المجلات الثقافية كتابٌ دوريٌ متجددٌ ذو فصول، محتواه الثقافة فنونها وشؤونها وأخبارها، وهي معرض أفكار المثقفين والأدباء ورؤاهم. وقد تختص إحداها بمجال من مجالات الثقافة، ولون من ألونها، وتسير بحسب فكر القائمين عليها وانتماءاتهم، والمداخل التي يتخذونها للمشاركة في الحياة الفكرية والثقافية بمناحيها المتعددة، في هذا القطر أو ذاك.
والمجلات الثقافية بعمومها من مرايا الأحوال الثقافية، والبناء المعرفي والاتجاهات الفكرية السائدة في بلد من البلاد، وعصر من الأعصر، كما هو الحال في مجلات ثقافية عربية عديدة.
وتعدُّ وفرة المجلات على هذا النحو؛ من المظاهر التي تشير إلى حيوية الفكر، وحال الفنون والآداب والقيم الفنية والجمالية، التي ينهض بها خطاب تلك المجلات، ويعبِّر عنها. مثلما هي رافعة لاسم القائمين عليها، ومنشور يُظهر أفكارهم والتيارات التي ينتمون إليها، والأهداف التي ينشدونها. وكان بعضها خالصاً لوجه الثقافة، ومنبر معرفة واستنارة وإبداع، وبعضها سيفاً من حبر وورق، ينحسر في فكرة قومية أو يسارية، وغيرها من مقامات وسطى. وجميعها كتاب دوري متجدد تحرِّره المجموعة، التي تأتلف أحياناً مع فكر المُصْدِر، وتتقاطع معه، وإذا ما اختلفت معه -كلها أو بعض أفرادها- فإنها لا تعدم منبراً آخر يحفل بها، ويوصل صوتها ومواقفها للقراء.
وجميع المجلات على اختلاف توجهاتها، ومواقف القائمين على أمرها ومرجعياتهم؛ تجلِّي مرحلة من المراحل التي مرَّت بها، أو بَلَغتها الحياة الفكرية العربية المعاصرة، التي كانت المجلات الثقافية من بين أهم مدوناتها العصرية.
وكانت المجلات الثقافية العربية، مثل: المقتطف، والرسالة، والهلال، والآداب، والعربي، وغيرها، التي صدرت منذ خمسينات القرن الميلادي العشرين، وصدَّرَتها إلينا (مراكز) الثقافة العربية؛ من مظاهر النهضة الفكرية العربية، وقامت بدور تنويري: ثقافي ومعرفي، يؤمن بالحرية ويروم نشر الوعي، وإشاعة قيم الإبداع والفن والجمال، وأظهرت وأذاعت ما عُنيت به وكافحت لأجله جُلُّ النخب الثقافية العربية في (المراكز)، في تلك المدة وما قبلها؛ من أفكار وآراء في الفكر والأدب والعمران البشري، وصل أثرها إلى بلادنا، التي اهتم أدباؤها ومفكروها - ولاسيما في الحجاز- بما تنتجه (المراكز) من تلك المجلات، فخفُّوا إليها، إيماناً برسالتها، واتفاقاً أو اختلافاً مع بعض أطروحاتها، وحرصاً على الإفادة منها في كل الأحوال، ولاسيما وهي من أحدث مظاهر نشر الثقافة، ووسائل تبادل المعرفة في تلك المدة، التي لم يكن لها آنذاك نظير أو شبيه في ساحتنا الثقافية الوطنية.
وكان والأمر كذلك، أنْ وَجَدت المجلات الثقافية العربية طريقها إلى تلك الساحة البكر؛ التي كانت في حقبة تشكل وتكوُّن وفتوة؛ وصار بعض أدبائنا من جماهير تلك المجلات وقرائها، يتباهون في الحصول عليها، ويحرصون على متابعة حركة الثقافة العربية، ويشاركون فيها بواسطتها، ويتصلون بأسباب تلك الحركة ومواطنها من طريقها، فكان العالم والأديب المدني الجليل الشيخ محمود شويل (ت 1372هـ/1953م) مراسلاً لصحيفة (المؤيد) المصرية في المدينة المنورة، وأحد كتَّابها المرموقين. ويذكر محمد حسين زيدان (ت 1412هـ/1992م) في مذكراته: كيف تيسَّرَ له (الحصول على عشرات الأعداد من مجلة المقتطف، في المدينة المنورة، من المهندس رشيد الغزي- أحد مهندسي محطة سكة حديد الحجاز بالمدينة المنورة- والد الشاعر المدني محمد هاشم رشيد)، وكان الزيدان آنذاك في بدايات شبابه، وسني تكوينه الثقافي والعلمي.
