كنت ومازلت مولعاً بالقراءة.. دائماً ما أبدأ يومي بمطالعة الصحف والمجلات المصرية والعربية والعالمية، والأحب لدي من بين هذه المطبوعات هي المجلات الثقافية التي تركز على الإبداع بكل تجلياته، فهي تقدم للمبدعين وجبة من الإبداع والفكر والخيال والتغذية البصرية ما يفتح أمامهم آفاقاً للفكر المتعمق وتلهمهم كل في مجاله.
على مدار 50 عاماً كانت المجلة العربية لافتة في مضمونها وإخراجها الفني المنمق.. حاضرة مطلع كل شهر.. وأثبتت على مدار خمسة عقود كفاءة ومهارة ودقة في العمل الصحفي الثقافي والأدبي تجعلني سعيداً بالمجلة والكتاب المرفق معها. وكأي مثقف عربي محب للفنون أتابع المجلة العربية بكل شغف وأطلع على مستجدات الأدب والسينما وتلفتني الملفات الشهرية بطرحها آراء متنوعة من مختلف أنحاء العالم العربي حول قضايا ملحة بعينها.. ما يعطي القائم على العمل الثقافي نظرة كلية وشاملة للمنطقة العربية ثقافياً وإبداعياً.
المجلة سعت بكل جدية وعزم على نشر المحتوى الهادف وتنوع ملفاتها اعتماداً على تغير مفهوم الثقافة واتساعه ليشمل كل مناحي الحياة اليومية. ونجحت في تسخير التكنولوجيا لتصل الثقافة لكل مواطن عربي عبر موقعها الإلكتروني وهو ما ينم عن هدفها النبيل في تطويع كل أدوات العمل الثقافي.. أجد في المجلة العربية منصة للفنانين والكتاب لعرض أعمالهم وتبادل الأفكار، مما يساهم في دعم الإبداع وتطوير المواهب، من خلال توفير مواد متنوعة ومتعددة الرؤى، وبهذا تقدم المجلة رسالتها السامية في تعزيز التفكير النقدي وتحليل المعلومات بعمق.
كما تساهم المجلة في دعم الأدب والفنون من خلال نشر أعمال الأدباء والفنانين ومراجعة الكتب والأفلام والعروض الفنية. ومما لاشك فيه أنها تساهم في تعزيز المعرفة والثقافة العامة وتحفيز القراء على التفكير النقدي والإبداع.
انطلقت المجلة منذ سبعينات القرن الماضي في فترة كانت مليئة بالزخم السياسي والثقافي والأدبي، كانت هناك أكثر من مجلة ثقافية، فكانت هناك حالة من الانتعاش الإبداعي.. هذه المطبوعات بعضها تعثر أو اختفى لكن المجلات القادرة على الاستمرار، ومنها المجلة العربية، سوف تستمر؛ لأن قوامها الجدية والموضوعات المختارة بعناية والمعلومة الثقافية القيمة والصورة الحية لواقع الحياة الثقافية. من واقع خبرتي الطويلة بالعمل الثقافي فإن تحريك المجال العام مهمة ليست باليسيرة، لكن المجلة العربية وعلى مدار العشر سنوات الأخيرة استطاعت أن تفرض نفسها بقوة وتحقق هذه الغاية الصعبة.. أتمنى أن تظل المجلة العربية كما عهدناها محرضة على الإبداع.
* وزير ثقافة مصر الأسبق.