(أريد أن يفهم الناس أن أزمة البيئة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بعالمنا الثقافي وكيفية تفاعلنا معه). هذا ما قالته الدكتورة ويندي نلاني إيكيموتو أثناء فعالية (الطبيعة والأزمة والنتائج) في متحف نيويورك التاريخي.
ويقارن المعرض كلاسيكيات المذهب الطبيعي الأمريكي في القرن التاسع عشر بأعمال فنانين منتمين إلى مجتمعات استبعدتها السرديات التاريخية بشكل كبير وكانت أجدر بالحماية.
لقد برزت فعالية (الطبيعة، والأزمة، والنتائج) بناء على طلب إيكيموتو بإعداد معرض للوحات مدرسة نهر هدسون التي ترجع للقرن التاسع عشر التي جسّدت مناظر طبيعية ريفية بشكل جمالي رومانسي.
غير أن إيكيموتو لم ترغب في إعادة تعليق تلك اللوحات على الجدران فحسب. كانت بالأحرى تريد وضعها في سياق معين من خلال إحاطتها بأعمال رسمتها مجموعات استبعدها تاريخ تلك الأماكن، علاوة على رغبتها في جعل تلك اللوحات تتشابك مع مسألة الحقوق المدنية وأزمة المناخ.
وتعبر لوحة ألبرت بييرشتات (بحيرة دونر من أعلى القمة) التي تبرز شمس الظهيرة الساطعة فوق جبال سييرا نيفادا الصخرية الوعرة عن هذه الفكرة.
وعلى تلك اللوحة علقت إيكيموتو قائلة: (رُسمت هذه اللوحة تخليداً للسكة الحديدية الممتدة عبر القارات، لتشيد بالسرعة والسهولة التي نجتاز بها تلك الأرض الوعرة في عصرنا الحديث).
وقد أحاطت إيكيموتو هذه المجموعة الضخمة من اللوحات بصور للمجتمعات الأكثر تأثراً بإقامة السكك الحديدية مثل لوحات أوسكار يي هو، وهو رسام معاصر من أصول صينية، والفنان بن بيز الذي يعتبر من السكان الأصليين.
هذا ويصور بييرشتات منظراً لمكان مهجور أزيح عنه سكانه الأصليون، معبراً عن المصير الواضح، حيث يأتي أوائل المستوطنين من كل حدب وصوب مثل العمال الصينيين المهاجرين لإقامة السكك الحديدية. لقد أرادت دمج بشر في الإطار، حباً في الطريقة التي تراقبنا بها الشخصيات المرسومة في اللوحات، وكأنها تريدنا أن نسمع حكاياتها.
كما يغوص (الطبيعة، والأزمة، والنتائج) في تاريخ سنترال بارك بنيويورك المعقد والمثير للجدل. ويحدثنا المعرض عن سنترال بارك التي لطالما أشيد بها كمتنزه حر يسع الناس جميعاً.
غير أنها بُنيت على أنقاض بيوت ذوي البشرة السمراء، والجاليات الألمانية، والآيرلندية من الطبقة المتوسطة وكنائسهم.
مع ذلك، مكّن بناء سنترال بارك 10 بالمئة من ذوي البشرة السمراء من الحصول على حق التصويت. وعلى هذا علقت إيكيموتو بقولها: (من المهم أن نعرف علام نسير حين نتنزه في سنترال بارك).
كما يقدم متحف نيويورك للتاريخ ثلاث صور لسنترال بارك المُحتفى بجمالها المقترن بالعديد من المقتنيات مثل الخرائط التي تحدد أسماء من سكنوا الأرض التي صارت فيما بعد سنترال بارك، مثل إليزابيث إيه جلوستر التي ناضلت كي تحصل على تعويض قانوني ثم استخدمت المال لتصبح إحدى أكثر النسوة السمراوات ثراءً وأهم الشخصيات المؤثرة في تاريخ أمريكا، إذ موّلت بناء سكة حديد تحت الأرض.
ويحتوي المعرض على مواد استخدمت في تبرير اغتصاب الأرض، مثل أغراض استخدمت في حملة لتحقير الطبقة المتوسطة، وهم أصحاب الممتلكات، واصفة إياهم بواضعي اليد.
وترى إيكوموتو أن المعرض مرتبط بهويتها، فهي من مواطني هاواي، وقد شهدت موطنها يحمل عبء أزمة المناخ في الولايات المتحدة، علاوة على وعيها بدورها كأمينة متحف ومسؤوليتها في توعية الناس بأن المتاحف أماكن تعليمية، إضافة إلى كونها منصة لسرد القصص وفرصة لتغيير طريقة التفكير في الفن والتاريخ الأمريكي.
وتأمل إيكيموتو في أن يسهم المعرض في حث الجمهور على الربط بين التاريخ، والحقوق المدنية، وأزمة المناخ. فمن شأن استبعاد الناس من تلك القصص أن يسيء تأويل التاريخ.
كما تعد المتاحف انعكاساً للجماهير التي تخدمها، وليس الأمريكيون جمهوراً أبيض البشرة فحسب، بل متنوع. ومن شأن معرفة قصص التنوع والتلاقي أن يعزز فهم الأمريكيين لتاريخهم.