وقَبْل الزيدان وقريب منه، عبدالقدوس الأنصاري (ت 1403هـ/1983م)، الذي عيَّنه الدكتور محمد حسين هيكل (ت 1376هـ/1956م)؛ مراسلاً لصحيفة (السياسة الأسبوعية) الثقافية، ومندوباً لها في المدينة المنورة، يبثُّها أخبار الأدب والأدباء فيها، وكان شغوفاً بالمجلات الثقافية العربية، يتابع جُلَّها ويقتنيه، ويُطالع ما تذيعه من موضوعات، وما تضمُّه من أبواب وفصول، وهو في ريعان شبابه وطور تكوين ثقافته ومعارفه وبنائها، وكان يُساجل ويناكف كُتَّاب مجلة (الشرق الأدنى)- لصاحبها الصحفي والمؤرخ السوري أمين سعيد (ت 1386هـ/1967م)- فيما ينشرونه من مقالات في المجلة، التي كانت مكتبة طيبة لصاحبها الأديب والكُتبي المدني عبدالحق نقشبندي (ت 1402هـ/1982م) تستوردها وطائفة غيرها من المجلات، كالبلاغ الأسبوعي، والمقتطف، والهلال، وهو أمر كانت تحرص عليه المكتبة الحجازية في مكة المكرمة، لصاحبها الأديب محمد سرور الصبان (ت 1392هـ/1972م).
وإلى جانب الأنصاري ورفاقه، كانت طائفة من أدبائنا الروَّاد من على صلة بما تذيعه المجلات الثقافية التي تصدرها (المراكز)، بما تيسَّر (للطرف) من منتجات (المراكز) التي كانت المجلات من أهم مناشطها الثقافية، ومن مظاهر تقدمها ومدنيتها وصلتها بالعالم، وبما أفاضه ذلك عليها من قيمة ومكانة، وما نتج عنه من زخم ثقافي وفكري، تردَّدَ صداه في حواضر الحجاز، ومدينتيه المقدستين، وعلى مسمع أدبائهما ومثقفيهما.
كان ذلك في الثلث الأول من القرن العشرين الميلادي، وهي حقبة كانت فيها الدولة الوطنية في الجزيرة العربية طور التشكُّل، ولا تعدم أصواتاً عالمة، ونخباً مثقفة مستنيرة، وشباناً قدِّر لهم أن يشهدوا حركة توحيد المملكة، وميلاد الدولة الوطنية الحديثة في الجزيرة العربية، على يد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود. وكان لهم ولغيرهم من أشياخهم؛ وشائج تصلهم بمعطيات العصر الثقافية، وبواحدة من أهم وسائل نشر الثقافة والفكر وإذاعتهما، وهي الصحافة بصُحُفها ومجلاتها، التي لم يكن حظُّهم منها ميسوراً البتة في ذلك الحين. فكان بعض مجلات (المراكز) من الوسائل التي احتضنت أقلام أولئك الشبان، الذين أسَّسوا لحركة الفكر والثقافة والأدب، على نحو من المجلات التي أشرنا إلى بعضها آنفاً، ومنها مجلة (الرسالة) (1933 - 1953م)، التي وجد الأدباء السعوديون فيها متسعاً للكتابة، وكانت حفية بآثارهم في فنون الأدب، وحقول المعرفة.
وفي تلك المدة، كانت فكرة إصدار مجلة ثقافية وطنية؛ تجول في خاطر أحد أولئك الأدباء، وهو السيد عبيد مدني (ت 1396هـ/ 1976م)، كما تحدَّث بذلك صديقه عبدالقدوس الأنصاري، الذي وافقت تلك الفكرة هوى في نفسه، واتَّفَقَت مع ما يعتمل فيها من حماس وطموحٍ، نحو فعل ثقافي غير مسبوق، يتفرَّد به عن غيره من أدباء جيله، فكانت مجلته الرائدة: (المنهل)، التي صدر عددها الأول في (ذي الحجة 1355هـ/ فبراير1937م) في المدينة المنورة، وكانت المجلة الأدبية الوطنية الأولى في بلادنا، وسمَّاها المنهل، كما قال: (لتكون منهلاً للقراء والشعراء والباحثين والمطلعين)، وصرف جهده وبذل عمره لأجلها، وكابد وعمل بهمة ودأب لتستمر وتترقَّى وتتطور، فكانت مشهداً ثرياً يانعاً للفنون والآداب والعلوم، أعطاها الأنصاري زهرة حياته، وأسقاها مهجة فؤاده ومداد فكره، وكانت سجلاً خالداً لحركة الفكر والثقافة والأدب في بلادنا، لأكثر من نصف قرن، وحازت مكانة مرموقة بين مثيلاتها العربيات، وقصدها جلُّ أدباء ومفكرو تلك المدة، من الأقطار العربية كافة للكتابة فيها، مما جعلها مفخرة لثقافتنا الوطنية، وصوتاً أصيلاً يبرز فكر هذه البلاد، ومبلَغَها من الوعي والمعرفة والاستنارة.
