مجلة شهرية - العدد (576)  | سبتمبر 2024 م- ربيع الأول 1446 هـ

الافتتاحية

تطرح (المجلة العربية)، في عددها هذا، سؤالاً عن مركز القوة الجديد الذي يشهده العالم المعاصر، ضمن منظومة مراكز القوى الفاعلة اليوم مضافاً إلى عاملي السياسة والاقتصاد المترابطين تاريخياً، بوصفهما أدوات الفعل والقرار والتأثير. والجواب بطبيعة الحال يكمن في بروز منظومة تكنولوجيا الاتصال والمعلومات والتقنيات الرقمية، بوصفها لاعباً جديداً يؤثر في العاملين التاريخيين؛ السياسة والاقتصاد، ويتأثر بهما.
يحدث هذا بالنظر إلى وجود هذا اللاعب الجديد في صميم المجالين التاريخيين؛ لدى السياسة باستحواذه على كتل الجماهير المستخدمة لمخرجات خطوط الإنتاج التقنية والرقمية والتكنولوجية، عبر قدرته على التحشيد والتكثيف والتأثير والاستقطاب، وخلق التوجهات وتوجيه الاتجاهات. ولدى الاقتصاد عبر استحواذه على رساميل الاستثمار الجديد وارتحال رأس المال في الصناعات التقليدية إلى محافظ شركات التقانة الرقمية.
على هذا النحو يبدو شكل المنظومة القائدة في العالم اليوم متشكلة بصيغة جديدة يرسمها الفعل التكنولوجي الرقمي، بوصفه متناً لا هامشاً في معادلة التأثير التقليدية بين طرفي السياسة والاقتصاد. ولهذا أخذت الدول ذات الرؤى الإستراتيجية في تعزيز بُناها الرقمية بما يضمن لها، مستقبلاً، التحصين الداخلي وامتلاك صوت التأثير الخارجي.
عالمياً تبدو الدول المتقدمة مثل أمريكا والصين تحديداً ومعها دول أوروبا وروسيا في منافسة شديدة الاحتدام. وفيما يتعلق بالحالة العربية، فثمة دول أظهرت براعة وتقدماً صادماً للكثير من دول العالم، مثل السعودية، التي أحرزت أرقاماً عالمية تفوقت فيها على دول المنشأ التكنولوجي والرقمي، إلى جانب بعض دول الخليج العربي.
الإنجاز في هذا المضمار بدأ في لبناته الأولى. والطريق إلى التفوق والثبات والاستدامة يتطلب جهوداً لا تتثاءب، والأمل أن تُسارع دول العالم العربي نحو حجز أماكنها المتقدمة في سياق البناء الجاد ضمن منظومة الحضارة الرقمية المقبلة.
(المجلة العربية) تحييكم إلى ملفها لهذا العدد، الذي تناقش فيه - عبر مشاركات أقلام عربية بارزة - جدلية التحول الاقتصادي، ضمن بروز العامل التكنولوجي الرقمي الجديد.

ذو صلة