مجلة شهرية - العدد (578)  | نوفمبر 2024 م- جمادى الأولى 1446 هـ

الأمير أحمد بن عبدالله الثنيان

الأمير أحمد بن عبدالله الثنيان
سيـرة وثـائقـيـة

قاسم الرويس: الدوادمي


كان للأمير سعود بن محمد بن مقرن الذي تنسب إليه أسرة آل سعود أربعة أبناء هم: (محمد وثنيان ومشاري وفرحان)، وأكبرهم محمد أمير الدرعية ومؤسس الدولة السعودية الذي تولى الحكم خلال الفترة (1139 - 1179هـ/ 1726-1765م) ثم تسلسل الحكم في ذريته حتى اليوم.
أما ثنيان الذي تشير بعض المصادر التاريخية أنه كان ضريراً، فقد التقى هو وأخوه مشاري بالشيخ محمد بن عبدالوهاب في بيت ابن سويلم عند قدومه للدرعية سنة 1157هـ/ 1744م قبل أن يلتقيه أخوهما محمد أمير الدرعية آنذاك وتأثرا بكلامه ولعلهما ساهما بطريقة أو بأخرى في التأثير على أخيهما لإيوائه ونصرته، ويشاء الله بعد هذا اللقاء بـ100 سنة في ظروف استثنائية أن يتمكن أحد أحفاده وهو عبدالله بن ثنيان بن إبراهيم بن ثنيان من حكم نجد مدة قصيرة.
 إذ قدّم محمد علي باشا إلى نجد الأمير خالد بن سعود مع حملة عسكرية بقيادة إسماعيل بك فوصل الرياض 1253هـ/1837م للقضاء على حكم الإمام فيصل بن تركي، ومن ثم تنصيب خالد بن سعود حاكماً اسمياً تابعاً له، وقد تم ذلك بعد أن استنفذ الإمام فيصل بن تركي جهده في المقاومة بكل قوة إذ استسلم للقوات المصرية عام 1254هـ/1838م. لقد كان خالد بن سعود ابناً للإمام سعود الكبير وكان من جملة آل سعود المنقولين إلى مصر بعد سقوط الدرعية 1233/1818م وقد تأثر بالبيئة المصرية لقدومه إليها صغيراً ولطول إقامته فيها فألف عادات الحضارة المخالفة لعادات أهل نجد، إضافة إلى عدم استقلاليته وخضوعه لنفوذ العساكر والتدابير المصرية، وهو الأمر الذي جعل أهل نجد ينفرون منه مع ما في نفوسهم من اشمئزاز وكراهية لوجود العساكر في نجد. وتبعاً لتلك الظروف فقد اختلف عبدالله بن ثنيان مع خالد بن سعود ثم لم يلبث حتى أعلن تمرده على حكمه وأخذ يدعو أهل نجد إلى طرد الروم -كما كانوا يسمونهم– والحقيقة أنه لم يكن يعوزهم في ذلك الوقت الحرج إلا زعيم من آل سعود فهبوا لنصرته وأطاعوه، فتغلب على الرياض بسهولة وقضى على كافة المناوئين له ودانت له نجد كلها وطهَّرها من العساكر المصرية وفر خالد بن سعود، فصفت نجد لابن ثنيان، وكان قد عمل على تحسين علاقته بالعثمانيين فوصلته الخلعة والفرمان بتنصيبه أميراً على نجد عبر مندوب خاص من والي جدة عثمان باشا في الخامس من رمضان 1258هـ/1842م، وفي حين لم تكمل فترة حكمه السنتين خلال (1257 - 1259هـ/1841 - 1843م) فقد عجّل بنهايتها خروج الإمام فيصل بن تركي من سجنه في مصر وعودته إلى نجد، فيما لم يتنازل ابن ثنيان له عن الحكم وعمل على مقاومته ثم ما لبث ابن ثنيان أن حوصر في قصر الحكم بالرياض نحو خمسين يوماً ثم قبض عليه وحبس وتوفي في حبسه في منتصف جمادى الآخرة 1259هـ/1843م.