ولما قضى الأنصاري نحبه، سارت المجلة على النهج التي اختَّطه صاحبها ورئيس تحريرها الفذ، وحاولت ذلك بقدر همَّة من تولَّاها بعده، حتى أفضت بها نوائب الدهر وعواديه إلى التوقف. بعد أن حازت قصب السبق، وأحرزت رتبة الأوَّلية، في باب المجلات الأدبية الوطنية، الذي ولجه بعدها مجلات كُثُر، لايزال جلُّها يصدر إلى وقت الناس هذا، في غير لون من ألوان المعرفة والعلوم والفنون وصنوفها؛ فثمة العرب، والفيصل، والقافلة، وعالم الكتب، والتوباد، ومجلات الأندية الأدبية والمراكز العلمية والثقافية والجامعات، وغيرها. بعد أن صار هذا الباب متاحاً للسالكين، شرط إدراك قواعده، وفقه أصول الصنعة، وتوفُّر دواع وأسباب موضوعية، ومقومات عديدة يتحقَّق معها قيام مجلة، حتى صارت (المجلة العربية)، من بين تلك المجلات التي سنعرض لأهم مراحلها، فيما يبدو لنا، وفق الآتي:
التأسيس
صدر العدد الأول من المجلة في (جمادى الأولى 1395هـ/ يونيو، يوليو1975م)، وتحتفي، ونحتفي معها اليوم ببلوغها عامها الخمسين. والرقم في هذا السياق، وفي مجال الأحداث والأحوال التاريخية والثقافية النوعية؛ يُوصف بـ(اليوبيل الذهبي)، وللوصف بريقه الرمزي وهالته الفاخرة، وحُقَّ للمجلة التَّنعم بهذه الهالة الفاخرة، وهي تبلغ هذا العمر الباذخ، واحدة من أعرق المجلات الثقافية الوطنية، ومن أدوم المجلات الرسمية، وأكثرها استمراراً وأعمقها أثراً، وهي مكتسبات يشي بها اللفظ: (اليوبيل)، إذا ما ولج دائرة الاصطلاح؛ حياة تستبطن سنواتها الخمسين: أحوال ومعان وأسماء، ومنجزات، ومتغيرات ثقافية عديدة.
المجلة العربية: بين (العرب، والعربي)، وهما مجلتان ثقافيتان عريقتان، سبقتا المجلة العربية نشأة، وكان لهما شأن عظيم في نشر المعرفة، والعناية بالفكر والعلم والإبداع، على اختلاف المحتوى والمضمون، والاتفاق في الجوهر، والشراكة في القيم. فالمجلات الثلاث، ترتكز على تلك الرمزية الجوهرية التي تنطلق من (العروبة): جذراً وقيمة، وانتماءً ثقافياً، ورسالةً معرفية.
ونحن هنا في وارد الحديث عن ثالثة المجلات، وآخرها مولداً، وأشبها عمراً، حتى وهي ترِدُ عامها الخمسين، وقد ازداد اسمها رسوخاً وتجربتها نضجاً، وأضحت وجهاً جليّ القسمات والسِّمات، من وجوه الحياة الثقافية في بلادنا، ولوناً من ألوان الخطاب الثقافي الوطني، المعتد بعروبته وعربيته، التي هي فضاؤه ومنتماه.
والمجلة تحمل أحد اشتقاقات تلك العروبة، وأعرقها وأرفعها: العربية، يقول رئيس تحريرها الدكتور منير العجلاني (ت1425هـ/2004م)، في افتتاحيته أول أعدادها: (هدية سَنيَّة من المملكة العربية السعودية؛ مهد الإسلام ومهبط الوحي إلى أمة العرب، لتدافع عن حضارتهم وتتمسَّك برسالتهم، وتشارك بقوة في نشر الثقافة الرفيعة بين أبناء العروبة، وتقيم لأعلامهم منبراً مشتركاً تُخرجُ به القلم من ضيق الإقليم إلى بحبوحة الأمة)، وهذا هو هدف المجلة الأصيل، الذي كرَّسه الوعي بالمُنتمى والحاضن المكاني، مركز الحضارة العربية ومهدها، ومنطلق دعوة الإسلام منها.
ثم قيمة (التشارك، في نشر الثقافة الرفيعة)، في زمن كانت تلوح في أفقه بعض دعوات إقليمية، وعقائدية، وحزبية ضيقة، تسُوقُها وتسَوِّقُها بعض مجلات (المراكز) ذاتها، التي صدَّرَت للعرب ثقافة المجلات، وخاضت غمار هذه الثقافة، وقدَّمت نماذج من الثقافة الرفيعة، وغير الرفيعة.
ورئيس التحرير الذي كتب هذه الافتتاحية، رجل دولة تقلَّب في مناصب عليا وشؤون عديدة؛ سياسة وقانون وأدب وإدارة وتعليم، تبقَّى له منها الأديب مؤسِّس المجلة العربية، وأول رؤساء تحريرها، وكانت هذه هي المزيَّة الملفتة عندنا، في سيرة رجل السياسة والقانون، ورجل الدولة: العجلاني، الذي كان على دراية بأجواء الثقافة، والمجلات الثقافية في العالم العربي، والأدب وقضاياه في تلك المدة، وهو من فطن إلى أهمية إنشاء المجلة العربية، ولوازمها، وتحقَّقت لديه تلك الدواعي/الضرورة؛ فكان شأن المجلة العربية كشأن المشاريع العظمى في شكلها ووسمها ووظيفتها، فالمعوَّل عليها شأن عظيم مهم، ليصدُر أمر سام من الملك الفيصل آل سعود بإنشائها، ويتولى الوزير النابه حسن آل الشيخ الإشراف عليها، ويتولى العجلاني رئاسة تحريرها، مدة ستة أعوام.
