مِن أُمِّنَا تَتَرَقرَقُ الأَضوَاءُ يا (حَفصُ) يا عَلَمٌ لَنَا ولِوَاءُ
رَفَعَ الإلهُ مَقَامَهَا بِنَبِيِّنَا صَلَّى عَلَيهِ اللهُ كَيفَ يشَاءُ
وَعَلَت بسيرتها الكواكب كُلهَا لا الشَّمسُ تُدرِكُهَا ولا الجَوزَاءُ
فِي عَامِ مَولِدِهَا الحَبِيبُ (مُحَمَّدٌ) صَغَرُوا لَهُ وتَضَاءَلَ الكُبَرَاءُ
إِذ جَاءَ بَينَ القَومِ يَفصِلُ بَينَهُم فَأتَمَّ بَيتَ اللهِ نِعمَ بِنَاءُ
قَد كَانَ مَولِدُهَا البِشَارةَ والهُدَى لِلقَومِ يَومَ تَوَحَّدَ الفُرَقَاءُ
مُذ هَاجَرَت طَلَباً لِعَهدِ اللهِ قَد شَهدَت عَلَى إِيمَانِهَا الغَبرَاءُ
سَطَرَت عَلَى وَجهِ الزَّمَانِ تَجَلُّداً يَكسُو تَصَبُّرَهَا الأَبِيَّ بُكَاءُ
للهِ حِكمَتُهُ التي يَقضِي بِهَا مِن لُطفِهِ تَتَرَمَّلُ الحَسنَاءُ
(عُمَرُ) الأَبُ المَكلُومُ يَرأَفُ رِقَّةً يَبغِي لَهَا زَوجاً لَهُ إِعلاءُ
فَهِيَ التَّقِيَّةُ شِيمَةً، وهِيَ الـ ـنَّدِيَّةُ خِلَّةً، والوَجهُ فِيهِ ضِيَاءُ
يَسعَى لَهَا بَينَ الأكَابِرِ خَاطِباً لَم يَلقَ إِلَّا الصَّمتَ، إِن هُم جَاؤوا
يَشكُو إِلَى خَيرِ الأنَامِ (مُحَمَّدٍ) إِنَّ الأَحِبَّةَ فِعلُهُم إِغضَاءُ
يَا خَيرَ خَلقِ اللهِ إِنِّي عَاتِبٌ، إِعرَاضُ صَحبِكَ غُصَّةٌ وجَفَاءُ
حَتَّى أَتَاهُ البِشرُ مِن خَيرِ الوَرَى فَتَهَلَّلَ (الفَارُوقُ) والكُرَمَاءُ
(عُثمَانُ) و(الصِّدِّيقُ) لَمَّا أَدرَكَا عَزمَ الرَّسُولِ، تَعَطَّلَ الإِنشَاءُ
لَم يُفشِيَا سِرّاً مَخَافَةَ رَبِّهِم تِلكَ الصِّفَاتُ يُجِلُّهَا العُقَلاءُ
مِن بَيتِ عَدلٍ لا مِرَاءَ بِهِ اِستَوَت أَخلَاقُهَا وفِعَالُهَا البّيضَاءُ
لَمَّا بَنَى خَيرُ الأنَامِ بِهَا، اِنجَلَت أَفعَالُهَا وصِفَاتُهَا الغَرَّاءُ
وَتَزَوَّدَت هَدياً بِهَديِ (مُحَمَّدٍ) مِن نُورِ (أَحمَدَ) تَصطَلِي وتُضَاءُ
وتَعَلَّمَت تَرقِي القُرُوحَ بِأَمرِهِ مِن صِدقِهَا يَستَرشِدُ العُلَمَاءُ
تَسقِي العِطَاشَ وتُبرِئُ الجَرحَى ولَا تَخشَى الحُرُوبَ فَعَزمُهَا مَضَّاءُ
وهِيَ التِي أَمَرَ الإِلَهُ بِرَدِّهَا مِن فَوقِ سَبعٍ، إِنَّهَا النَّعمَاءُ
فَأتَاهُ جِبرِيلُ الأمِينُ مُبَلِّغاً بِرِسَالَةِ البُشرَى لَهَا خَلصَاءُ
صَوَّامَةٌ، قَوَّامَةٌ، فِي الخُلدِ زَوجُكَ، إنَّ زِينَتَهَا تُقًى وحَيَاءُ
طَرَقَ الحَبِيبُ الدَّارَ يَبغِي رَدَّهّا فِي نَفسِهِ حُبٌّ لَهَا وَصَفَاءُ
فَتَجَلبَبَت (حَفصُ) الحَيِيَّةُ ثَوبَهَا وتَبَرقَعَت فَكَأَنَّهَا العَذرَاءُ
رَوَت الحَدِيثَ ومَا تُرِيدُ بِهِ سِوَى الهَدي الَّذِي تَندَى بِهِ الأَرجَاءُ
حَفَظَت كِتَابَ اللهِ لا تَشقَى بِهِ تَحمِي الرِّقَاعَ ومَا بِهَا إِعيَاءُ
أُمَّاهُ أَنتِ حَرِيَّةٌ بِالمَدحِ مَهمَا قَصَّرَ البُلَغَاءُ والشُّعَرَاءُ