ماجدة داغر: فوزية أبو خالد شرّحت الناجيات من جمع التكسير
حوار/ محمد فهد العقيلي: الأردن
تقول داغر: «إن الشعر هو الأقرب إلى قلبي من دون أي تردّد، لأنه الأمان للنفس المثقلة، والسلام للروح الهائمة، والملاذ عندما يتخلى عنا العالم». وتضيف أيضاً عن إصدارها (الناجيات من جمع التكسير) القصيدة - الديوان: «إن هذا التعاون اللبناني السعودي عبر المبدعتين العزيزتين «الفنانة ليلى مال الله والشاعرة د. فوزية أبو خالد»، تأكيد على انصهار الإبداع في كل تجلياته الشعرية والتشكيلية والنقدية، مهما كانت جنسيته».
في البدايات وجُل الإبداع، وعن الانحياز إلى المرأة العربية وكثير من الكتابة والشعر، وفي سطور الإعلام تتجلى إبداعات اللبنانية ماجدة داغر على مسيرة ممتدة على خيوط النور وزاخرة في التمييز بين الشعر والكتابة والإعلام. (المجلة العربية) أجرت الحوار التالي مع الكاتبة والشاعرة والإعلامية اللبنانية ماجدة داغر.
ماجدة داغر مع حفظ الألقاب، حدثينا عن النشأة والبدايات الأولى؟
- كما كل البدايات فيها الكثير من الشغف والأحلام، كما أنها لا تخلو من صعوبات ترافق هذه البدايات التي كانت موزعة بين الكتابة والإعلام. عملت في الصحافة المكتوبة والإعلام المرئي ولاحقاً المسموع عبر الإذاعة. وذلك بانضمامي إلى عدة مؤسسات إعلامية لبنانية وعربية، إلى أن استقر بي الأمر في الإعلام المسموع حتى اليوم. وفي موازاة العمل الإعلامي كانت الكتابة ترافقني دائماً، صحافياً وإبداعياً عبر نشر المقالات والكتب البحثية والشعرية، إلى أن أصبح في رصيدي عشرات المقالات والأبحاث وآلاف الساعات الإذاعية وعدة برامج تلفزيونية وسبعة كتب بين الشعر والأدب والبحث، وعشرات المشاركات العربية في مؤتمرات ومهرجانات ثقافية ومحاضرات.
بين الشعر والكتابة والإعلام ثلاثة توائم لدى ماجدة داغر، أي منها الأغلى والأقرب إلى قلبك؟ وفي أي منها تجدين نفسك؟
- أحببت توصيفك (ثلاثة توائم)، فهو يجيب إلى حد كبير عن السؤال، لأنها شديدة القرب مني، والتفريق بينها يكاد يكون صعباً لولا وجود الشعر، فهو الأقرب إلى قلبي من دون أي تردّد. لأنه الأمان للنفس المثقلة، والسلام للروح الهائمة، والملاذ عندما يتخلى عنا العالم. ولأن التخلّي هو من السمات البشرية، نجد أنفسنا في عودة متكررة إلى أحضان القصيدة الحاضرة دائماً لمعانقتنا، ولِرَفدنا بطاقةٍ لا مثيل لها في أي حضن آخر.
في الفكر والأدب والبحث، جاء إصدارك الأخير الذي حمل عنوان (وجهة أخرى للزمن) ماذا تريد ماجدة من القارئ لهذا الكتاب؟ ولماذا هذا العنوان؟ ولماذا اخترت مقابلة الأديب والشاعر أنسي الحاج لتضمينها هذا الكتاب؟
- يتضمن هذا الكتاب مجموعة مقالات وأبحاث في الفكر والأدب والنقد والحداثة والإعلام، أي مجموعة أفكار للبحث والنقاش حول القضايا المعاصرة والتي بات لزاماً علينا البحث فيها معمقاً لأن التحديات أصبحت كبيرة جداً، ولم يعد في استطاعتنا أن نبقى محايدين صامتين مستسلمين. العالم الحديث صار عبئاً على الإنسانية إذا لم يتمتع الإنسان بالوعي الكافي للمواجهة، أو على الأقل التمتع بالحد الأدنى من المعرفة والجاهزية للالتفاف على الزمن عند تغيير وجهته. ونحن نعيش اليوم في زمن متعدد الوجهات، ومقبلون على وجهات جديدة لا نهاية لها. في وسط هذه المتاهة استطعت أن أرصد هذا التحول والتغير في الزمن ووجهاته، وباستطاعة أياً كان رصد هذا التغيّر لأنه أشد سطوعاً من الشمس. فكان هذا الكتاب الذي احتضن القلق والارتباك والخوف والأسئلة والترقب وغيرها من هواجس الإنسان المعاصر. بالإضافة إلى الفصل الأدبي الذي يضم بعض المقالات الأدبية وقراءة كتب. أما بالنسبة للمقابلة مع الشاعر أنسي الحاج، فأردت نشرها مكتوبة لأنها كانت لقاء إذاعياً، نظراً لما تتضمن من فكر الشاعر وأفكاره، وهي أيضاً بمثابة تحية لقامة شعرية وثقافية نعتز بها.