إلا أنَّ (المنبر المشترك، لأبناء العروبة) -كما وصف العجلاني: المجلة العربية، الصادرة في المملكة العربية السعودية- قد ضاق في السنوات الأولى من صدورها بالأدباء والمثقفين السعوديين؛ الأمر الذي أثارهم، ودعاهم إلى مواجهة العجلاني، وتقويم موقفه، وحَمْلِه على الاعتذار والإيضاح، بموافقة ومؤازرة من المشرف العام على المجلة الشيخ حسن آل الشيخ، وهو ما تمخض عنه؛ إعطاء الأدباء السعوديين حقهم المشروع، بتمكينهم من المساحة المستحقة لهم في (مجلة عربية) تصدر في بلادهم.
وكان ميلاد المجلة في السبعينات الميلادية، حقبة توهج الثقافة العربية في حواضرها التقليدية، وبروز رموزها في الشعر والقصة والرواية، والنقد والفكر والفلسفة؛ يفرض شروطه عليها، ويلج بها خضم المشهد الصحفي العربي، ضمن المجلات الثقافية المتخصصة في تلك المدة، التي أصبح لجميع الأقطار العربية فيها مجلات ثقافية وأدبية، بما فيها بعض دول الخليج العربي، وليبيا والجزائر والمغرب، وغيرها.
وكان جلُّ روَّاد الأدب والثقافة في بلادنا في المراحل الأهم من حياتهم؛ اكتمال تجربة، وزخم حضور، ووفرة آثار، وحيوية لم تخبُ بعد، وكذا كان الأكاديميون السعوديون الأوائل، الذين أسهموا في تأسيس حقل الدراسات الأدبية- المتعلقة بأدبنا الوطني، ومسيرة الثقافة في بلادنا- في أوج حضورهم. وكانت المنهل: المجلة الثقافية الوطنية الأولى؛ قد بلغت شأواً عظيماً من الذيوع والشهرة، وفي العناية بالعلم والأدب والفنون، ورسوخ القدم، وعظمة الأثر، وكذا مجلات أخرى كقافلة الزيت/ القافلة لاحقاً، والعرب، ومجلات الجامعات التي لم تحل صبغتها الأكاديمية دون اتساع أثرها الثقافي المرجو، وانخراط الأدباء-من غير الأكاديميين- في الكتابة فيها، وبخاصة مجلة الآداب في جامعة الملك سعود، فضلاً عما تعجُّ به الساحة العربية آنذاك من مجلات مماثلة.
وهي ساحة تستهدفها المجلة العربية، وترمي إلى ترسيخ دورها ونشر أثرها فيها؛ التزاماً بأبعاد اسمها، ويقيناً برسالتها، وإيماناً بميثاقها: (مجلة ثقافية تكرم حرية الفكر، وتحترم رأي كل مجتهد.. اتفقت معه في الرأي، أم اختلفت)، فبدأت سنواتها الأربع الأولى بالصدور من بيروت، ثم انتقلت إلى الرياض، واعتمدت أثناء تلك السنوات، (أركاناً) صحفية رئيسة، هي: (أوراق رئيس التحرير، وركن الفنون الجميلة، وركن الشعر والشعراء، وركن النقد الأدبي، وركن العلوم والكشوف، وركن القصص، وركن الطب والصحة، وشخصيات لا تُنسى، وإسلاميات)، وكان في هذه (الأركان): الأبواب؛ قدراً مما يرومه قارئ ذلك العصر بصورة عامة، بتنوعها، وتحقيقها شروط الثقافة بمفهومها السائد، وإبرازها نماذج حيَّة من أنواعها الأدبية الرئيسة، وشارك فيها بعد السنوات الأربع الأولى من صدورها؛ أدباء من المملكة، وأدباء المشرق والمغرب العربيين وكتَّابهما.
وبذلك حقَّقت (العربية) عربيتها، وجلَّت -إلى حدٍ ما- التزامها بميثاقها: (حرية الفكر، واحترام الاجتهاد، ومنبر العرب لنشر أفكارهم وعرض معارفهم، وإبداعهم)، وهو الميثاق الذي كان للأدباء السعوديين دور في أن تلزمه المجلة؛ حقيقةً مشهودة، لا شعاراً ينطوي على سوء فهم وسوء إدراك، لحال الثقافة والمعرفة في (مهد الإسلام والعروبة)، ولا بأس إن دَعَمَ وساندَ وعاضدَ أبناء العروبة، هذا التوجُّه، والتزموا معانيه العليا، وقيمه الرفيعة.
