقية، فإن الغيرة الرومانسية تكون رد فعل طبيعي ومشترك. إنه يضرب حيث يؤلم لأنه يضعف احترام الذات والحميمية والحصرية في علاقة الشخص، ولكن أيضاً لأنه يتردد صداها مع آلام الطفولة.
بالاعتماد على قصص عديدة من 30 عاماً من الممارسة كمعالجة نفسية، تغرقنا آن كلوتيلد زيغلر في قلب عذاب الغيرة. بفضل شبكة التحليل الدقيقة والمنهجية، فإنها تقدم عملاً شاملاً للغاية يسمح لنا بمواجهة محنة الغيرة والتغلب عليها لتحويلها إلى فرصة للتطوير الشخصي.
1- كم هو مؤلم، 2- لماذا هو مؤلم؟.3- كيفية الخروج منها؟
نقاط الضعف الخاصة بكل شخص والتي تشعلها الغيرة من جديد، مرتبطة بأنماط العلاقات المختلفة والسيناريوهات العاطفية التي أنشئت خلال مرحلة الطفولة: (سينتهي بي الأمر إلى أن يتم التخلي عني)، (لا شيء يمكن أن يرضيني)، (لا أستطيع بمفردي)، (هناك هناك خطب بي).
المنحرفون النرجسيون
يتقدم المنحرفون النرجسيون ملثمين، وتحت وجوههم المختلفة، يبنون علاقات سيطرة مدمرة لفرائسهم ولمن حولهم. تكشف آن كلوتيلد زيجلر الآليات التي تعمل في هذه العلاقات السامة، سواء كانت الوجوه المختلفة للمفترس ولكن أيضاً وجوه الضحايا، لتوجيههم نحو طريق المرونة.
بالاعتماد على تجربتها كمعالجة نفسية، تخاطب آن كلوتيلد زيجلر أولئك الذين وقعوا، بشكل مباشر أو في محيطهم، في قبضة تأثير المنحرف النرجسي. ومن خلال الأمثلة العديدة المأخوذة من ممارسته، يقدم رؤية واضحة لهذه الظاهرة السامة، وتحليلاً لآليات العمل في هذه العلاقات المرضية، وسبل المرونة للهروب من التأثير وشفاء الآثار التي تركتها.
1 - آليات العلاقة الرقابية بين المنحرف النرجسي وفريسته.
 2 - معايير التعرف على الانحراف النرجسي.
 3 - الوجوه المختلفة للمنحرف النرجسي.
 4 - ضحايا السيطرة.
 5 - مسارات المرونة.
لماذا بقيت؟
هذا هو السؤال الذي يطرحه الأشخاص الذين تركوا علاقة مع منحرف نرجسي على أنفسهم دائماً، عندما يبدؤون في التراجع عن تاريخهم، مع انطباع بالاستيقاظ من حلم مزعج. وأمام هذا اللغز المؤلم -، لماذا نبقى تحت السيطرة؟، تقدم زيغلر إجابات واضحة هنا لمساعدة الأشخاص المعنيين على تحقيق السلام مع تاريخهم وإعادة بناء أنفسهم بعد علاقة سامة.



الكتـــــاب: شمال نجد.. يوميات رحلة استكشافية على ظهور الإبل
المؤلــف: ألويس موسيل (1868 - 1944)
المترجـم: عطية بن كريم الظفيري
الناشــــــر: مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، الرياض، 2023

