الحرفة اليدوية ليست مجرد عمل روتيني يقوم به الإنسان فحسب، بل هي انتماء إلى الأرض.. إلى المكونات..
هي خلق حالة من الاستمرارية، أو يمكن تعريفها بأنها حالة اقتران بين اليد والأرض طينها.. حجرها.. نخلها.. كائناتها.. مكوناتها البدائية.
احتضان وزارة الثقافة للحرف اليدوية والعودة بها إلى الصف الأول أو الواجهة اهتماماً وحضوراً ودعماً، ثم أن تكون ثيمة هذا العام 2025 بل مرتكزته وأيقونته الأهم والأبرز بين كل الأحداث والإنجازات الثقافية وغيرها من الإنجازات المستمرة، هذا الاحتضان والعناية يدلل على أهميتها بوصفها هويات بارزة ومتنوعة لهذه الجغرافيا المترامية التي تنضوي تحت اسم المملكة العربية السعودية، ثم إنها من أسس التكون والمعيشة بالنسبة للفرد والمجتمع، ولما فيها من اكتفاء وتكامل خلق حياة أولى وكون مجتمعاً كبيراً متنوعاً وقوياً يعتبر اللبنة الأساس في هذا النماء والازدهار الذي نعيشه اليوم.
كان الإنسان السعودي رغم بساطة الحياة ومحدودية الإمكانيات وندرة الاتصال والاستعانة بالآخر؛ كان بارعاً في تطويع البيئة بما فيها من مكونات طبيعية لتصبح ملاذاً له من الحاجة، ووسيلة تكسّب تعينه على بناء عالمه الخاص والمساهمة في بناء المجتمع..
باليد بني بيت الطين وبيت الحجر وبيت الشعر، صنعت أدوات الزراعة والري، وأدوات الصيد، والآنية، والأزياء، والأسلحة البيضاء وغيرها العديد من الصناعات التي تعتمد على حرفيّي اليد.
الحرف اليدوية ثقافة متنوعة وثراء معرفي حيث تدخل فيها الكثير من المهن المتطورة التي يدرسها الشخص ويتخصص بها.
الحرفي في البناء مثلاً يتقن ما تعلم المهندس المعماري من القياسات الدقيقة والتصميمات التي تتناسب مع البيئة، كما أن لكل حرفي آخر مهارته وبراعته في حرفته، إضافة إلى ذلك فإن الحرف مرتبطة ارتباطاً كبيراً بثقافة أخرى حية صوتية، ثقافة الغناء أو الحكاية لهذه الأشغال والحرف، فلكل حرفة ما يناسبها ويتناسب معها.
عند زيارة الحرفي تجده يردد أغاني يجزّئ بها يومه، ويخفف بها رتابة العمل، أو يسرد الحكايات لمن يجالسه دون توقف..
أصبحت الحرف اليدوية إحدى القوى الناعمة والممثلة لوطننا المملكة العربية السعودية في كثير من المحافل الدولية عالمياً وعربياً، ولا يخفى على المتابع انبهار الآخر في البلدان الأخرى بهذه الثقافة اليدوية الحية المتنوعة، والحرص على تتبعها وفهمها ودراستها وحضورها بل تأثيرها في نمط المعيشة، خصوصاً ما كان له ارتباط بثقافة الصحراء.