تحت سماء الليل المظلمة، كانت المدينة تسبح في بحر من السكون الثقيل، وكنا نستعد للخروج لقضاء سهرة ممتعة، سمعتُ خطوات متعثرة تقترب من باب الشقة، مما أثار في نفسي شعوراً غريباً من القلق. عندما فتحت الباب، اندفع رجل إلى الداخل بقوة، مغلقاً الباب خلفه بشدة، كأنه يهرب من شيء لا يُرى.
ارتسمت علامات الدهشة والخوف على وجوهنا، بينما رفع الرجل مسدسه بتوتر واضح، وبصوت مختنق بالرهبة قال: (لا أريد أن أؤذيكم. أحتاج فقط إلى ملاذ لبعض الوقت). في تلك اللحظة، تردد في أرجاء المكان صوت خطوات أخرى، خطوات اللصوص وهي تقترب من باب شقتنا، تبحث عنه كوحوش جائعة، مما زاد من حدة التوتر لدينا.
أشار لنا الرجل بالصمت ملوحاً بيديه المرتعشتين، فاستجبنا له بخوف وترقب، وبقينا صامتين كأننا تماثيل من الرخام، في حين احتضنتْ زوجتي بناتنا بقوة، وقفت أنا كحارس مقدام بين الغريب وأسرتي، مستعداً لأي طارئ. مرت الدقائق ببطء شديد، وكل ثانية كانت تمر كأنها دهر من التوتر، بينما جلس الرجل على كرسي في الزاوية، عيناه لا تفارقان الباب، وكأنهما تتضرعان لمرور العاصفة التي تحيط بنا.
تجمعنا معاً، نحاول حماية بعضنا البعض بنظرات قلقة وقلوب مضطربة، ونحن ننتظر بفارغ الصبر أن تنتهي هذه اللحظات المريعة. بعد مرور ما بدا وكأنه ساعة أو ساعتان من الزمن، تلاشت أصوات اللصوص في الخارج، يبدو أنهم اقتنعوا بأن فريستهم قد انفلتت منهم، مما أعاد بعض السكينة إلى نفوسنا.
تنفس الرجل الصعداء، وأخفى سلاحه في جيبه، وقال بصوت مبحوح: (شكراً لصبركم، سأغادر الآن، وأعتذر عن الرعب الذي سببته). ببطء اتجه نحو الباب ناظراً مرة أخيرة إلينا، ثم خرج واختفى في ظلام الليل الذي بدأ يتلاشى مع بزوغ الفجر، تاركاً وراءه ذكريات سهرة لن تُنسى.