تناول الكتاب بالبحث والتفصيل ملامح مهمة من تاريخ المملكة العربية السعودية قبل مرحلة التأسيس وبعدها، وذلك من خلال الكتب التي ألفها عدد كبير من المستشرقين والرحالة الغربيين خلال زيارتهم للجزيرة العربية عبر مراحل تاريخية متعددة. ويتضمن الكتاب الواقع في 390 صفحة سبعة فصول، يتناول فيها المؤلف رحلته منذ البدء حتى نهايتها، حيث قام برحلته إلى نجد في العام 1915.
وقد تناولت فصول الكتاب رحلة موسيل متنقلاً بين أمكنة مختلفة في السعودية، فنجده يحكي رحلته من الجوف: دومة الجندل إلى الثعلبية، من الثعلبية إلى جنوب وادي الرمة، من مخيم شمّر إلى موقق، من موقق إلى العلا، من العلا إلى لينة على امتداد التخوم الجنوبية للنفود. ويواصل سرد مسارات رحلته في ديار قبيلة الظفير وصحراء الدهناء، من لينة إلى النجف عن طريق الحج القديم.
كما يضم الكتاب ثمانية ملاحق تناول فيها بالرصد والتوصيف طريق الحج من الكوفة، وصفحات من تاريخ زرود وضواحيها والثعلبية ومحطة فيد في التاريخ وخالد بن الوليد في بزاخة وصفحات من تاريخ تيماء، ويسجل ملحوظات تاريخية حول واقصة وضواحيها، وغيرها من الموضوعات، بالإضافة إلى عدد من الصور النادرة للأماكن التي شاهدها خلال رحلته.
وتتبدى أهمية الكتاب في كونه يشكل مصدراً مهماً في معرفة حياة البادية والتجمعات البدوية وعاداتها وتقاليدها، يقول موسيل في مقدمة كتابه (خلال رحلاتي في الصحراء العربية عام 1909 رسمت خريطة لحدود النفود الشمالية والغربية- ولقد قررت أن أستكشف في وقت لاحق الأطراف الجنوبية والشرقية للصحراء، والمضي قدماً -من خلال طريق الحج- إلى الكوفة لكي أكمل رسم خريطتي لشمال الجزيرة العربية، ويمثل الكتاب الحالي سجل هذه الاستكشافات التي جرت في العام 1915).
كتاب موسيل يضم مادة جمعها من المخطوطات والمواد المطبوعة، ومن الأقوال الشفهية التي استقاها بشكل شخصي من الشخصيات التي قابلها في جزيرة العرب، ومن تعرفه على شيوخ القبائل العربية وصداقته لهم.
وقد سجل موسيل في رحلته كل الأماكن التي عبر بها ومن هنا فقد قدم دراسة ميدانية عزز مكانتها استيعابه للغة العربية، وآفاقه الفكرية الواسعة من اهتمامه بالمعالم الطبوغرافية والآثارية، وقد قسم رحلته إلى قسمين، خصص الأول لدراسة مسحية ميدانية على أرض الواقع، والقيام بقياس المسافات وتحدي المعالم الطبوغرافية، والثاني للغوص في بطون الكتب العربية الجغرافية والتاريخية القديمة، ومقارنة هذه المواضع والمعالم الجغرافية بما ورد بالكتب المرجعية التي تجاوزت الثلاثين مرجعاً.والبروفيسور ألويس موسيل أو موسى بن نمسا أو الشيخ موسى الرويلي عالم نمساوي -تشيكي لاهوتي، اهتم بكتاب العهد القديم والكتب اليونانية والرومانية والآرامية، والكتب العربية الجغرافية والتاريخية والأدبية القديمة في العصر الذهبي للحضارة العربية- الإسلامية، درّس في جامعة فيينا في النمسا، وفيما بعد درس في جامعة تشارلز في براغ (جمهورية التشيك) قسم الدراسات الشرقية.
قطع في سبيل العلم مسافة 21 ألف كيلومتر من الرحلات الصحراوية على ظهر بعير، وأصدر أكثر من خمسين كتاباً، بما في ذلك ستة مجلدات مصورة نشرتها الجمعية الجغرافية الأمريكية، ونشر نحو 1200 مقال علمي، وأكثر من 500 قصيدة نسخها وترجمها، والآلاف من صور المواقع الأثرية والمناظر الطبيعية والأشخاص وبيوت شعر البدو، والخرائط الطبوغرافية والمسوحات للأقاليم التي لم يرها الغرب من قبل، والاكتشاف المثير لقصير عمرة، وهو يعد الآن من مواقع التراث العالمي.



