مجلة شهرية - العدد (577)  | أكتوبر 2024 م- ربيع الثاني 1446 هـ

الافتتاحية

إيماني بأهمية أرشيف الصحافة تنامى منذ أن ارتبطتُ بالصحافة، قارئاً ومتابعاً ثم عاملاً ضمن أروقتها تحريراً ورئاسة وإدارة مؤسسية واستشارية. وقد ازداد هذا الإيمان حينما ارتبطتُ بكتابة السِّير وتتبعها، والقراءة في حقلها، وإنتاج ما يتطلب في أحيان كثيرة إلى وثائق أرشيفية، ولطالما مثَّل أرشيف الصحافة مورداً غاية في الأهمية، لكن للأسف لم يكن الوصول إلى تلك (الكنوز الثقافية) - وفق عنوان ملف المجلة العربية لهذا العدد - يسيراً، والأكثر أسفاً أن جزءاً كبيراً من ذلك الأرشيف لم يعد موجوداً، وهذا ما يدعونا إلى التحسر على ضياع تلك (الكنوز الثقافية)، والانطلاق بكل جدية إلى استعادة ما ضاع والعناية بالموجود، والتأسيس لمرحلة جديدة تجعل من الأرشفة الصحافية صناعة قائمة بذاتها، وفق مأسسة متينة تستهدف الربح وتقدم الخدمة وتحفظ الإرث.
أستعيد، وأنا أطالع صفحات هذا الملف حول أرشيف الصحافة، سيلاً من الذكريات والمذكرات والوقائع والأحداث والتأريخات التي تشمل حقباً ومراحل وعهوداً ممتدة شهدها العالم العربي، ثم أتساءل: كم نسبة المحفوظ من كل ذلك الإرث؟ وما مدى سهولة الوصول إليه؟ وهل حُفظ بطريقة مهنية وصحيحة تضمن استدامته؟
الحق أنني، وفق تجربة كنتُ ضمنها عضواً في فريق تصميم نموذج أرشيف لإحدى أبرز المؤسسات الإعلامية العربية، غير متفائل بإجابات الأسئلة أعلاه، والأكثر سوداوية أن معظم التجارب العربية لم تكن تدعو للتفاؤل، حتى في دول الخليج التي كانت مؤسسات الصحافة فيها تحظى بعوائد إعلانية مالية فائقة الثراء.
أتذكر حينها أننا زرنا أبرز المؤسسات الصحافية العربية، ووجدنا تجربة أرشيفية جيدة، ثم حاولنا بناء نموذج معياري وفقاً لها، بالنظر إلى أبرز الممارسات الرائدة في هذا المجال.
وما أرجوه استناداً لمعظم الآراء التي شاركت في هذا الملف هو أن تتبنى وزارات الثقافة والإعلام في العالم العربي مشروع حفظ أرشيف الصحافة العربية، بما يحقق الهدف الكبير المتمثل في حفظ أرشيف الصحف لحماية تلك الكنوز الثقافية واستثمارها.

ذو صلة