اللباس مكون أساسي لثقافة الشعوب ومعتقداتها وهويتها، ولذلك نجد أن كل شعوب العالم تتمسك بزيها التراثي المميز لها. ويعد الساري الزي الأساسي لكل نساء الهند، ويمتاز بالمرونة والجمال، وهو عبارة عن شريط طويل من القماش، يتكون من ثلاث قطع رئيسة، وهي: البلوزة والتنورة والشال.
والساري هو لباس يتلاءم مع طبيعة الطقس الحار في الهند، وهو أكثر ما يميزها عن باقي سكان العالم.
يلبس الساري بعدة أساليب، غير أن أكثر الأساليب انتشاراً هو أن يتم لفه حول خصر المرأة وترفع إحدى نهايات أطرافه فوق الكتف. ومنذ ظهوره كان الساري يتميز باللون الأحمر، وظل هذا اللون ملازماً له، وهو اليوم يمثل الاختيار المفضل لدى كل العرائس في كل حفلات الزفاف في الهند.
والساري لباس تقليدي ترتديه جل الفتيات والسيدات الهنديات في مختلف المناسبات، وهو متوافر اليوم بأقمشة متعددة وبألوان مختلفة، وذلك بحسب المناسبة التي يقع ارتداؤه فيها، فهناك ما يتم ارتداؤه بشكل يومي، وهناك ما يخصص للحفلات والمناسبات الخاصة، وأيضاً ما هو خاص بالعرائس.
ويعد الساري من أقدم اللباس الذي ظهر في العالم، وقد تم ارتداؤه على نحو متصل لأطول فترة زمنية في تاريخ البشرية، ويؤكد العديد من المختصين في مجال التراث أنه لا يضاهيه أي لباس آخر في تاريخه القديم، ويعود ظهوره إلى نحو خمسة آلاف سنة. ولقد ورد ذكره أول مرة في الكتاب المقدس للهندوس.
ويصنع الساري الهندي من خلال الجمع بين العديد من المواد، وأهمها القطن والحرير والشيفون، وهو يتكون عادة من قماش طويل يلف على الجسد بعدة طرق، كما أنه يحتوي على ألوان متعددة وزاهية.
ولم يعد الساري هو ذلك الزي التقليدي نفسه الذي كانت ترتديه النسوة في الماضي، فقد تم تحديثه وتطويره، كما أدخلت عليه العديد من عمليات التغيير والتحسين والتطوير، وأصبح يعبر أكثر عن روح الموضة والعصر، وهذا يعود بدوره إلى التطور الكبير الذي شهده عالم الأزياء والموضة في عصرنا، وبخاصة بعد التقدم الكبير الذي عرفته تقنيات النسيج والتصميم في العالم، مما زاد من سحر الساري وجماله، ولقد أصبح اليوم من أكثر الأزياء انتشاراً ومبيعاً على الإطلاق في العالم.
ومع أن الساري عبر تاريخه الطويل مر بالعديد من التغييرات المهمة والإضافات النوعية؛ إلا أنه استطاع الحفاظ على جل مكوناته الأصلية، من ذلك أن الجزء العلوي منه، وهو عبارة عن سترة أو بلوزة صغيرة؛ تمت إضافتها إليه منذ العصر الفيكتوري في الهند، وفي ذلك الوقت كانت النساء الهنديات تردي ما كان يعرف (بالكانشوكي)، وهو قطعة من القماش تربط حول الصدر وتشبه إلى حد كبير الجزء العلوي من مايو البحر.
وبالرغم من تغير اتجاهات الموضة وتطورها في كل سنة فإن المصممين لا يستطيعون تجاهل أهمية وجود الساري في خزانة المرأة الشرقية، بل إن هناك انتعاشاً كبيراً في السنوات الأخيرة لهذا الزي في الأسواق العالمية، كما يسجل حضوراً قوياً في مختلف دور عروض الأزياء العالمية الشهيرة. وقد أسهمت أفلام بوليود العالمية، وكذلك الأغاني الهندية المميزة والرقصات الجماعية اللافتة في الترويج العالمي للملابس الهندية التقليدية في أسواق الأزياء الغربية.
وفي السنوات الأخيرة أصبحت للساري شهرة عالمية واسعة، من ذلك أن أشهر نجمات السينما في العالم يقبلن على ارتداء الساري الهندي في مناسباتهن الخاصة، مثل مناسبات الزفاف والحفلات الخاصة، وفي حفلات توزيع الجوائز في المهرجانات السينمائية.
ورغم انتشار الأقمشة والأنسجة التقليدية في الأسواق فإن كبار مصممي الأزياء بدؤوا في السنوات الأخيرة بتجربة أنواع جديدة من الأقمشة والتصميمات العصرية، كما أدخلوا عليه العديد من خصوصيات اللباس الغربي، وذلك من أجل إضفاء مزيد من الزينة والتألق عليه.
وتعكس الأشكال المختلفة للساري حيوية وبريقاً لافتاً، حيث أصبح يتزين بالشرائط المزخرفة، وغالباً ما ترتديه النساء مع بلوزات ساطعة الألوان ذات أكمام قصيرة أو من دون أكمام، كما تختار المرأة ما يناسبها من التطريزات الدقيقة والمتناسقة.
وفي عالم الأزياء يختلف النظر إلى الساري وفقاً لاختلاف الثقافات، من ذلك وصفه بأنه زي أنيق ويمتاز بالحشمة والوقار، غير أنه في نظر آخرين يُعتبر زياً يمتاز بالإغراء والإثارة.
واليوم، وعلى الرغم من التأثير الواسع للغرب في عالم الأزياء والموضة؛ فإنه لا أحد يستطيع أن ينكر المكانة العالمية المميزة التي يحتلها الساري، وذلك نظراً لما يضفيه على المرأة من سحر وجمال.
لقد صمد الساري الهندي عقوداً من الزمن أمام جميع تقاليع الموضة المعاصرة، ليدخل بذلك التاريخ باعتباره أقدم زي عرفته البشرية، وهو لا يزال حاضراً ضمن أفضل مجموعات دور الأزياء العالمية بأشكاله المختلفة وألوانه البراقة، ويسود اليوم اعتقاد لدى الجميع بأن المرأة بوجه عام تبدو أكثر رشاقة عند ارتدائها له، ولذلك فإن الساري يعد اليوم واحداً من أجمل أنماط الأزياء النسائية وأكثرها أناقة وانتشاراً في الهند وفي العالم.