(الناجيات من جمع التكسير)، محاولة شعرية جديدة لكِ بتعاون مع الفنانة التشكيلية السعودية ليلى مال الله، وماذا عن التعاون اللبناني السعودي في هذا العمل؟
- أعتز جداً بهذا العمل، الذي كما تفضلت ووصفته بالمحاولة الشعرية الجديدة، وهذا صحيح بالنسبة لي لأنني أخوض للمرة الأولى مغامرة كتابة (القصيدة - الديوان) أو بتعبير آخر مجموعة شعرية قوامها نص واحد. وكان لي شرف التعاون مع الفنانة المبدعة ليلى مال الله التي زينت الكتاب بلوحاتها الرائعة مشكورة، واستطاعت عبرها أن تقول باللون والريشة ما لم أستطع قوله بالقصيدة. بالإضافة إلى الشاعرة الكبيرة د. فوزية أبو خالد التي أثرت الكتاب بدراستها المعمقة والتي تشكّل مدخلاً مهماً ذا دلالات شعرية بالغة الأثر على الديوان، من حيث تقصي نمطي الشعري واستخراج الأجمل عبر قدرتها الأكاديمية على التشريح والنقد. فكان هذا التعاون اللبناني السعودي عبر المبدعتين العزيزتين، تأكيداً على انصهار الإبداع في كل تجلياته الشعرية والتشكيلية والنقدية، مهما كانت جنسيته. وعن سؤالك حول الانحياز للمرأة العربية، فالجواب هو بكل تأكيد أنا أنحاز للمرأة العربية، إنما من دون التنكّر لانحيازي للمرأة عامة التي تشكّل عصب الإبداع في الكون. ولكن كان اختيار المشاركة النسائية في الديوان، استكمالاً لموضوع الكتاب الذي هو المرأة في مقاربة تاريخية إنسانية فلسفية.
تبدع ماجدة داغر في البحث الأدبي والبحث التاريخي، هل هذا انعكاس لعمق علمي؟ وانغراس أكاديمية ماجدة في أعمالها المختلفة؟
- البحث هو أحد المسارات التي سلكتها للنهل من ثقافات العالم وعلمه، وهو عالم يجذبني كثيراً لما فيه من مدارك ومعارف أجد نفسي شغوفة إلى أقصى الحدود باكتسابها. والبحث هو حاجة فكرية وعلمية ومعرفية للإنسان، لكي لا يبقى على هامش الزمن والتاريخ والمستقبل. ربما عملي الأكاديمي ساهم أيضاً في الانخراط في العمل البحثي بشكل أوسع، وزادني علماً ومعرفة في هذا البحر الشاسع الذي أبقى فيه تلميذة صغيرة مهما حاولت الغوص.
ترجمة أعمالك إلى اللغات الأوروبية والشرقية والآسيوية، ماذا يعني لك ذلك؟ وتحديداً الآسيوية منها؟
- الترجمة هي أجمل ما يحدث للشاعر، فهو ينتقل عبرها إلى ثقافات مختلفة وعوالم جديدة ومتعة إضافية. والترجمة هي من أبرز عوامل الانتشار للشاعر، وكأنها أجنحة تنبت مع كل لغة جديدة. وهي حاجة وضرورة ملحّة للتعرف على الآخر عبر نتاجه الإبداعي. أما بالنسبة للغات التي ذكرتها فأنا أعتز جداً بهذه الأبعاد التي أضافتها هذه الترجمات والهندية والماليبارية خصوصاً والأمازيغية أيضاً لأنها تجربة من نوع مختلف. وعبر مجلتكم الكريمة أجدد شكري لجميع المترجمين الذين وصلت ترجماتهم إلى أكثر من 10 لغات.
المواقف عديدة عبر الأثير خصوصاً إن كان صباحياً أو حتى أثناء استضافة أهل الأدب والشعر، حبذا تروي لنا أحدها وأكثرها تأثيراً بكم ولا تزال عالقة في الذاكرة؟
- ثمة العديد من المواقف الجميلة والمؤثرة في برامجي التي أقدمها عبر إذاعة الشرق سياسية كانت أم ثقافية. وإنما ما يترك أثراً في المُحاور هو عندما يندمج الضيف في الحوار ويتخلى عن تكلّفه الذي يفتعله للحفاظ على رصانة معينة، فيصبح أكثر عفوية وشفافية ليتحوّل الحوار إلى نوع من كرسي اعتراف، ويسترسل الضيف في الإجابات بتلقائية لافتة ناسياً أنه في أستوديو. وفي بعض المقابلات تحدث الضيوف للمرة الأولى عن مواقف حدثت معهم. كما حصل في إحدى الحلقات مع شاعرة راحلة معروفة، إذ تحدثت عن تجربة روحية وأثارت الكثير من الجدل.