وقد كتب في المجلة في تلك السنوات نفرٌ من رموز الثقافة العربية، من مصر والشام، والمغرب العربي، والعراق، واليمن، من أمثال: زكي نجيب محمود، وبلند الحيدري، وميخائيل نعيمة، وغادة السمان، وشوقي ضيف، وعمر أبو ريشة، وغيرهم، إلى جانب بعض أدباء المملكة. وصارت تشارك المنهل والقافلة باستكتاب الأدباء السعوديين، وكثيرٍ من الأدباء العرب، ونشر إنتاجهم، وحفاوة القراء بها، وحرصهم على مطالعة أعدادها، ومتابعة جديدها. مما أضاف إلى المشهد الصحفي الثقافي الوطني في تلك المدة؛ شيئاً من الحيوية والتنوع. وخرجت المجلة بذلك من دائرة التأسيس والبدايات، إلى فضاء الذيوع والانتشار. وصار لها هويتها وسمتها، وخطها التحريري، الذي يجمعها بغيرها من المجلات في مناح، ويميِّزها عنها في أخرى.
الامتداد
خَلَفَ الدكتور منير العجلاني في رئاسة التحرير، حمد القاضي، ابن المجلة وأحد محرريها الأكفاء، وصاحب التجربة الثرية في ميدان العمل الإعلامي الثقافي، والحوارات الكاشفة عن قضايا أدبية مهمة، وذلك في السنوات الأولى من انطلاق المجلة وبداياتها، التي كان فيها أحد محرريها، ومن أمثلة ذلك حواره المهم مع الشاعرة الرائدة نازك الملائكة.
وأمَّا مدة رئاسته تحرير المجلة، فهي أطول مدة في تاريخها، تصل إلى ثلاثة عقود تقريباً، تحقَّقَ فيها للمجلة قبله أسباب نجاح وانتشار، صانها وحافظ عليها ونمَّاها، وصارت المجلة في المتن من صفحة المجلات الثقافية العربية، ولها موقع على خارطتها؛ منبر للرأي، والفكر المستنير (المحافظ)، والثقافة المتنوعة، والحضور الأثير عند القارئ العربي، الذي أضحت المجلة تصل إليه في كل الأصقاع. وشهدت مدة رئاسة القاضي تحرير المجلة في حقبة الثمانينات الميلادية حركة الحداثة الأدبية في بلادنا، والجدل والسجالات حولها، في الصحافة الوطنية، فجعل القاضي المجلةَ بعيدة عن ذلك الجدل، حذرة من الخوض فيه، وكأنَّ جلجلته لا تصل أسماعها، ليحفظَ عليها وقاراً ينشده لها، وحكمةً قاده إليها تفكيره، ووعيه بالأولويات التي يُفترض عليها التزامها، والنهج الذي يجدر بها اتخاذه، وهي تصدر عن مؤسسة رسمية. وإطار ذلك الموقف ودافعه: النهج المحافظ الذي يسير القاضي ويلتزم حدوده، ولم ينزل ذلك الموقف بالمجلة أو يدنيها من هامش الاهتمام في تلك السنوات وما تلاها، بل ظلَّت حاضرة بما توفَّر لها من كتَّاب، وما عُنيت به من موضوعات واهتمامات، جعلتها (أحياناً) في مستوى لا يُرضي بعض متابعيها ومحبيها، دون أن تنحدر إلى السطحية والابتذال. وتكاثر كاتبوها من عامة المثقفين والمبتدئين ونحوهم، إلى جانب عنايتها بخاصَّتهم من النخبة المثقفة التقليدية الرسمية، وغير الرسمية، ومن إليهم، وغيرهم من الكتَّاب والأدباء من مختلف مناطق المملكة.
ولعلَّ مما يُحمد لحمد القاضي - وما يُحمد له كثير- إبان مدة رئاسته الطويلة؛ حفاوته بالمثقفين السعوديين بعامة، وتوسيع مساحة إسهامهم في أبواب المجلة، وابتداعه فكرة (كُتيِّب المجلة العربية) منذ عام (1418هـ/1997م). وكذا استكتابه نفراً من المثقفين لنشر مذكراتهم، مثل: حمد الجاسر، ويوسف عز الدين، وعبدالعزيز الخويطر، وعلوي الصافي، وسعد البواردي، وعبدالله الجفري، وغيرهم. واستثمار علاقته الأخوية بغازي القصيبي لنشر مقالات شهرية في المجلة، أضفتْ على المجلة ومحتواها أهمية وقيمة، في مدة كان القصيبي فيها يتنعَّم بثمار تجربته الثقافية والفكرية الثرية.
