ارتأيت في هذا المقال جمع اقتباسات مما كتب ونشر في الكتب والصحف والمجلات بأيدي العرب والمستشرقين عن (نجيب بك هواويني) حتى نهاية القرن العشرين، ورتبت هذه الكتابات بناءً على تاريخ نشرها من الأقدم إلى الأحدث، وأعدت صياغة وتصويب بعض فقراتها مع حذف ما رأيته حشواً زائداً لا تفيد معرفته، ولن يضر الجهل به. وفي أولها عرف بنجيب هواويني في كتاب (المجلة) أو (جامع الأدلة على مواد المجلة) أو (مجلة الأحكام العدلية)، بصفته شارحه ومحققه ومنسقه ومرتبه، بما نصه: (عزتلو نجيب بك هواويني: وكيل دعاوي، صاحب شهادة من مكتب الحقوق السلطاني، وأستاذ اللغة والخطوط العثمانية في الكلية الشرقية بزحلة - لبنان). وذكر (سليم قبعين) (ت: 1371هـ/ 1951م) في كتابه المعنون بـ(اللآلئ السنية في التهاني السلطانية)، تهنئة هواويني لسلطان مصر والسودان (حسين كامل) بمناسبة توليه السلطنة، بما نصه: «وقد هنأ عظمته في يوم جلوسه بالبيتين الآتيين حضرة المحامي نجيب بك هواويني خطاط الحضرة السلطانية، والخبير في مضاهاة الخطوط، قائلاً:
بشرى لوادي النيل في سلطانه
ملك المفاخر والمعالي الأكبر
فلقد زهت مصر بيوم جلوسه
وغدت مؤرخةً (بكامل تفخر)».
كما ترجم (إلياس زخورا) (ت: نحو 1350هـ/ 1931م) لهواويني في كتابه (مرآة العصر في تاريخ ورسوم أكابر الرجال بمصر) قائلاً: «صاحب العزة نجيب بك هواويني: خطاط عظمة سلطان مصر، هو بلا جدال أشهر خطاط في هذا العصر، شرفه عظمة السلطان بلقب هو أشرف الألقاب مكافأة له على سعيه الدائم إلى ترقية أنواع الخطوط العربية والفارسية. ولنجيب بك كراريس خطية تدعى (السلاسل الذهبية)، هي أسمى وأبدع كراريس وجدت إلى اليوم في الشرق، تحتوي على اختراعه الجديد لتسهيل تعليم كل نوع من الخطوط، فضلاً عن كونها مجموعة حكم وفوائد، (علمية، وأدبية، واجتماعية) تنير الأذهان وتهذب العقول، وهي تسع كراريس خط رقعة، وسبع خط نسخ، وأربع خط ثلث، وهي مقررة في وزارة الأوقاف ومجالس المديريات وجميع المدارس المشهورة بالقطر المصري، فضلاً عن أنها مقررة رسمياً لدى وزارة المعارف بالأستانة لمدارس الأستانة نفسها وجميع المدارس في تركيا.
ولنجيب بك تأليف فريد في بابه هو كتاب (المجلة) أو (جامع الأدلة على مواد المجلة)، منسق تنسيقاً بديعاً، يحتاج إليه الحكام والمحامون وطلبة الحقوق. ولنجيب بك اليد الطولى في خدمة الوطن والعلم، وتعميم حسن الخط بين مريديه، ولقد نبغ على يده كثيرون يشار إليهم بالبنان، وفي مقدمتهم الكاتبتان الشهيرتان السيدة لبيبة هاشم -صاحبة مجلة فتاة الشرق- والآنسة مي، والشاعر الذائع الصيت عزتلو ولي الدين بك يكن، والخطاط محمود أفندي مصطفى. وله تآليف أخرى معدة للطبع، وهو ضليع في علم الحقوق، وعارف باللغات، (العربية، والتركية، والفرنسية)، وله أخلاق راضية وآداب عالية وصفات حميدة ووداعة فائقة، وله قصائد وخطب عديدة تدل على سعة علمه وذكائه. وجملةً هو من شبان الشرق النابغين الذين يشار إليهم بالبنان، وصدره محلى بالوسامات والرتب العالية من دول متعددة، أكثر الله من أمثاله خدمة للعلم والوطن».