 

الأمير (الملك) فيصل بن عبدالعزيز وعلى يساره أحمد الثنيان

الأمير عبدالله بن عبدالله بن ثنيان
وقد خلّف عبدالله بن ثنيان ثلاثة أبناء أحدهم ولد بعد وفاته أي في سنة 1259هـ/1843م أو السنة التي تليها، فسمي باسم والده –كما جرت عادة النجديين- فعاش في نجد مع أسرته وقبل بلوغه العقد الثالث رأى بعينه النزاع بين أبناء عمومته على الحكم بعد وفاة والدهم الإمام فيصل بن تركي 1282هـ/1865م الأمر الذي أدى إلى احتلال القوات العثمانية منطقة الأحساء عام 1288هـ/1871م فتطلعت نفسه وتوقدت طموحاته لاستغلال الاضطراب الحاصل في نجد بسبب الحرب الأهلية في اقتناص فرصة سياسية عن طريق السلطات العثمانية التي كان لها حضورها في نواحي الجزيرة العربية آنذاك. وتشير بعض الوثائق العثمانية أنه توجّه إلى البصرة سنة 1294هـ/1877م تقريباً بينما يؤكد الدكتور سهيل صابان أن توجهه إلى البصرة كان قبل 13 ربيع الأول 1295هـ/15 أبريل 1878م.
 بينما يكشف خطاب رفعه ابن ثنيان إلى السلطات العثمانية بتاريخ 4 شعبان 1297هـ/12 يوليو 1880م عن مطالبته بإسناد متصرفية نجد وملحقاتها إليه نظير خدمة والده السابقة للدولة إبان حكمه لنجد، كما اتضح أن والي بغداد كان قد طلب حضوره إلى العراق ليصل بعد مدة إلى البصرة التي يبدو أنه ظل فيها منتظراً مدة ثلاث سنوات (1294-1296هـ/1877-1879م) كان خلالها يطالب بالسماح له بالإقامة في إستانبول وإيجاد وظيفة مناسبة له، ليطلب منه بعد ذلك التوجه إلى إستانبول، فغادر البصرة بحراً في باخرة للحجاج فلما وصل جدة لم يتجاوزها إلا بعد قضاء فريضة حج 1296هـ/1879م والتقى خلال إقامته في مكة المكرمة بشريفها الحسين بن محمد بن عون الذي شجعه على الذهاب لإستانبول وكاتب السلطات العثمانية بشأنه، ثم غادر على باخرة تجارية إلى مصر ومنها إلى سواحل الشام فلم يتجاوز الشام حتى زار القدس والمسجد الأقصى، ليصل إستانبول بعد ذلك في عام 1297هـ/1880م .
 ومما يظهر في الوثائق أنه قد تم تخصيص راتب له ومُنح وساماً من الدرجة الثانية، ثم صدرت الإرادة السنية بمنحه رتبة أمير أمراء فاكتسب بذلك لقب باشا، ثم ما لبث سنوات قليلة حتى عيّن عضواً في مجلس شورى الدولة العثمانية بإستانبول، كما يشير صابان بتاريخ 21 شوال 1302هـ/2 أغسطس 1885م وخُصص له راتب مقداره خمسة آلاف قرش، وتم ترشيحه عضواً في بعض اللجان سنة 1305هـ/1888م. ولعل السلطات العثمانية استعانت به في بعض المهام والاستشارات المتعلقة بالجزيرة العربية عموماً وبنجد خصوصاً.
ويشير جوزيف كشيشيان إلى زواج عبدالله باشا بعد استقراره في إستانبول سيدة شركسية هي (تاز روح) فأنجبت له أربعة أبناء هم محمد سعود (اسم مركب) وأحمد وجوهران (وهما توأمان) وسليمان، وأنه كان لعبدالله باشا من زواج سابق ولدان هما عبدالرحمن وعبدالقادر، بينما نجد الرويشد في الجداول الأسرية لسلالات العائلة المالكة السعودية يذكر إضافة إلى أولئك الأبناء أبناء آخرين: (إبراهيم، منيرة، ثنيان)، مما يرجح وجود أبناء له في نجد قبل مغادرته إلى إستانبول. ولا تسعفنا المصادر بسنة وفاة عبدالله باشا إلا أنه يبدو من إحدى الوثائق العثمانية أنه كان حياً سنة 1320هـ /1902هـ.
أما ابنه (محمد سعود) الذي يظهر أنه أكبر أبناء السيدة الشركسية فتشير بعض المعلومات المقتضبة عنه إلى أنه تعلم في إستانبول حتى تخرج طبيباً ثم انخرط ضابطاً في الجيش العثماني وقتل أو فقد عام 1341هـ/1923م في إحدى حروب الدولة العثمانية، وكان قد تزوج من سيدة ذات أصول شركسية اسمها (آسية) أنجبت له (عفّت منيرة) التي كان عمرها عند فقد والدها سبع سنوات و(زكي) عمره ثلاث سنوات، لتتزوج عفت بعد ذلك بعشر سنوات من الأمير فيصل بن عبدالعزيز نائب الملك في الحجاز آنذاك وتصبح الملكة عفت لاحقاً .