وبصورة عامة، ومع سعي القاضي لتجديد المجلة، وتحديث محتواها شكلاً وموضوعاً، فقد وسعه من ذلك التجديد والتحديث أيضاً، إضافة بعض الأسماء إلى قائمة كتَّابها، بين فترة وأخرى، ولاسيما من السعوديين، ومن لا يسعهم غيرها؛ دافعه في ذلك حسه الإنساني وتعامله الرفيع، ومعاييره الثقافية، وما جُبل عليه وعُرف به من سماحة ولطف ولين جانب، وهي شمائل سامية وخلال كريمة، ولكنها لا تكفي وحدها لإدارة مطبوعة ثقافية رائدة، يُنتظر منها الوعي بواقعها ومتغيراته، وملاحظة أحواله ومستجداته، ومسايرة عالم جديد ولج عصر التقنية وثورة المعلومات، ويزخر بالدوريات المشابهة، التي صار الرهان بينها على الأقوى حضوراً والأثرى فكراً ومضموناً والأبلغ أثراً؛ يقتضي مواصفات واشتراطات أخرى، وربما ردَّدَ محبوه ومحبوها، قول الشاعر العربي الحكيم: (وطول مُقام المرء في الحي مُخلق..).
التغيير والتحول
في (غرة محرم1429هـ/يناير2008م)، تولَّى الدكتور عثمان الصيني رئاسة تحرير المجلة، وهو الأستاذ الجامعي المتخصص باللغة العربية وعلومها، والباحث في قضاياها، والذي تقلَّب في منصب رئيس ونائب رئيس تحرير غير صحيفة وطنية، والمتابع لمجريات ساحتنا الثقافية وأحوالها. ولم تكن المجلة العربية بعيدة من ذي قبل عن اهتمامه، فكان واعياً بما حققته في عهد من قبله، وملاحظاً موقعها بين المجلات الثقافية المماثلة، ومدركاً تفاصيل أخرى مرتبطة بمجلة تصدر عن وزارة الثقافة، وجميعها حيثيات لم تدفعه للاستمرار على النهج ذاته، في إدارة مطبوعة غير مثقلة بهاجس الربح والخسارة، وغير مرتهنة لمقدار ما في خزينتها من مال تصرف في حدوده، ويجب أن يكون طموحها وطموحه في إطار تلك الحدود، ووعى الصيني وأدرك أموراً أخرى..!
كان الأستاذ الجامعي وفياً للمنهج وفلسفته، المنهج الذي من أيسر مبادئه؛ بناء النتائج على المقدمات، و الانتقال من دائرة الفكرة إلى دائرة الفعل، وصولاً إلى الغاية والهدف. وهو ذاته المثقف المرتبط عضوياً بالمشهد الثقافي والفكري الوطني، بأطيافه المتنوعة الواسعة، والمدرك مستهدفات المجلة وإرثها التاريخي ومسيرتها، وموقعها الذي وجدها عليه بين مثيلاتها في الداخل والخارج.
ولأنَّ التغيير والتحول فعلان إراديان - بالمنطق الإداري- يتخذان وسائل محددة، للوصول إلى نتائج متوخاة ومبتغاة، في مؤسسة صنْعتُها نشر مطبوعة ثقافية شهرية، أراد الصيني لها أن تستقصي حدود المفهوم المؤسسي وتنهض بمتطلباته، وتَطلَّعَ إلى أن تتخطى حدود الممكن إلى فضاء المؤمَّل. فشرع أولاً في تغيير جوهر المطبوعة الأم: المجلة، وتحديثها شكلاً ومضموناً، ودعا بعد عامين ونصف تقريباً من توليه منصبه، في (جمادى الأولى1431هـ/ مايو2010م)، المثقفين إلى الاحتفال بصدور العدد (400)، ليُشهدهم على ما تحقَّق، وليستطلع رؤاهم فيما يؤمِّلون أن تكون المجلة عليه؛ ليجعلهم شركاء التفكير في المؤمَّل إنجازه، والمُخطَّط له. وتحدَّث إليهم بما ينشده للمجلة، والمبادرات التي يعتزم القيام بها، وحدَّثهم عن مفارقة ضعف توزيعها داخل المملكة، وارتفاعه خارجها، وحدَّثهم عن قضايا أخرى ذات صلة بما تقدَّم.
كان ذلك كذلك؛ ومؤسسة المجلة قد تحوَّلت على يديه إلى دار نشر وترجمة، وشرعت في النشر الموازي المتمثل بسلسلتها المعرفية القيِّمة: (الكتاب، والتأليف، والترجمة، والريادة، والمفاهيم، وكتب الأطفال). وإنشاء وحدة الدراسات والبحوث، المعنية بنشر الدراسات الإحصائية حول المناشط الثقافية المحلية، ووثَّقت إصدارات أوائل الصحف السعودية، ونشرتها في مجلد كبير، حفظ جزءاً من تاريخ البدايات الصحفية في بلادنا: ذاكرتنا الثقافية الوطنية.
