مجلة شهرية - العدد (576)  | سبتمبر 2024 م- ربيع الأول 1446 هـ

ولد في ستة أيام

سيرة ليست ذاتية كما يجب وقيل عشرة أيام

(كانت بطناً عظيماً) هكذا كان وصفها عندما اقتربت من شهرها التاسع.
ربما هذا الوصف عند من يقرؤه يظنه مبالغة، وليس من قرأ كمن رأى! فمن رآه أو رآها يعلم أنها أي الأم أو أنه -أي البطن- فوق ما تتخيلها أو تتخيله، حتى أن العم دحّام كان أقرب لوصفها عندما أضاف لتلك الجملة، (يدخل المارستان بطنها!).
أما الطبيب فلم يكن له سوى القيام بواجبه، مِن شقِّ بطنها بأدوات الجراحة.. عملية قيصرية كما يسمّونها، فهي أنهت شهرها التاسع دون أن تلد، ولم يكن أمامه سوى أن يتسلقَ بطنَها، حاملاً فأسه، وعندما انتصف به الطريق أخذ يضربُ أسفلَ سرتِها، حتى أحدث ثقباً، فاندفع ماءُ المشيمة، لينهمر شلالاً دفع الطبيب ليسقط أسفل بطنها.
أفاق الطبيب وبجواره صبي ضخم، أما العم دحّام فقد أخبر بأن حوتاً خرج من بطنها! خرج فهاج بحر العقير، وثار الغبارُ حتى انطمست جواثا وضاعت خارطتها!
تلك الحادثة كانت في الثامن عشر من مارس، خرج الصبي من بطن والدته، أما الأم فلم تصحُ بعد وضعها، ولم ترَ وليدها، لذلك خشي من حولها على صحتها، غير أن العم دحّام أخبرهم أن عليها أن تنام، وأن يتأكدوا من أنها تتنفس وحسب، فلما اطمأنوا إلى حركة صدرها الذي يعلو وينخفض، والهواء الذي يخرج ويعود ثانية إلى رئتها، تركوها وشأنها كما أخبرهم العم دحّام، لكن الطفل لبط ولبط كحوت حتى تلاشى بين أيديهم، فلم يكن له أثر.
خشي الطاقم الطبي من فقدان الصبي، وخمّنوا أنه عاد إلى أمّه النائمة، ولما دخلوا غرفتها، وجدوا أن بطنها عاد ثانية، لكنه أقل من ليلة البارحة، قالت إحدى المطببات إنها رأت الحوت يعود إلى رحم أمه، وأخبرت أخرى أنها كانت بجوارها ولم تر شيئاً أبداً، كل ما رأته أن الحوت فرَّ ماشياً على قدميه ولحق بالعم دحّام وخرج معه، ودلّلت ثالثة أنه لو عاد إلى بطن أمه لعاد البطن إلى سالف عهده بل أضخم، لكن البطن الآن أصغر مما كان عليه، فعاود الطبيب الكرّة، قفز إلى أسفل سرتها، وحدث ما حدث ليلة البارحة، وهكذا كان الأمر حتى عاد بطنها كبطون النساء، في الرابع والعشرين من شهر مارس، ولدت دون حاجة لطبيب، وخرج من بطنها صبي صغير.. صغير جداً، لا يكاد يبلغ وزنه الكيلوين، صبي هزيل وصفه العم دحام بالحمل الصغير تشبيهاً بمولد نعجته التي وضعت في الليلة ذاتها، فرح والده إذ كان أولَ مولود له، وجاء ذكراً، سمّاه أحمد كما أراد جدّه، ولم يدون إلا في الثامن والعشرين من مارس، أما العم دحّام فكان يناديه (أحيمد) منذ مولده وحتى وفاته وهو يسرد ميلاد الحوت العظيم الذي التهم المستشفى وصار حملاً وديعاً.

ذو صلة