الأمير أحمد بن عبدالله الثنيان
كان أحمد هو الابن الثاني لعبدالله باشا من زوجته الشركسية، وقد ولد في إستانبول سنة 1306هـ/1889م كما يشير أحد المصادر، وهناك نشأ وتعلم، وتشير الوثائق إلى إتقانه عدداً من اللغات غير العربية كالتركية والفرنسية، وبينما يشير صابان إلى وثيقة عثمانية تقترح أن تخصص الدولة راتباً شهرياً لأحمد الثنيان مؤرخة في 3 جمادى الأولى 1330هـ/30 أبريل 1912م، فإن أول إشارة اطلعنا عليها في الوثائق البريطانية تتعلق بانتقال أحمد الثنيان من إستانبول إلى الجزيرة العربية تسبق هذه الوثيقة بنحو عام كامل، إذ نجد ضمن النشرة الإخبارية الأسبوعية الصادرة عن الوكالة السياسية في الكويت في مايو 1911م/ جمادى الأولى 1329هـ أن أحد أبناء عمومة عبدالعزيز، وسمي خطأ (محمد بن عبدالله بن ثنيان)، قدم إلى الكويت وزار الشيخ مبارك الصباح، أما عن سبب قدومه فإن النشرة لم تجزم بشيء معين ولكنها نقلت بعض الأقوال المتداولة؛ منها أن متصرفية الأحساء عُرضت عليه من قبل العثمانيين، بيد أنه رفض قبولها قبل أن يتشاور مع عبدالعزيز، ومنها أنه يفكر في الحصول على إذن من عبدالعزيز ليمثل الرياض في البرلمان العثماني، وتؤكد الوثائق البريطانية بعد ذلك مغادرة أحمد الثنيان الكويت متوجهاً إلى الرياض.
وبغض النظر عن دوافعه للمجيء فإن أحمد الثنيان وصل إلى الرياض في عام 1911م/1329هـ والتحق بخدمة سلطان نجد، وشارك في عدد من الحملات العسكرية ويقال إنه تعرض لإصابة في قدمه في إحدى المعارك سببت له بعض العرج، وبحكم تعليمه وثقافته واطلاعه سرعان ما أثبت كفاءته ونال ثقة ابن عمه سلطان نجد آنذاك، فكان من أوائل مستشاريه في الشؤون السياسية بل كان ساعده الأيمن في مراسلاته وشؤونه الخارجية يصح معها أن يوصف بالسكرتير السياسي، وكان مما يميزه عن بقية المستشارين بالإضافة إلى كونه من أقارب السلطان هو إجادته اللغة العربية والتركية بل كان يتحدث أيضاً الفرنسية والألمانية والإنجليزية بطلاقة، وسنحاول في هذه السيرة المقتضبة تسليط الضوء على بعض محطات حياته وأبرز نشاطاته السياسية من خلال الوثائق التاريخية التي اطلعنا على بعضها:

المهمة السياسية الأولى 1912م/1330هـ
يظهر أن أول مهمة سياسية كلف فيها أحمد الثنيان من قبل سلطان نجد كانت إرساله إلى بغداد في أوائل عام 1330هـ/1912م بناء على طلب الوالي جمال باشا، كما أشار إلى ذلك الريحاني، وذلك للمذاكرة مع الأتراك في الخلاف مع الشريف حسين، ولكن عند وصول ابن ثنيان إلى بغداد ومقابلته لجمال باشا وجده قد تغير ومال وأخذ يتهدد ويتوعد، فعاد ابن ثنيان إلى نجد وأخبر سلطان نجد بما جرى فأغضبه هذا التصرف، وأبلغ جمال عن طريق وكيله في البصرة بأنه سيقصر عليه الطريق عن قريب، إلا أن مجلة عراقية نشرت خبر قدوم أحمد الثنيان إلى بغداد ذكرت أن الغاية من قدومه هي المطالبة بحقوق النيابة لديار نجد.

إجلاء الجنود العثمانيين من الأحساء
وبعد استيلاء سلطان نجد على الأحساء وإخراجه الحامية العثمانية وقيامه بترحيلها بأسلحتها إلى البحرين عن طريق العقير 1913م/1331هـ تولى أحمد الثنيان قيادة قوة سعودية ترافق القوات العثمانية للتأكد من انسحابها وحماية لها من تعديات القبائل، وكان عدد الحامية ألفاً ومئتي جندي، وفي خطوة تالية استسلمت حامية العقير لأحمد بن ثنيان الذي أشرف على ترحيل بعض قوات الحامية بسرعة بواسطة القوارب، أما بقية الجنود فقد تم ترحيلهم بباخرة بريطانية اسمها (جون أسكوت)، وهو ما يؤكد اعتماد سلطان نجد عليه وثقته المطلقة فيه، ولعل إجادته للغة التركية من أسباب اختياره لهذه المهمة، ولم تتوقف مهمة الثنيان بعد الاستيلاء على الأحساء عند هذا الحد بل أرسل في مهمة سياسية خاصة إلى العراق هدفها تلطيف الأجواء مع العثمانيين، إذ نجد في رسالة من الوكيل السياسي في البحرين إلى بيرسي كوكس المقيم السياسي في الخليج بوشهر مؤرخة في 29 يونيو 1913م الموافق 24 رجب 1331هـ إشارة إلى أن أحمد بن ثنيان وصل إلى البحرين في طريقه إلى البصرة، ويشير إلى حمله رسائل من عبدالعزيز إلى السلطات العثمانية هناك يعبر فيها عن عدم عدائه للسلطان ويوضح أنه استولى على الأحساء والقطيف بناء على رغبة أهاليهما ولتجنب زعزعة الاستقرار في تلك المنطقة، وذكر من مرافقيه إبراهيم الدامغ ومساعد بن سويلم، ويقترح الوكيل تدخل الحكومة البريطانية للمصالحة بينه وبين الحكومة العثمانية، وقد أبرق كوكس بهذه المعلومات إلى حكومة الهند البريطانية بتاريخ 11 يوليو 1913م.

