مجلة شهرية - العدد (576)  | سبتمبر 2024 م- ربيع الأول 1446 هـ

باقة من زهور البواردي

تناثرت زهور الأديب سعد البواردي على صفحات المجلة العربية على مدى سنوات، وكانت تمثل لقراء المجلة العربية غذاء أدبياً روحياً، ومحطة استراحة تأملية بين مواد المجلة الدسمة.
والبواردي هو شاعر وأديب سعودي، واسمه: سعد بن عبدالرحمن البواردي، من مواليد شقراء عام 1929م.
وفي تصوري أن حضور اسم سعد البواردي على المساحة الأدبية السعودية باختلاف أرضيتها من تلفزيون وإذاعة وصحافة من وقت لآخر؛ أمر من الضرورة بمكان، فهو أحد الرواد الأوائل للصحافة والأدب السعودي، والأمر ينطبق على بقية الرواد في مختلف مجالات مشهدنا السعودي.
تميز البواردي بحضوره الأدبي المتنوع، فهو الناقد والشاعر والكاتب، ويعتبر من أنصار التجديد والتحديث في الشعر السعودي، مع الابتعاد عن الإغراق في الرمزية. كما أنه ممن يرون أهمية الشعر النبطي، ويضعه بمنزلة موازية للشعر العربي الفصيح؛ متى ما توافرت فيه شروط معينة.
وفي مجال الصحافة كان للبواردي حضوره المبكر واهتمامه الذي تجسد في عدد من المشاريع الصحافية من كتابة واهتمام، ومنها تجربته في إصدار مجلة جاءت تحت مسمى (الشعاع) في العام 1375هـ - 1955م.
وفي هذه الأسطر سنتوجه إلى كتابات البواردي النثرية التي احتوتها دفتا المجلة العربية على مدى سنوات، وسنعرض مختارات متنوعة من هذه القطع الأدبية الإبداعية:
بين الصداقة والحب: الرجل يفضلها صداقة قبل الحب، والزوجة تفضله حباً قبل الصداقة، ولكل منهما رغبة خاصة به، إلا إن المرأة برغبتها هي الأقرب إلى الصواب.
***
لكل شيء على وجه الأرض وجهان: (حي وميت)، حتى البحار يوجد بحر حي بمكوناته، وبحر ميت لا حياة فيه، ولا حياة عليه.
***
الفرق بين المدينة والقرية: أن القرية دون فوارق اجتماعية: المأكل متساوٍ، المشرب متجانس، الملبس متماثل؛ الحياة في مجموعها فطرية بسيطة دون تصنع. بينما المدينة على النقيض من هذا: عالم يحلق بأجنحة حتى السماء، وعالم يكاد يلامس التراب، لا يقوى على التحليق، بل لا يقدر على الحركة.
بين المستويين غير المتماثلين تتجسد الجفوة وروح التقاطع وانفصام الشخصية. القرية قريبة إلى الإنسان، والمدينة غريبة؛ لأن نهم الحياة فيها تحول إلى وهم.
***
كي تحب لا بد أن تكون نفسك مجنوناً بالحب، كي تجد عاقلاً يحبك بالحب.
***
لا تسل عن الغد، فسوف يأتي الغد بما فيه دون حاجة إلى سؤال.
***
حين تتكسر أقداح المحبة لا يجد الأحبة ما يشربون..
***
شتان بين من يزرع سنبلة أكل، ومن يزرع قنبلة قتل. الأول يبني، والثاني يفني.
***
للذباب طنين، وللذهب رنين، وللذهاب حنين، وللذل أنين. أشياء تجمعها الحياة بكل دلالاتها رغم أنها لا تجتمع عند مفهوم واحد، ولا نقطة واحدة، ولا تحت سقف واحد.
***
إذا كانت الحياة هي الحياة؛ فلماذا الإسراف في إهدار الحياة والتعجيل بنضوبها؟!
***
أخطر الأشياء أن يتحول المستشفى في أي مكان إلى فندق يعنى برفاهية الجسد أكثر مما يعنى بعافيته.
***
شيئان لا يأتيان إلا مرة واحدة: الحب والموت.
***
حين نمتلك اليقين تبدو الأشياء كل الأشياء أمامنا سهلة وميسورة، ولكن في حدود الإمكانات المتاحة، ليس أكثر ولا أقل؟
وأخيراً:
إن سعد البواردي اسم وضع بصمته التي لا تُنكر في سجل الأدب السعودي والصحافة السعودية، واختار أن يكون الأديب الذي لا يحب الصدام أو الضجيج، وأن يسجل حضوره بتأدب جم، وأدب رفيع.

ذو صلة