يهدف مهرجان شتاء طنطورة، ببرنامجه الثقافي وفقراته التراثية ورحلاته الآثارية وحفلاته الغنائية، إلى تعزيز الجذب السياحي للعلا التي تقع على بعد 300 كلم إلى الشمال من المدينة المنورة، مكتنزة بالبعد الكبير الذي مثلته عبر التاريخ كملتقى للحضارات والثقافات بوصفها محطة مهمة على طرق التجارة العالمية.
أما الطنطورة بشكلها الهرمي فتعد ساعة شمسية مهمة يعتمد عليها أهالي المنطقة للتعرف على دخول موسم الزراعة وكذلك تغيّر فصول السنة. ترتفع الطنطورة على أسطح أحد الأبنية وسط بلدة العلا الأثرية كجزء أصيل من البناء، كما كان أهالي المدينة يعتمدون عليها قبل مئات السنين للتعرف على الوقت خلال اليوم. وقد اكتسبت الطنطورة على مر العصور أهميتها كنقطة يجتمع عندها أهالي البلدة للاحتفال بموسم الزراعة وبدخول فصل الشتاء، والذي يعود معه مجدداً النشاط في الحقول، وهكذا أصبح الحدث تقليداً سنوياً يجمع أهل المدينة للاحتفال بعودتهم إلى حقولهم وفرصة للابتهاج وتبادل التهاني.
ويأتي استمرار المهرجان في موسمه الثاني الذي ينطلق في قادم الأيام تعبيراً صادقاً لمجمل خطط ورؤية الهيئة الملكية لمحافظة العلا بقيادة رئيس مجلس إدارتها وعراب رؤية المملكة 2030م ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ومتابعة دؤوبة لمحافظ الهيئة الملكية وزير الثقافة صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان. وقد حظي مهرجان شتاء طنطورة منذ انطلاقته في الموسم الماضي بالدعم الكامل، مما ساهم في إحياء وعودة المدينة التاريخية إلى صدارة المشهد العالمي.
ويقدم موسم شتاء طنطورة مجموعة كبيرة من التجارب المتنوعة التي تلبي احتياجات جميع الزوار وتناسب جميع الأذواق، سواء للأفراد أو المجموعات أو العائلات، من مختلف الشرائح. وتقام فعاليات شتاء طنطورة في عطلات نهاية الأسبوع، ابتداءً من 19 ديسمبر 2019 حتى 7 مارس 2020. وسيتسنى لضيوف الموسم الثاني هذا العام زيارة المواقع التاريخية والتراثية المذهلة بشكلٍ حصري، وحضور العروض الموسيقية والفنية العالمية والاقتراب بشكل مثير من السحب في سماء العلا من خلال مناطيد الهواء أو الطائرات الكلاسيكية الصغيرة..
ويتيح موسم شتاء طنطورة لزواره فرصة فريدة للسفر عبر الزمن والتعرف على تاريخ وتراث العلا القديم من خلال زيارة المواقع الأثرية والتراثية التي ستفتح حصرياً لضيوف الموسم الثقافي. ولن تقتصر هذه الرحلة على زيارة المواقع الأثرية فحسب، وإنما ستأخذ الزوار في جولة للمناطق النابضة بالحياة، والتي تحمل عبق الماضي وتجسد تراث العلا في أبهى صوره. وستشمل الرحلة أيضاً زيارة المواقع الأثرية في مدينة الحِجر ومملكة دادان، والتعرف على حياة شعوب هاتين المدينتين، وكيف ازدهرتا واندثرتا، وما قصتيهما.
كما توفر العروض والتجارب المثيرة التي يقدمها موسم شتاء طنطورة لضيوفه واحة ثقافية خصبة في قلب واحة صحراوية استثنائية تحيط بها المناظر الطبيعية الخلابة من جميع الجوانب، متضمنة لوحات من الغوص في بحور أنغام الموسيقى العربية والعالمية في نهاية كل أسبوع، إلى جانب فرصة زيارة حديقة المنحوتات والمعارض الفنية المتنوعة، وكذلك رحلة السوق المفتوحة التي تعرض الأعمال التراثية والحرف اليدوية محلية الصنع.
