تعد المجلة العربية واحدة من أهم المجلات الرائدة في العالم العربي، إذ تعود جذورها إلى بداية السبعينات من القرن الماضي. وقد سعت جهدها إلى أن نحت ذاتها وتأصيل كيانها باستحداث مسالك بكر في مناهج الكتابة والبحث والسير ضمن خط تحريري بيِّن ميسمه الجدية في طرح المواضيع والرصانة في المعالجة، فكان البون شاسعاً بينها ومجلات أدبية أخرى سرعان ما تداعى صرحها وخبا صيتها لتتوارى حيية بين دفات التاريخ الذي لا يرحم الزلات أياً كان نوعها. فالمجلة العربية صمدت سنين عددا أمام الهزات السياسية والثقافية والفكرية العنيفة التي اخترقت ربوع وطننا وحاولت أن تعصف به وتدك أركانه، فظلت ثابتة ديدنها الالتزام بالحيادية والموضوعية في ما تنشر أو تعرض من حوارات ولقاءات مع أساطين الفكر والأدب والفلسفة، فهي أبعد ما يكون عن المشاحنات الأيديولوجية، لأن هاجسها الأول الدقة والوضوح وتقصي شعاب مشاغل الإنسان المعاصر والتوغل في أدق تفاصيلها، متحررة بذلك من ثقل القيود الزمانية والمكانية التي تشدها إلى المحلية الضيقة لتكون صوت الإنسان العربي عموماً. ولا يفوتني ونحن نحتفي باليوبيل الذهبي للمجلة العربية أن أنوه بتجربتي الماتعة المائزة في رحابها، فقد كان لدي مقال شهري يصدر بالمجلة استمر مدة لا بأس بها قبل أن يتوقف.
* روائي وأديب جزائري