أثناء النهار من شهر يوليو إلى شهر سبتمبر، تُحلق الخنفساء في حقول أزهار اللوتس لغاية ما في نفسها. تشم عطر رحيق اللوتس الزكي من مسافات بعيدة، فتعرف أنها ستجد غايتها هناك. تهبط على الزهرة الزكية، وتتغذى على رحيقها الحلو، وتبيت في حضن الزهرة ليلة كاملة بشرط أن تحضر للوتس حبوب اللقاح من لوتس أخرى، وتقوم بتلقيحها لتضمن اللوتس تكاثرها في المستقبل. وقبل أن تُغادر الخنفساء الزهرة، تُصر اللوتس على إعطاء الخنفساء حبوب اللقاح الخاصة بها أيضاً لإيصالها إلى لوتس أخرى. هكذا تخدم الاثنتان بعضهما البعض باختصار شديد. لكن على الخنفساء أن تسرع إلى أزهار اللوتس، فرغم جمالها وما تقدمه لها إلا أنها تعيش فقط من ثلاثة إلى أربعة أيام. أما بالنسبة للوتس، فهي تتعمد بذل حيلة ما لزيادة نشر عطر رحيقها لجذب الخنفساء إليها خلال عمرها القصير! لنراقب أيام حياة زهرة اللوتس ونكتشف تلك الحيلة.
في يومها الأول، ما تزال اللوتس زهرة صغيرة، فهي تفتح بتلاتها جزئياً فقط. حتى حبوب اللقاح التي ستعطيها الخنفساء لا تستطيع إنتاجها بعد. ومع ذلك، تعمل اللوتس جاهدةً في نشر عطرها من هذا اليوم لتمهد طريق الخنفساء إليها.
في يومها الثاني، تفتح اللوتس بتلاتها بالكامل، إنها مستعدة لاستقبال الخنفساء بكل سرور. تستمر بنشر عطرها إلى أن تحل خنفساء ما عليها وتتبادلان المنافع معاً. تستغرق الخنفساء وقتاً عندما تقوم بتلقيح الزهرة، لذا قد يحل الليل وهي ما تزال على الزهرة. أثناء الليل، تغلق اللوتس بتلاتها حتى وإن كانت الخنفساء تقوم بتلقيحها. فتهيئ لها الإقامة المريحة والدافئة. نعم، هذه هي حيلة اللوتس. تقوم برفع درجة حرارتها لزيادة نشر عطرها، وتدفئة الخنفساء أثناء الليل البارد نوعاً ما. كيف تفعل هذا؟! هيا نضع الزهرة تحت المجهر ونكتشف المزيد.
من تحت المجهر، تظهر لنا خلاياها المتقنة الخلق. في خليتها، توجد النواة قلب الخلية، والبلاستيدات مصانع التلوين، والميتوكوندريا محطات إنتاج الطاقة، والغشاء الخلوي الذي يضم كل هذه الأجزاء، بالإضافة إلى بقية الأجزاء التي لم يتم ذكرها هنا. وفوقه، الجدار الخلوي حصن الخلية الحصين، لإنتاج الحرارة، وهي شكل من أشكال الطاقة، تُكسّر الميتوكوندريا روابط الكربوهيدرات الكيميائية، فتقوم بإطلاق الطاقة المُخزنة في تلك الروابط. لكن مهلاً، هناك ملاحظات أخرى على الميتوكوندريا أثناء عملية إنتاج الحرارة! يتغير شكل الميتوكوندريا إلى أشكال عدة مثل الشكل الإهليجي والعصوي تمهيداً لانقسامها وزيادة أعدادها في الخلية. وبعد أن عرفنا الحيلة وتفسيرها، لا يسعنا الآن سوى العودة ومتابعة آخر أيام اللوتس.
في صباح يومها الثالث، يوم وداعها؛ تفتح اللوتس بتلاتها وتدع الخنفساء تغادرها بعد إعطائها حبوب لقاحها. شيئاً فشيئاً، تذبل أجزاء اللوتس، ثم تجف، ثم تتساقط، تاركةً وراءها وعاء البذور. البذور التي ستتطاير بفعل الرياح وتسقط على الأرض لتنمو أزهار لوتس أخرى وتُزهر في الموسم نفسه من السنة القادمة.