الكتـــــاب: هل نحن أذكياء بما يكفي لندرك مدى ذكاء الحيوانات؟
المؤلف: فرانس دي وال
المترجم: إيمان معروف
الناشــــــر: شركة جليس للنشر والتوزيع، الكويت، 2023

يطرح فرانس دي وال تساؤلاً بأنه: هل سرحت بنظرك للفضاء الخارجي، يوماً، بحثاً عن علامات الذكاء؟ حسناً، ينبغي علينا أن ننظر هنا على الأرض، وكما يقول اختصاصي سلوك الرئيسات (فرانس دي وال) في كتابه، (هل نحن أذكياء بما يكفي لنعرف كم أن الحيوانات ذكية؟).
لعدة قرون، سيطر على العلماء هاجس العثور على الفارق الأساسي الذي يفصل البشر عن الحيوانات الأخرى، أشياء مثل استخدام الأدوات والتعلم بالملاحظة والتخطيط المُستقبلي. وما إن تم رسم هذا الخط على الرمال حتى كانت الشمبانزي والغربان والأخطبوطات، تخطو وتطير وتسبح إلى ما هو أبعد من هذا الخط. لقد حان الوقت لإيقاف هذا المسعى العقيم، كما يقول (دي وال): بدلاً من محاولة إثبات التفوق البشري، دعونا نستخدم أدمغتنا الكبيرة لرؤية العالم من وجهة نظر الأنواع الأخرى.
أعتقد أننا سئمنا النظرية السلوكية، التي كانت سائدة في القرن الماضي. العديد والعديد من الظواهر، لحيوانات تفعل أشياء لا يمكن تفسيرها بالغريزة البسيطة أو بالتعلم البسيط بالتقليد. وجيل الشباب هو أكثر انفتاحاً بكثير لرؤية ما يمكن للحيوانات أن تفعله.
لماذا نريد أن نحكم على الخفافيش أو الإخطبوطات بشروط البشر؟ إنها لا تعيش حياة البشر. تفعل الحيوانات، في سياقاتها الخاصة، أشياء لا يمكننا أن نباريها أبداً. هناك طيور تتذكر 10,000 موقع لبذور خبأتها، ويستطيع الأخطبوط محاكاة لون البيئة، ويستطيع الخفاش الكشف عن مواقع أشياء بالغة الصغر في الظلام الحالك. يجب أن نتوقف عن التساؤل عمن هو أفضل، والبدء في محاولة لشرح كيف يمكن للحيوانات أن تفعل هذه الأشياء المدهشة.
ويبدو أن اختبارات الذكاء قد تم تصميمها بشكل منحاز ضد الحيوانات، وهذا لم يكن متعمداً، الأمر فقط هو أننا لا نأخذ في الاعتبار رؤية الحيوانات الخاصة للعالم. فعلى سبيل المثال، اعتقد الناس أن الفيلة لا تستطيع التعرف على أنفسها في المرآة، (بسبب) دراسة كان لديهم فيها مرايا صغيرة جداً. ولكن عندما فكر شخص ما في إعطاء الفيلة مرايا بحجمها، وبإمكانها لمس وشم ما وراء هذه المرايا، فإنها استطاعت اجتياز اختبار المرآة .
عندما نقارن القردة بالأطفال، يبدو الأمر لنا وكأن الاختبار يتم في ظروف متماثلة، لكنها ليست متماثلة بالنسبة للقرود. يكون الطفل في المختبر، يتفاعل مع أعضاء من نوعه الخاص، يحصل على تعليمات بلغة يفهمها، وربما يجلس في حضن أمه كذلك. ليس لدى القرد أي من هذه الأمور، وهكذا يكون للطفل ميزة هائلة.
وحتى مع هذه العوائق، فالحيوانات تتفوق علينا أحياناً. مثلما حدث عندما تغلب الشمبانزي على البشر في اخبتارات الذاكرة وفي الألعاب الإستراتيجية. واتضح الآن أن الفيلة لديها خلايا عصبية أكثر منا.
كان ذلك مزعجاً قليلاً للناس، لأن بعض العلماء قد قالوا إن أفضل معيار للذكاء، بغض النظر عن حجم الجسم وحجم المخ، كان فقط إحصاء الخلايا العصبية. وكان المُفترض دائماً أن البشر على رأس تلك القائمة. ثم تحول الأمر لأن الفيلة لديها ثلاثة أضعاف الخلايا العصبية التي لدينا، ولذلك فالفيلة الآن على رأس تلك القائمة. وتلك دائماً هي القضية، الناس يأتون بمعايير للذكاء، وللوعي، تفصلنا عن باقي الحيوانات، وهم لا يعرفون ماذا يفعلون إذا ما تفوقت علينا حيوانات معينة بطريقة معينة.

ذو صلة