أما المسيو (غورو) (ت: 1365هـ/ 1946م) فحكى في مفكراته عن هواويني بك قائلاً: «خطاط جلالة الملك: المحامي نجيب بك هواويني، يتولى عمل كليشهات (قوالب) أسماء لأوراق الزيارة والكتب والجرائد والمجلات والصور، ولوحات وأختام (عربية، وإفرنجية)، وتطلب منه مؤلفاته، فـ(التزوير الخطي)، هو أول كتاب وضع لمعرفة الأوراق والإمضاءات والأختام المزورة، وثمنه (50 قرشاً). وكراريسه (السلاسل الذهبية)، الرقعة، والنسخ، والثلث، والفارسي المقررة للمدارس. ومجلته (مجلة الأحكام العدلية)، المشروحة والمشكلة بقلمه، والمقررة رسمياً لمحاكم الاتحاد السوري. وهو مستعد لفحص الأوراق المطعون فيها بالتزوير، وهذا عنوانه: (مصر- القاهرة)».
ونشر عنه مانشتين في جريدة (الدفاع) الفلسطينية، الأول: بعنوان (محاضرة للأستاذ نجيب بك هواويني)، ونصه: علمت أن الأستاذ نجيب بك هواويني خطاط جلالة ملك مصر، ومؤلف كتاب (التزوير الخطي)، وواضع كراريس (السلاسل الذهبية) سيلقي مساء الخميس الموافق 31 كانون الثاني في النادي الرياضي الإسلامي بيافا محاضرة موضوعها (أساس دعائم الوحدة العربية هو الخط العربي). أما الثاني: فعنوانه (حفلة شاي للأستاذ هواويني)، ونصه: وسيقيم الأستاذ عبدالقادر أفندي الشهابي للأستاذ هواويني حفلة شاي في منزله بالرملة الساعة الرابعة من مساء الخميس 31 الجاري أثناء مروره منها، وقد علمت أن الأستاذ هواويني سيزور قبل إلقاء محاضرته بعض الأندية العربية الموجودة بيافا للتعرف على أعضائها، وهذه هي المرة الأولى التي يزور فيها الأستاذ هواويني فلسطين.
بينما ذكره (محمد طاهر بن عبدالقادر الكردي المكي الخطاط) (ت: 1400هـ/ 1980م) في كتابه المعنون بـ(تاريخ الخط العربي وآدابه) قائلاً: «نجيب بك هواويني: خطاط قديم شهير وفنان ماهر كبير خبير بأنواع الخطوط، حاز كثيراً من النياشين والميداليات، وخطه في غاية الحسن والجمال، وله ذوق سليم في التراكيب الخطية، وإلمام كبير في هذا الفن الجليل. كتب عدة من الكراريس في (الثلث، والنسخ، والرقعة) مطبوعة تدرس في المدارس تسمى (السلاسل الذهبية)، كما أنه ألف كتاباً في التزوير الخطي، وهو محام ضليع تخرج من المدارس العليا، ولكن مع الأسف لم أجتمع به حينما كنت بمصر، وعمره نحو خمسين سنة».
وعنه قال (الزركلي) (ت: 1396هـ/ 1976م) في (الأعلام): «نجيب هواويني: من كبار الخطاطين، سوري، ولد سنة (1295هـ/ 1878م)، عاش ومات في القاهرة سنة (1376هـ/ 1956م). امتاز بأكثر أنواع الخط، وتلقاه عنه كثيرون، وكانت الحكومة المصرية تنتدبه لمضاهاة الخطوط والأختام، ومنح لقب (خطاط السلطان). أنشأ رسالة في (التزوير الخطي) نشرتها مجلة الهلال، وكتب (السلاسل الذهبية): عشرون كراساً مدرسية، تسعة منها بالرقعة، وسبعة بالنسخ، وأربعة بالثلث. وكان محامياً، وألف (كتاب جامع الأدلة على مواد المجلة)، وأحسن مع العربية التركية والفرنسية، وله نظم دون الوسط».