معاهدة دارين 1915م / 1334هـ
تشير المصادر التاريخية إلى تحاشي البريطانيين في مرحلة ما قبل الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918م) الاتصالات المباشرة مع عبدالعزيز آل سعود ولم يظهروا رغبة بالتدخل في شؤون وسط الجزيرة العربية وحتى بعد تمكنه من الاستيلاء على الأحساء في عام 1913م وحدوث بعض الاتصالات فإنهم لم يهتموا كثيراً بتحويل اتصالاتهم به إلى التزامات محددة أو اتفاقية رسمية!! لأسباب أهمها اتفاقية عام 1913م بين العثمانيين والبريطانيين التي حددت مناطق السيادة والنفوذ لكل منهما في الجزيرة العربية بحيث كانت معظم الأراضي التي يسيطر عليها عبدالعزيز آل سعود تحت سيادة الدولة العثمانية بموجب هذه الاتفاقية السرية لأنها تقع شمالي الخط الأخضر الممتد من عدن إلى قطر والذي رسمت بموجبه الحدود بين الإمبراطوريتين.
 وبينما وقع عبدالعزيز معاهدة بالأحرف الأولى مع العثمانيين قبل اندلاع الحرب العالمية بأسابيع قليلة (مايو 1914م)، فلقد أدى اشتعال الحرب إلى تغيير جذري في دائرة العلاقات السعودية البريطانية، فقد دفعت المصالح السياسية البريطانيين دفعاً إلى رفع علاقاتهم مع عبدالعزيز إلى المستوى الرسمي، وأخيراً وقع معاهدة دارين مع المندوب السامي البريطاني في العراق بيرسي كوكس في 26 ديسمبر 1915م / 18 صفر 1334هـ التي اعترفت بريطانيا بموجبها بعبدالعزيز وورثته من بعده (حاكماً لنجد والأحساء والقطيف والجبيل والموانئ التابعة لها).
بدأت مفاوضات هذه المعاهدة بين سلطان نجد في منتصف سنة 1915م تقريباً واستغرقت سبعة أشهر ووقعها من الطرف البريطاني السير بيرسي كوكس ومن الطرف السعودي السلطان عبدالعزيز، كانت هذه المعاهدة ثمرة للإستراتيجية السعودية في فرض التحالف فرضاً على بريطانيا، وفي حين تشير بعض المصادر التاريخية إلى أن أحمد الثنيان هو مستشار عبدالعزيز الذي أدار المفاوضات مع برسي كوكس تحت إشراف عبدالعزيز وتوجيهه، وكانت مفاوضات حقيقية طلب فيها الجانب السعودي تعديلات وإضافات أملتها الأوضاع الداخلية، وقَبِلَ البريطانيون معظمها، في حين تم التوصل إلى حل وسط في صياغة بعضها الآخر، وناقش محمد جلال كشك هذه المعاهدة وتعديلاتها داحضاً مزاعم بعض المؤرخين أن قصر نظر مستشاري ابن سعود وجهلهم هو الذي أدى إلى عقد هذه المعاهدة الجائرة، مؤكداً أنها بحسب الظروف التي عقدت فيها كانت شراً لا بد منه وأن مستشاري عبدالعزيز الذين قرأوا المعاهدة حرفاً حرفاً كانوا يعرفون معنى كل كلمة ولم يكونوا يجهلون ما يجري حولهم عام 1915م/1334هـ حيث تقسيم إيران واعتراف تركيا بالاحتلال البريطاني لشواطئ الخليج ثم الحرب العالمية التي أصبحت فيها سيادة الدول في مهب الريح وخلع الخديوي واحتلال العراق وتهاوي الإمبراطورية العثمانية لذا قبلوا المعاهدة التي كانت المعاهدة الوحيدة في الخليج التي جرى مناقشتها وتعديل بنودها قبل توقيعها، ورغم أنه لا يمكن وصفها بمعاهدة الند للند، إلا أنه لم تتمكن قوة عربية أخرى في وقتها ولسنوات بعدها أن تحقق معاهدة أفضل منها، وفيما كان المعتمد البريطاني هو الحاكم بأمره في جميع البلدان المتعاهدة مع بريطانيا لم يكن في سلطنة ابن سعود معتمد بريطاني، ولم تمض سنوات قليلة حتى نسخت هذه المعاهدة بمعاهدة جدة سنة 1345هـ/1927م التي اعترفت فيها بريطانيا بالاستقلال الكامل والسيادة المطلقة للسعودية.
ويشير المؤرخ الروسي ألكسي فاسيلييف إلى أن هذه المعاهدة أول وثيقة حقوقية للاعتراف بالمكانة الدولية الجديدة للدولة السعودية وحقق عبدالعزيز من خلالها هدفين طويلي الأمد هما: أولاً الاعتراف به حاكماً لنجد بالوراثة، وثانياً التزام بريطانيا بمساعدته.

