ينقل لنا الكاتب برنارد لويس في كتابه (الحشاشون صفحة 20) وصف الرحالة الإيطالي ماركو بولو الذي مرّ عبر إيران عام 1273 للميلاد في وصفه لقلعة آلموت ما يلي: (أنهم يسمون شيخ الجبل في لغتهم ألودين (علاء الدين)، وقد قام بإغلاق وادٍ بين الجبلين وحوله إلى حديقة فيحاء، أكبر وأجمل حديقة يمكن أن تقع عليها عين، وملأها بكل أنواع الفاكهة، وأقام فيها قصوراً ومقصورات أروع ما يمكن تخيله وجميعها مغطاة برسوم فاتنة ومموهة بالذهب، وجعل فيها جداول تفيض بالخمر واللبن والعسل والماء، وأقام على خدمة الحديقة فاتنات من أجمل نساء العالم يجدن العزف على مختلف الآلات الموسيقية ويغنين بأصوات رخيمة ويؤدين رقصات تخلبُ الألباب، ذلك لأن شيخ الجبل كان يريد أن يوحي لشعبه أن هذه هي الجنة الحقيقية، ولذا فقد نظمها بالوصف الذي جاء به محمد للفردوس).
هكذا كانت تسيطر طائفة الحشاشين على أتباعها وتجلب لها مريدين لتنفذ عمليات الاغتيال التي اشتهرت بها على مر التاريخ. بعد وفاة حسن الصباح بنحو ثمان مئة وثمانٍ وستين سنة، برز زعيم مروجي الحشيش السيد حسن نصر الله، الأمين العام لما يسمى بحزب الله، صاحبة أكبر شبكات تجارة حشيش ومخدرات بالمنطقة، والتي تعد المصدر الأساسي لدخل الحزب الذي صرح مراراً وتكراراً بأنه يمثل مشروع الولي الفقيه في المنطقة، ذلك المشروع الذي طرحه الخميني، وتتمثل بإدارة شؤون الأمة من قبل الفقيه في زمن غيبة المهدي المنتظر، واعترض عليه عدد من كبار فقهاء الشيعة وعلى رأسهم محمد كاظم شريعتمداري وأبو القاسم الخوئي.
استطاع السيد حسن السيطرة على عقول أتباعه ليس فقط من أبناء الطائفة الشيعية وإنما من الطوائف الأخرى بشعاراته الرنانة؛ كتحرير القدس والتراب الفلسطيني بالكامل والقضاء على الصهيونية والإمبريالية، ولكنه كشَّر عن أنيابه في عام 2011 مع بداية الحرب السورية وأزال عن وجهه قناع المقاومة والصمود الذي طالما دغدغ به مشاعر العرب بكافة طوائفهم، وأظهر طائفيته المقيتة وشعوبيته النتنة حين ارتكبت ميليشياته أبشع الجرائم من قتل وتجويع وتهجير في حمص وحماة وحلب وإدلب وريف دمشق والقلمون بحق الأطفال والنساء والشيوخ، حتى أن أحد أفراد الحزب أثناء قيامه بتلك الجرائم أقسم أنه لن يبقي سنياً على وجه الكرة الأرضية، وأنه سوف يذهب إلى السعودية (ليقشط الكعبة من آل سعود) على حد زعمه.
قبل عدة أيام قُتل السيد حسن في غارة إسرائيلية، وتبعه بعدة أيام خليفته وابن خالته السيد هشام صفي الدين، الذي قتل في غارة إسرائيلية أخرى على الضاحية الجنوبية، بعد أن أوصلوا لبنان والمنطقة إلى حروب عبثية ومدمرة، وعلى الرغم من ذلك كله مازال هناك محششون من بقايا اليسار البائد والمتعاطفين مع الإخونج، اختاروا أن يغيِّبوا عقولهم عمداً ليدافعوا عن نهج هؤلاء ممن يصفون أنفسهم بأنهم مفكرون ومثقفون عروبيون وإسلامويون، متهمين السعودية، قلب العروبة ومهد الإسلام، بالعمالة للغرب، بل ومتناسين ما تقوم به من دور جبار في الدفاع عن قضايا العرب والمسلمين، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، حين رفضت كافة أشكال التطبيع، دون تنفيذ شرط إقامة دولة فلسطينية مستقلة على أراضي عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، بالإضافة إلى محاولتها المستمرة لإعادة سوريا والعراق واليمن إلى الحضن العربي والقضاء على النفوذ الفارسي فيها.
يقول شاعر الوطن خلف بن هذال:
نسمع بنبح الكلاب ولا تجننا
الكلب له حربه بكره نسننها
من دون صهيون.. بذتنا صهاينا
تفكر بالإسلام وتركز كماينها