كثُر الحديث في السنوات الأخيرة عن الألعاب الرياضية الإلكترونية، والأنشطة الرقمية التي تتخذ من شبكة الإنترنت مجالاً ومكاناً رحباً لممارستها. وبدا واضحاً أن هذه الألعاب لم تعد اليوم مجرد ألعاب فيديو ورياضات للتسلية، يمارسها الهواة من الشباب، كما كانت في السابق، بل أصبحت تمارس بشكل مؤسسي، وتقام لها البطولات المحلية والدولية من خلال تنظيم المسابقات الخاصة بهذا النوع من الرياضات.
لقد أصبحت الرياضات الإلكترونية اليوم جزءاً من ثقافة المجتمع، ودخلت في منافسات مع البطولات الرياضية التقليدية. كما أنها تحظى بشعبية كبيرة لدى الجيل الصاعد، نظراً لسهولة ممارستها من خلال تطبيقات الهواتف الذكية، في أي وقت وفي أي مكان.
جاء هذا الحضور لهذه الألعاب في عدد من دول العالم العربي نتيجة للدعم الحكومي، ودعم القطاع الخاص من خلال الشركات والمؤسسات المعنية بتنظيم بطولاتها. وتقف المملكة العربية السعودية رائدة في هذا المجال، فقد أنشأت في عام 2017 الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية مواكبة للاهتمام العالمي الذي تحظى به هذه الألعاب، وتحقيقاً لمستهدفات رؤية السعودية 2030 لما لهذا القطاع من آفاق وفرص اقتصادية واعدة. وتوّجت هذه الاهتمامات باستضافة المملكة مسابقة كأس العالم للرياضات الإلكترونية في نقلة نوعية وخطوة جادة تمثل دعماً كبيراً لهذه الرياضات.
ومن دون شك سنشهد في الدول العربية في السنوات القليلة القادمة اهتماماً أكبر على كافة المستويات بهذه الرياضات، من خلال إنشاء الأكاديميات ومراكز التدريب المتخصصة التي من شأنها تخريج لاعبين على مستوى من الاحترافية للمنافسة في البطولات العالمية.
تفتح (المجلة العربية) في عددها لهذا الشهر ملف (الرياضات الإلكترونية) في العالم العربي من خلال مشاركات متميزة لعدد من الخبراء والمهتمين والمتابعين لهذه الرياضات، الذين يجيبون عن عدد من التساؤلات حيال كيفية تكوّن البنية الرقمية لهذه الألعاب، والأسباب التي تدفع الأفراد إلى مشاهدة منافساتها ومتابعتها، وما واقع هذه الرياضات في الدول العربية، وما آفاقها المستقبلية مع النمو المتسارع لصناعة الألعاب الإلكترونية، وما مدى تأثيرها على واقع الحياة الثقافية والاجتماعية، وعلى نمط الحياة والسلوك العام، وما الآفاق المستقبلية الاقتصادية حيال الاستثمار في قطاع التكنولوجيا من خلال هذه الرياضات؟ وأخيراً أبرز التحديات التي تواجهها. فأهلاً بكم في عالم الرياضات الإلكترونية.