وأما مئات الإصدارات التي نشرتها المجلة، في حقول الفلسفة والفكر والنقد والإبداع والترجمة، وكذا موقعها الإلكتروني الذي صار من أهم أقسامها، ونافذة تصلها بعالم النشر الرقمي، أحد فواعل العصر، الذي مكَّنَ المجلة من إتاحة مطالعة القراء أعدادها كافة، فإن ذلك كله؛ يُبرز حجم التغيير الذي مسَّ كينونتها كمشروع ثقافي، تقوم على أمره مؤسسة رسمية.
مشروع يمكن تبيُّن الشأو الذي بلغه؛ بمراجعة خط النشر الموازي في المجلة، وعناوين مطبوعاتها وسياقاتها المعرفية، أو مطالعة موقع المجلة على منصات التواصل، وما حققته من بعد تشاركي في المعرفة، ومنتج وناشر لها، وذلك شيء غير يسير من المؤمَّل في المؤسسات التي تجعل شعارها المعرفة والتنوير.
فالمجلة العربية وكتيِّبها، صارا دار نشر وترجمة، بالحدود القصوى والتمثل العميق في تلك الصيرورة، ولها كتبها المقروءة وإصداراتها المسموعة، ولها نوافذها الرقمية المشرعة للحوار والنقاش والتفاعل. أفلا يعدُّ صنيع الصيني فيها مدرسة أرسى حسن آل الشيخ ومنير العجلاني وحمد القاضي ورفاقهم قواعد بنيانها، وجاء الصيني ليفتح في البنيان نوافذ وشرفات تجاه العصر، واعياً بفروضه واستحقاقاته، ومدركاً شروط التنافس فيه؛ ليزداد البنيان امتداداً ورسوخاً، ويثمر فعلاً ثقافياً ومعرفياً خلَّاقاً يستحق التقدير، بعيداً عن الحضور النمطي الباهت والوهج الزائف، ومجاراة مظاهر التحول الآنية.
والمجلة التي أخذت مكانتها عند القارئ العربي والمحلي، ويُعتدُّ بها واحدة من النوافذ التي وصلتْ ذلك القارئ بالمشهد الثقافي الوطني، لم ترتضِ أن يكون التغيير المنشود لها؛ إضافة مزيد كُتبٍ لقائمة إصداراتها، أو تغيير أشكال رسم عناوينها، وأسماء أبوابها وزواياها، ولكنها اختارت تغيير الجوهر، لا الهوية، وتأصيل حضورها في المشهد الثقافي، والارتقاء بأهدافها، وتوسيع مجال انتشارها. ومن يطالع أسماء كتَّابها في عهد الصيني، أو أسماء مؤلفي سلسلة مطبوعاتها واختصاصاتهم المعرفية، ومضامين تلك المطبوعات وقيمتها العلمية، يتحقَّق له ذلك الجوهر ومقوماته.
وبعد سبعة أعوام الصيني في رئاسة التحرير، خَلَفَه الدكتور عبدالله الحاج، رئيساً مكلفاً في (ربيع الأول 1435هـ / يناير 2014م)، وكان الحاج مديراً لتحرير المجلة، وأحد صنَّاع نجاحها الفاعلين، ومُعتمد الصيني في إدارة شؤون النشر الموازي، وكتاب المجلة، ومهندس الشراكة العلمية مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية واستمرت المجلة في المدة الوجيزة التي قضاها الحاج رئيساً لتحريرها ترتوي من فيض ما أُنجز في عهد رفيقه الصيني، وبمساندته وجهوده القيمة، وحرصه على مراكمة نجاحها وإدارة شؤونها؛ بخبرة تحصَّلها من درايته بالمرحلة المفصلية في مسيرتها، ودوره المهم في تلك المرحلة. إلى أن آلت رئاسة التحرير إلى خَلَفه محمد السيف.
التحدي
تولَّى محمد السيف رئاسة تحرير المجلة في (شوال 1436هـ/ أغسطس 2015م)، وللسيف باعٌ طويل في سوق الكتاب تأليفاً ونشراً، وله خلفية ثقافية واطلاع على المشهد الثقافي وتحولاته، وهو أحد الفاعلين فيه؛ كاتباً ورئيساً للقسم الثقافي في صحيفة الاقتصادية، وصاحب الاختصاص فيها بالمعرفة والثقافة والأدب، غير الأرقام والمال والاقتصاد، صيَّر تلك الصفحات زمناً؛ مُتجه المتابعين للثقافة وشؤونها وقضاياها المهمة والإشكالية، وله تجربة بحثية ثرية في تسجيل وتحرير سير الفاعلين المؤثرين في الساحة الوطنية، من الأعلام الذين عُنيَ بسيرهم، والبحث في تجاربهم ورصد تحولاتها، وقدَّم في هذا السياق أكثر من مؤلَّف جامع رصين؛ هيأه ذلك كله، وغيره؛ ليَخلُف الصيني والحاج في القيام على أمر المجلة، بعد أن نقلها الصيني وصاحبه ورفاقهما؛ إلى عمق المشهد الثقافي المحلي والعربي، وصيَّروها دار نشر وترجمة وإنتاج معرفي.
