كنت ومازلت من قراء (المجلة العربية)، ولي معها رفقة درب طويلة تمتد منذ صدورها عام 1395هـ حتى الآن، وكنت حريصاً على اقتنائها شهرياً من مكتبة الثقافة بالطائف خلال تلك الفترة، لأستمتع بما تحويه من أدب وثقافة وعلوم جاذبة، وبصدورها أسهمت في نهضة الأدب السعودي مع مثيلاتها من المجلات الأدبية الصادرة في تلك الحقبة؛ كالمنهل وقافلة الزيت ومجلة الفيصل ومجلة الرائد ومجلة العرب.
وقد تعاقب على رئاسة تحريرها مجموعة من الأدباء المعروفين بدءاً من الدكتور منير العجلاني، ثم الأديب حمد بن عبدالله القاضي، وكانت فترته أطول فترة تجلت المجلة خلالها بالنهوض والتوسع أدبياً وثقافياً، محلياً وخارجياً، ويذكر أن معالي الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ وزير المعارف آنذاك -يرحمه الله- قد أشرف على تحريرها في الفترة الواقعة بين استقالة الدكتور منير العجلاني، وتكليف الأستاذ حمد القاضي، وقد أسهم فيها بمقال شهري تحت عنوان (خواطر جريئة).
وعن الانطلاقة الأولى لهذه المجلة العريقة تاريخاً ومسيرة يقول الدكتور عبدالله ثقفان في كتابه المصاحب للعدد (556) ص 9 لعام 1444هـ من هذه المجلة: (في وقت كانت فيه المنابر الثقافية في عالمنا العربي محدودة جداً قدحت فكرة تأسيس مجلة عربية ثقافية تصدر عن المملكة العربية السعودية، تهدف لخدمة الثقافة العربية الإسلامية بشكل عام، وهي فكرة قدمت في شكل رسالة للملك فيصل قبل وفاته -يرحمه الله- حيث تمت الموافقة عليها بشكل سريع وخلال شهر من رفعها، إذ كان تاريخ الرسالة في27/2 /1394هـ، والرد بالموافقة في 25/ 3/1394هـ بموجب أمر ملكي رقم 8327 إن هذه الفكرة قد وافقت هوى في نفس الملك وهو يحاول بناء البلاد والاهتمام بالثقافة العربية الإسلامية ومحاولة إحيائها والنهوض بالأمة حيث كان رائد التضامن الإسلامي).
ثم تولى رئاسة تحريرها بعد ذلك الباحث محمد بن عبدالله السيف واستطاع، برؤيته الثقافية وفكره النيّر وبعد نظره، أن يواكب بها مسيرة نهضة البلاد المباركة وأن يمنحها ملامح جديدة تواكب ظروف العصر ومتطلباته تجديداً وتغييراً ومسيرة جعلت منها وجهة جاذبة لرواد الفكر والأدب والثقافة والعلوم محلياً وخارجياً، وأصبحت تمثل في شكلها ومضمونها مدرسة للإبداع، ومرتاداً لرواد الفكر والأدب والعلوم (قراءً وكتاباً) على المستوى المحلي والخارجي، ومما زادها تألقاً وجذباً خلال مسيرتها المشرفة وتفوقت به على غيرها: الملف الذي يتصدر مواد كل عدد تناقش خلاله العديد من القضايا الأدبية والثقافية والعلمية والتراثية وما في حكمها لكبار الكتاب والمفكرين والباحثين، إضافة إلى الكتاب المجاني المصاحب لكل عدد من أعدادها الحاوي لبحث في شأن من شؤون الأدب والثقافة القديمة والمعاصرة، ودعم الأقلام الواعدة وتشجيعها وصقل مواهبها لتحقيق طموحاتها الحالية والمستقبلية.
لقد عشت في صحبتها ككتاب ثمين يجمع بين دفتيه شتى العلوم والآداب منذ صدورها حتى الآن ويتصدر بعض أعدادها ركن المجلات الخاص بمكتبتي والتي أعود إليها بين الحين والآخر إما باحثاً أو قارئاً أسترجع ذكرياتي عبر تاريخها العريق ورفقتها الجميلة الحافلة بلذيذ القول وأعذبه.
وفي ختام هذه المشاركة لا يسعني إلا أن أبارك لمجلتنا العربية الناهضة المزدهر ولأسرة تحريرها بمضيها (50) عاماً من العطاء في خدمة الأمة والوطن في العهد الزاهر عهد رائدي النهضة والازدهار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله.
***
شعارها:
ومن تكن العلياء همة نفسه
فكل الذي يلقاه فيها محبب
وإلى الأمام على الدوام..