أحمد الثنيان يغادر نجد 1916م/1334هـ
بعد مضي خمس سنوات على وجود أحمد الثنيان في نجد ساهم خلالها في النشاط العسكري والسياسي وكلف في أثنائها بعدد من المهمات الحسّاسة، نلاحظ إشارات في الوثائق البريطانية تشير إلى مغادرة الثنيان أراضي نجد فجأة دون علم الملك عبدالعزيز أو توضيح لأسباب المغادرة حيث وصل إلى البحرين دون إشعار مسبق للسلطات البريطانية، مما أثار حوله بعض علامات الاستفهام خصوصاً والحرب العامة (1914- 1918م) لا تزال في عنفوانها في أطراف الجزيرة العربية. وفي حين نجد رسالة من عبدالعزيز آل سعود إلى كوكس بتاريخ 8 رجب 1334هـ/11 مايو 1916م يبلغه فيها أن أحمد بن عبدالله الثنيان وهو أحد أفراد آل سعود ذهب إلى البحرين بعد أن حل ضيفاً عليه في الرياض. يذكر تقرير دوري صادر عن الوكيل السياسي في البحرين عن الفترة نفسها أن أحمد الثنيان آل سعود وصل إلى البحرين ونزل ضيفاً على الشيخ عيسى آل خليفة، ويضيف التقرير بعض المعلومات الشخصية عنه. وبعد مرور نحو ثلاثة أسابيع على بقائه في البحرين تلقى آمر السفينة بريتومارت أمراً من كبير الضباط السياسيين في البصرة يتعلق بأحمد الثنيان عن طريق القائم بأعمال وكالة البحرين. وبعد نحو شهرين من مغادرة أحمد الثنيان يتبين أن البريطانيين قاموا بإيقافه حيث وصلت رسالة من عبدالعزيز آل سعود إلى كوكس القنصل البريطاني العام في الخليج مؤرخة في 18 رمضان 1334هـ/19 يوليو 1916م يطلب فيها من السلطات البريطانية إطلاق سراح قريبه أحمد بن عبدالله الثنيان الذي أوقفه البريطانيون.
ثم نجد في رسالة من الملك عبدالعزيز إلى كوكس بعض التفاصيل دون وضوح ملابسات الإيقاف، حيث أشار إلى قيام البريطانيين باستدعاء ابن ثنيان وتفتيشهم أوراقه وأنهم لم يجدوا فيها ما يدينه ولكنهم رتبوا إرساله إلى مسقط، فيما يؤكد الملك عبدالعزيز أن ابن ثنيان لم يلمح له بشيء حول مغادرته ولم يشعره برحيله مسبقاً رغم أنه من أقاربه ومحل ثقته، ويطالب البريطانيين بإطلاق سراحه وعودته إلى نجد نظراً لوجود عائلته. وبالفعل فقد استجاب البريطانيون لطلب الملك عبدالعزيز وأطلقوا سراحه حيث وصل البحرين في طريقه إلى نجد ونزل ضيفاً على الشيخ عيسى آل خليفة في شهر سبتمبر 1916م/ذو القعدة 1334هـ.

عودة إلى العمل السياسي 1917م/1335هـ
نلاحظ أن الثنيان عاد بعد ذلك إلى ديوان ابن عمه السلطان عبدالعزيز كما كان مستشاراً سياسياً وظل محل ثقته الكاملة فقد التقاه روبرت هاملتون في زيارته للرياض سنة 1917م، بينما يشير فيلبي في بعثته إلى نجد في تلك السنة إلى مقابلاته المستمرة معه لتمهيد الطريق أمام الموضوعات الحسّاسة المحتمل ورودها في لقاءاته مع السلطان، الأمر الذي ساعد فيلبي على الاطلاع على الحقائق الرئيسة بدرجة كافية مكنته من صياغة اقتراحات محددة لتدرسها الحكومة البريطانية، وقد وصف فيلبي أحمد بن ثنيان بأنه ساعد ابن سعود الأيمن في ذلك الوقت فيما يخص السياسة.

