قال إسحاق الموصلي بعد أن غنّى:
غاب عني من لا أُسمّي فعيني كل يوم وجداً عليه تسيل
أنشدني بعض الأعراب لنفسه:
ألا قاتل الله الحمامة غدوة على الغصن، ماذا هيَّجت حين غَنّتِ
تَغنّت بصوت أعجمي فهيّجت من الوجد ما كانت ضلوعي أجنّت
فلو قطرت عين امرئٍ من صبابة دماً قطرت عيني دماً وأَبلّتِ
فما سكتت حتى أويت لصوتها وقلت أرى هذي الحمامة جُنّتِ
ولي زفرات لو يَدُمْنَ قتلنني بشوق إلى هاتي التي قد تَولّت
إذا قلت هذي زفرة اليوم قد مضت فمن لي بأخرى في غدٍ قد أظلّتِ
فيا مُنشِرَ الموت أَعنِّي على التي بها نَهَلَتْ نفسي سقاماً وَعَلّتِ
لقد بخلت حتى لو أني سألتها قذى العين من سافي التراب لَضَنّتِ
فقلت ارْحلا يا صاحبيَّ فليتني أرى كل نفسٍ أُعطَيتْ ما تمنّتِ
حلفت لها بالله ما أُمُّ واحدٍ إذا ذَكَرته آخرِ الليل أنّت
ولا وجد أعرابيةٍ قذفت بها صُروف النوى من حيث لم تَكُ ظنّتِ
إذا ذكرت ماء العُذَيب وطيبه وبردَ حصاهُ آخر الليل حَنّتِ
بأكثر مني لوعة غير أنني أُطامِنُ أحشائي على ما أَجنّتِ
* من معجم الأدباء ج6، ص40 وما بعدها (والحديث عن إسحاق الموصلي)