تأتي الكتابة عن هذا الشاعر الذي حمل لقباً ثانياً إلى لقب شاعر أي مقل بحسب الوصف الدارج عنه وذلك ليس لأنه شاعر مقل، ولا لكونه إداري من الرعيل السعودي الأول، ولا لكونه إعلامي من ذات الرعيل أيضاً جمع بين العمل الإداري والكتابة والاستمرار شاعراً..
إن ما يميز عبد الله القرعاوي أنه عاش حياته كما يمكن أن تكون على كثرة العراقيل التي مر بها وتعنت أصحاب القرار من إضاعة فرص دراسته أو حتى وظائف استحقها لكنه حظي بمجموعة من التربويين السعوديين والمصريين سواء في مدرسة تحضير البعثات حين درس بين عامي 1942- 1950 مثل الأستاذ عبد الله عبد الجبار أو عبد الله بغدادي، أو في جامعة الإسكندرية بين عامي 1952 - 1959 على يد كبار المعلمين.
وقد استطاع أن يترك سيرة مهنية إدارية وإعلامية حافلة أنتجت تلامذته فكبروا على يديه، وأثمرت منذ بداية كتاباته النقدية (للحقيقة والتاريخ) (مجلة صوت البحرين 1950)، وانطلاق زاويته الصحفية الشهيرة (قوس قزح) التي تنقلت بين الصحف والمجلات، ومذكراته التي نشرها، بالمجلة العربية، حلقات منجمة في 45 حلقة ثم جمعها في (ذكريات نصف قرن) (2003)، والديوان الشعري الذي أعده مخطوطاً بعنوان (نورة الخزامى) وظهر ضمن الكتب المعدة للنشر في دار الصافي عام 1989 إلا أنه لم ينشر، فتولى جمع قصائده ابن خالته عبدالعزيز الخويطر في ديوان معد وقتها بعنوان (صدى البوح) (2006)..
تسجل قصائده البواكير عن تأثره بالتيار الرومانسي الذي تمثله مدرسة أبولو المصرية، كذلك حركة شعر الحداثة العراقية، ولأنه لم يكن شاعراً غزيراً إلا أن شعره شاهد على جيله ثقافياً، وقد سجل ذلك في مذكراته في الحلقة (27) بعنوان (ذكريات البدايات)، وخلال عقود الأربعينات والخمسينات كتب الشعر متقطعاً ثم توقف لفترة منذ عام 1980 حتى نهاية عقد التسعينات.
وحين كرِّم في اثنينية عبد المقصود خوجة عام 1995 تحدث عنه الكثيرون منهم المربي عثمان الصالح، ورضا عبيد، وعبد الله مناع زميل الدراسة في جامعة الإسكندرية، وحمد القاضي زميل الدراسة في مدرسة تحضير البعثات، وخصص له عدد من الجزيرة الثقافية عام 2003 كتب عنه الكثير ممن زاملوه منهم الأستاذ عبد العزيز السالم زميله في مدرسة تحضير البعثات، والأكاديمي منصور الحازمي الذي زامله في جامعة الملك سعود وآخرون..
وقد درس عبدالله القرعاوي في المدرسة السعودية بعنيزة عام 1939 ثم أكمل في المدرسة السعودية الابتدائية بمكة المكرمة (1941)، وأتم تعليمه المتوسط والثانوي في مدرسة تحضير البعثات بمكة المكرمة (1950)، وبعدها انتقل إلى الدراسة عام 1952 ما بين جامعة القاهرة والإسكندرية وتخرج بالثانية بدرجة ليسانس الآداب من قسم الاجتماع والفلسفة وعلم النفس عام 1959، ثم أكمل دراساته العليا ما بين ألمانيا (1960) والولايات المتحدة الأمريكية (1965)، وبريطانيا (1976).
وتسلم وظائف عدة أولاها في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عام 1962، فمركز التدريب المهني، فجامعة الرياض ثم إلى وزارة الصناعة والكهرباء، واختير عضواً في مجلس الشورى في دورته الأولى.
ابتدأ العمل في الصحافة منذ يفاعته فقد اشترك في تحرير مجلة الشباب، أثناء دراسته في مدرسة تحضير البعثات عام 1942 وترأسها محمد الفريح وحررها عبد الله النعيم وحمد القاضي وصالح المتروك والقرعاوي نفسه الذي نشر أشعاره المبكرة التي اختير منها قصيدتان في كتاب (المسامرات الأدبية) لعبد الله بغدادي، لكن مقاله (للحقيقة والتاريخ) المنشور في مجلة صوت البحرين، لفت النظر إليه ليس بين زملائه بل في المشهد الثقافي وقتها ثم شارك أثناء دراسته في الإسكندرية منذ العام 1952 في صحيفة (المرآة) التي يحررها عبدالرحمن التونسي وعبدالله الجهني ونشرا مختارات من النصوص في كتاب (طلبة البعثات السعودية في المرآة)، فأعاد عبد الله بن إدريس نشر مختارات من نصوصه في كتاب (شعراء نجد المعاصرون)، وبدأ الاحتراف الإعلامي حينما عمل مديراً عاماً لمؤسسة اليمامة الصحفية (1962 - 1977) وبدأ ينشر زاويته فيها بعنوان (قوس قزح)، ونقلها إلى مجلة اليمامة، ثم إلى المجلة العربية عام 1996 التي نشر فيها مذكراته في 45 حلقة جمعها في كتاب (ذكريات نصف قرن) (2003) بالإضافة إلى استمراره في كتابة القصائد ونشرها، منذ عام 1980 في صحيفتي الرياض والمدينة، وفي مجلة اليمامة والمجلة العربية والفيصل والتوباد حتى آخر ما كتب عام 1998، وأعد ديوان (نورة الخزامى) ولم ينشر، واعتنى بنشر ديوانه مجموعاً ابن خالته العم عبد العزيز الخويطر في ديوان بعنوان (صدى البوح) (2006).
درس شعره في كتاب (التيارات الأدبية الحديثة في قلب الجزيرة العربية) (1959) لعبد الله عبد الجبار، وفي كتاب (شعراء العصر الحديث في جزيرة العرب) (1979) لعبد الكريم الحقيل، ويبقى أن تجمع زاويته (قوس قزح) بالإضافة إلى قصائده الأخرى لتشكل أكثر من مجلد إلى جانب مذكراته التي نشرها في حياته..