كانت تتعجب وهي تقف أمام صديقاتها اللائي رحن يتفنّنّ في رسم القلب على الورق أو على الحيطان أو على الأشجار، وكثيراً ما كانت تتمنى أن تقلدهن.
***
من فرط سعادتها راحت ترسم القلب على جميع أغلفة كراساتها، وعلى حيطان البيت، وعلى سلم العمارة، بل وصل بها الحال أن ترسمه في كف يدها.
***
- إلى متى سيظل القلب مفتوحاً هكذا دون وضع حرفين..؟!!
كثيراً ما كانت تسأل نفسها في تمنٍ، دون أن تصل إلى إجابة
***
الأيام تمر..
والقلب المفتوح لم يزل يصرخ ألماً..
وحزنها يكاد يفتك بها كلما رأت حرفين يسيران أمامها في سعادة متشابكي الأيدي..
في سعادة غامرة وضعت أول حرف من اسمها في الجانب الأيمن من القلب المفتوح، كي يعطيها مزيداً من الأمل والتفاؤل..
***
الأيام تمر..
ونصف القلب المفتوح لم يزل يصرخ ألماً..
تثني أصابع يدها اليمنى دون أصغرها..
في نشوة تظل تقبله قبلات عدة..
يسير أصبعها المغموس بقبلاتها في بطء شديد فوق جوانب قلبها المرسوم، ومن ثم تمرر أصبعها فوق حرفها الواقف في صمت وحزن..
- إني أتألم أشد الألم كلما رأيتك على هذه الحالة.. أرجوك.. أرجوك لا تحزن.. فحزنك حزني، وألمك يقتلني في بطء.. أعدك.. أعدك أن جلستك هنا وحيداً لن تطول.. نعم لن تطول.. قريباً سيأتي إليك سريعاً من يعانقك، ويؤنس وحدتك..
أخذ الحرف نفساً عميقاً، ثم أومأ إليها برأسه:
- سمعاً وطاعة..
***
تلاقيا..
تهامسا..
تقاربا..
تعانق الحرفان..
***
أمسكت بسكين آلامها وظلت تجرح/ تزيل الأحرف من داخل القلوب..
كل القلوب المرسومة، بعد أن جرحها ذاك الحرف -الذي انتظرته طويلاً- وفر هارباً.