ونقل (عمر رضا كحالة) (ت: 1408هـ/ 1987م) في كتابه (معجم المؤلفين) عن (الزركلي) قائلاً: «نجيب هواويني: من كبار الخطاطين، سوري، عاش بالقاهرة، وامتاز بأكثر أنواع الخط وتلقاه عنه كثيرون، وكانت الحكومة المصرية تنتدبه لمضاهاة الخطوط والأختام، ومنح لقب خطاط السلطان، وكان محامياً، وله نظم، وأحسن مع العربية التركية والفرنسية. من آثاره: (رسالة في التزوير الخطي، والسلاسل الذهبية، وكتاب جامع الأدلة على مواد المجلة)».
وذكر الفيكنت (فيليب دي طرازي) (ت: 1376هـ/ 1956م) في كتابه (خزائن الكتب العربية في الخافقين) قائلاً: «ونذكر ممن اشتهر بحسن الخط في العصر الحالي وأجاده أو تفوق فيه على خطاطي العصور الغابرة ثلاثة خطاطين هم، علام علام: الذي ذاعت دفاتر خطه في جميع مدارس الشرق. وإبراهيم بن فارس يزبك: نشر بخطه قانون الإيمان مكتوباً بأربعة عشر شكلاً من الخطوط العربية البديعة في طليعتها الخط الكوفي. وثالثهم نجيب بك هواويني: خطاط ملك مصر، وله آثار رائعة في هذه الصناعة».
ووفقاً لجريدة (أخبار الأسبوع) العمانية، فلقد كان شيخ الخطاطين نجيب بك هواويني من رواد صالون الأديبة الفلسطينية (مي زيادة)، وفي هذا الصدد يشير (طاهر الطناحي) قائلاً: «أشرت بإصبعي إلى لوحة معلقة في مكتبها مكتوبة عليها أبيات بالحبر الذهبي بخط الفنان نجيب هواويني، فقالت: هذه الأبيات للإمام الشافعي، وهي شعاري في الحياة، ولذلك احتفظت بها على هذه الصورة، وقامت وقمت معها، ثم تقرؤها بصوت رقيق مؤثر، وهي:
إذا شئت أن تحيا سليماً من الأذى
وحظك موفور وعرضك صين
لسانك لا تذكر به عورة امرئ
فكلك عورات وللناس ألسن
وعينك إن أبدت إليك معايباً
فصنها وقل يا عين للناس أعين
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى
وفارق ولكن بالتي هي أحسن».
ووصفه (عفيف البهنسي) (ت: 1439هـ/ 2017م) في كتابه (معجم مصطلحات الخط العربي والخطاطين) قائلاً: «هواويني، نجيب بك: آخر العباقرة المصريين في الخط، خطاط مصري مشهور، له كتاب عن التزوير، وهو محام، له عدد من الكراريس المطبوعة: (السلاسل الذهبية)، له شهرة واسعة في جميع الخطوط وبخاصةً الرقعي، درس في إستانبول على يد (حسن رضا) وقلده في خطه».
وقبل الختام أشير إلى قصة لطيفة بعنوان (الخط الباهر)، مفادها أنه: لما عجز خليل مطران -الشاعر المجيد- عن تحسين خطه استعان بالخطاط الشهير نجيب بك هواويني، فلما أدرك أمنيته دفع له أجرته من نقود الشعراء والكتاب، وأرسل إليه الأبيات الآتية:
علمتني الخط فما راعني
مني سوى النجاح السريع
كاشفتني من فنه موجداً
بذلك السر اللطيف البديع
كم زنت قرطاساً بآياته
بين شتيت باهر أو جميع
فشاقني منهن ما شاقني
في روضة من زهرات الربيع
صوغ ورسم ونقوش إلى
ما لا يباهى من ضروب البديع