اطَّرح السيف مواجهة سؤال: ماذا عساي أن أفعل بعد..؟ وأضمر مغالبة فرضية التحدي، التي تلوح في طيَّات المنجز الذي تسلَّمَه من سلفه. فكان لديه الكثير مما يُمكن فعله ويُرجى تحقيقه، وإضافته للمكتسبات القيمة التي حقَّقها أسلافه، في مجلة أصبح لها جوهرٌ يميزها، ووجه صارت تغاير به مثيلاتها، فكانت عين وعيه على تاريخها وأرشيفها الثر ومخزونها النوعي، الذي ربما غيَّبه تراتب الأعداد وتواليها، وتقادم عمرها، فليست هي التي يمكن تجاوز قديمها إلى الجديد، وليس مخزونها منته الصلاحية، بل حقيق بأن يُحفظ ويَظهر ويَبرز، وقد انطوى على فصول مهمة من تاريخ ثقافتنا، ونبض الأقلام ونتاج العقول ونثار الفكر؛ فشرع ينتخب من ذلك الخزين الثر ما يعظِّم قيمته، ويعمِّق أثره، ويتيح الإفادة منه.
فالمجلة في جميع أطوارها؛ من أهم سجلات ثقافتنا الوطنية، وما يضمُّه أرشيفها وتحويه أعداد سنواتها الأربعين؛ يعدُّ شاهداً على مراحل تشكُّل الفعل الثقافي والأدبي الوطني وتطوره، ويكشف طبيعة الوعي في كل مرحلة ومؤثراتها، وغير ذلك من الحيثيات التي جعلت إصدار سبعة كُتب، من مجموع ما نشر في المجلة - جاءت عناوينها، على نحو: (إعلام، حوارات، قصائد، قصص قصيرة، أماكن، دراسات أدبية، صور نادرة) - مبادرة مستنيرة، تعيد لتلك الموضوعات وهج حضور متجدد، يفيد منه القارئ والباحث والراصد، ويثري المحتوى العام لمنجز المجلة.
ولمَّا رأى السيف وفرة منابر النشر المعنية بالإنتاج الأدبي والإبداعي التقليدي، لم يُرِد أن تكون المجلة رقماً إضافياً في هذا السياق، على أهميته. فشرع في توسيع صفحاتها لقضايا العلوم والمعارف والآداب الحديثة، وكذا المحتوى المشكِّل لثقافة جيل الشبان، بصورة أكثر عمقاً ورصانة، وإيلاء جانب الطرح الفلسفي اهتماماً يلوِّحُ له رئيس التحرير، ويعوِّلُ على جدواه في بعض افتتاحياته، في إطار تنوع وتجدُّد أطروحات المجلة بعامة، التي من أهمها التقنية ومساراتها، بما في ذلك تقنيات الاتصال الرقمي، والهندسة والذكاء الاصطناعي، وكذا السِّير والترجمة، والسينما وصناعتها وسوقها وقضاياها، والفنون البصرية والأدائية، التي أتاحت المجلة لها مساحة أوسع، واعية بواحدة من أهم ركائز تشكيل الوعي المعاصر: (الصورة)، بكل ما تحمله من رمزيات وأبعاد، وما تحيل إليه من أفكار ورؤى، وما يتفرَّع عنها من نماذج وألوان وسياقات، تهدف إلى إبراز المعنى.
وكانت (وحدة المحتوى الرقمي) من مستحدثات السيف وفريقه التحريري، وأحد أهم نوافذ المجلة على جمهرة المتلقين، التي يشترك قراء المجلة مع فريق تحريرها في صناعتها، في عصر بات فيه المحتوى وصُنَّاعه من متون ثقافة العصر والمؤثرين فيه، وصار فيه التفاعل الحيوي الذي يتيحه المحتوى الرقمي ومنصاته، من أوراق الرهان على التأثير والفاعلية، والجدوى والمعنى.
ختام
حفل العدد (500) من المجلة (رمضان 1439هـ / مايو 2018م)؛ بمعانٍ جليلة كريمة، أبرزت أهم مراحل مسيرة المجلة طيلة هذه الأعداد والسنوات من حياتها الزاهية، فوفَّى المؤسِّسين حقهم ذِكراً وشكراً وإشادةً بما قدَّموه، وذكَّر بمسيرتها الحافلة، ووثَّقها بنماذج مما عُنيت به وصنعته وقدَّمته، من موضوعات متنوعة في أبوابها التقليدية، وأسماء الأدباء السعوديين والعرب الذين أثروها بعطائهم وإنتاجهم، وشهادات وتوقيعات لأدباء ومثقفين من مشارب واتجاهات واهتمامات عديدة، ومن جميع الأقطار العربية، كانوا شهوداً على تلك المسيرة، وباستقراء ما كتبوه في تلك الشهادات والتوقيعات؛ يمكن الاطمئنان للمكانة التي آلت إليها واحدة من أهم منتجاتنا الثقافية والمعرفية، وأحد أهم مظاهر الفعل الثقافي الوطني في حقبة التغيير والتنوير.