وتسهم الهيئة الملكية لمحافظة العلا من خلال مبادراتها في تحقيق أهداف رؤية 2030، عبر تطوير العلا، حيث تعد واحدة من أعظم عجائب الدنيا، إذ يحيط بها الجمال الطبيعي والآثار الرائعة التي تشهد على عظمة الإنسان وجهوده التي امتدت على مدى آلاف السنين. كما تعد واحدة من أفضل المواقع التراثية المحفوظة في العالم، وموطناً للعديد من الحضارات القديمة. وكانت العلا العاصمة المختارة للحضارة الدادانية واللحيانية منذ القرن السادس قبل الميلاد على الأقل، بالإضافة إلى كونها موقعاً مهماً للنبطيين، حيث تم فتح هذه المواقع التراثية والتاريخية لزوار مهرجان شتاء طنطورة ليكتشفوها ويتعرفوا على تاريخها وجمالها الطبيعي، وتم إغلاقها فور انتهاء المهرجان لاستكمال الدراسات اللازمة وعمليات التطوير والتأهيل والمسح الأثري والتنقيب، وذلك لحفظ وصون التراث الطبيعي والثقافي في المحافظة.
واستطاع مهرجان شتاء طنطورة في موسمه الأول 20 ديسمبر 2018 م وعلى مدى شهرين لفت أنظار العالم إلى تجربة فريدة امتزجت بها حكاية المكان والإنسان، حيث محافظة العلا ملتقى الحضارات والثقافات ومحطة مهمة في طريق التجارة العالمية، بداية من القرن الأول قبل الميلاد، إضافة إلى آثار تاريخية يمتد عمرها إلى آلاف السنين، وما حباها الله من مواقع ومناظر طبيعية خلابة جعلتها قبلة للسائحين ومحبي المغامرة والاكتشاف.
وقد تنوعت فعاليات مهرجان طنطورة في موسمه الأول بأنشطته الفنية والترفيهية والثقافية طيلة فترة إقامته على مدى الشهرين، أحياها نجوم كبار من الوطن العربي والعالم. ومن ذلك:
عروض ضوئية في مهرجان شتاء طنطورة
وهي عروض ضوئية مستوحاة من الاحتفال التقليدي المتوارث في العلا ببدء موسم الزراعة، رافق ذلك زيارة البلدة القديمة خلال هذه الفعالية، والاستمتاع بزيارة السوق الشعبي في أجواء تحمل عبق التاريخ، إضافة إلى مشاهدة أعمال ومنحوتات لفنانين معاصرين، فضلاً عن العروض الفنية والمسرحية، وكذلك تذوّق أشهى الأطباق المحليّة.
رحلة إلى كنوز الماضي
وهي رحلة تاريخية أصيلة في أجواء عربية خالصة، من خلال زيارة سوق البلدة القديمة ومشاهدة معروضات من الحرف اليدوية والتعرف على مجموعة من المصنوعات التي مازالت تتوارثها الأجيال في العلا، ومن ثم جولة موسعة إلى رحاب العلا لمشاهدة آثارها التاريخية المنحوتة على الصخور.
أسطورة الخيول الخمسة.. ملتقى الفرسان (31 يناير - 2 فبراير)
وهي محاولة لاكتشاف السمات الخمس لجماليات الخيول التي طالما تغنى بها الشعراء والفرسان منذ القدم، بالإضافة إلى عرض رائع لفنون الفروسية في ميدان مفتوح.
هذا فضلاً عن استضافة محافظة العلا لأول مرة سباق كأس خادم الحرمين الشريفين للقدرة والتحمل، والذي شهد مشاركة 80 من أفضل الفرسان، وقد أقيم السباق بالشراكة بين الاتحاد السعودي للفروسية والهيئة الملكية لمحافظة العلا.
مهرجان المناطيد
تزينت سماء العلا بمجموعة من المناطيد زاهية الألوان متنوّعة الرسوم، واستمتع السواح والزوار بمشاهدة أفق العلا وروعة التشكيلات الصخرية.
هذا بالإضافة إلى الحفلات الغنائية التي أحياها كبار نجوم الغناء والموسيقى العربية والعالمية في مهرجان شتاء طنطورة، أمثال: فنان العرب محمد عبده والفنانة اللبنانية ماجدة الرومي وعازف الكمان (رينو كابوسون) والموسيقار العالمي عمر خيرت وفي عزف منفرد لأصغر وأشهر عازف لانج لانج، كما تم استخدام تقنية الهولوغرام في حفل فريد لإحياء أغاني كوكب الشرق أم كلثوم وكذلك الفنان الأوبرالي أندريا بوتشيلي، وجاء مسك الختام مع العالمي (ياني كريسماليس).