رحلة أول وفد نجدي رسمي إلى أوروبا سنة 1919م/1337هـ
انتهت الحرب العالمية الأولى في آخر العام 1918م، وانسحب العثمانيون من المنطقة وهيمنت بريطانيا، ونشب بعد ذلك الخلاف بين الحجازيين والنجديين على واحة (الخرمة) وفي أواخر مايو 1919م تحرك عبدالله بن الحسين لغزو الخرمة وعسكر في (تربة) فطوقته القوات النجدية وقضوا على قوته وغنموا سلاحها وعتادها في ليلة 25 شعبان 1337=26 مايو 1919م، عندئذ تدخل البريطانيون بصورة مباشرة في هذه المسألة حيث وصلت إلى عبدالعزيز من القنصل البريطاني في جدة رسالة تطلب منه العودة إلى نجد وترك تربة والخرمة كمنطقة محايدة حتى يتم ترسيم الحدود بينهما وإذا امتنع عن الانسحاب فإن الحكومة البريطانية ستعتبر المعاهدة لاغية وستتخذ الخطوات اللازمة لإعاقة عملياته!
أثناء هذا التماس السياسي الحاد وجهت الحكومة البريطانية الدعوة إلى زعماء الجزيرة العربية بهدف توثيق الروابط والعلاقات وفي مقدمة هؤلاء السلطان عبدالعزيز للقيام بزيارة رسمية إلى بريطانيا أو من ينوب عنه، فكانت فرصة لتدقيق المواقف ولم يكن ممكناً لعبدالعزيز ترك نجد لعدة أشهر في هذه الظروف كما لا يمكنه الاستغناء عن ابنه سعود في وقت مازالت به الأحوال السياسية والعسكرية في نجد غير مستقرة، فأوفد ابنه فيصلاً نيابة عنه. ويشير فاسيلييف إلى أن فيصل كان صبياً في الثالثة عشرة من عمره، ولم يكن مؤهلاً لأداء مهمة سياسية مستقلة، فيما كان عليه أن يمثل والده بكل جدارة ويشارك في أهم المحادثات التي كلف بها (أحمد الثنيان) وهدفها الأول توصيل وجهة نظر عبدالعزيز آل سعود في محاولة لإقناع الإنجليز بحقيقة الموقف في النزاع مع الشريف حسين.
 لقد سجلت الوثائق البريطانية تفاصيل هذه الزيارة لأول وفد رسمي سعودي إلى أوروبا وكانت أول الوثائق التي تختص بهذا الموضوع مؤرخة في 14 مايو 1919م، وقد تشكل الوفد كما جاء في الوثائق من ابن السلطان الأمير فيصل بن عبدالعزيز ومعتمد السلطان الشيخ أحمد الثنيان آل سعود ووكيل أمور السلطان الشيخ عبدالله القصيبي إضافة إلى ثلاثة من المرافقين. فانطلق هذا الوفد من البحرين في 30 أغسطس 1919م تقريباً في رحلة استمرت نحو ستة أشهر ومرت في خط طويل مشرقة مغربة بمحطات عديدة بدأت من الرياض فالأحساء ثم من البحرين إلى مسقط فبومباي ثم من بومباي إلى بورسعيد فبليموث ومنها إلى لندن مروراً بويلز وأيرلندا ومن لندن إلى باريس مروراً ببلجيكا ثم العودة من مرسيليا إلى بومباي ومنها إلى البحرين فالأحساء وأخيراً الرياض.
 وقد استقبل الملك جورج الخامس وعقيلته وكريمته الأميرة ماري الوفد النجدي في قاعة العرش بقصر بكينغهام صباح 30 أكتوبر1919م حيث بدأ فيصل بتلاوة رسالة أبيه بالبسملة ثم سلم نصها للملك وقدم له سيفين هدية وأعرب الملك عن مواساته لعبدالعزيز ومبعوثه بسبب وفاة ثلاثة من أبنائه بالإنفلونزا ثم قدم صورتين فوتغرافيتين صورته وصورة الملكة وعليهما إهداء بخطه من أجل حاكم نجد، معبراً عن صداقته، ومحيلاً المسائل السياسية إلى الحكومة ليتباحث الوفد معها. ورغم بعض المواقف التي حدثت إلا أن الإنجليز بعد ذلك كانوا جادين في مباحثاتهم مع الوفد ودرسوا رسالة عبدالعزيز الذي أوضح حقيقة خلافاته مع الشريف وأسباب الاشتباك معه، طالباً السماح لحجاج نجد بدخول مكة وسرعة ترسيم الحدود بين نجد والحجاز. وكان ابن ثنيان في الحقيقة هو الذي يجري المحادثات لكنه كان يناقش كل شيء مع فيصل لأن الفتى يريد أن يعرف كل شيء لأنه عندما ودع والده قال له: (ستحدثني عن كل ما يدور هناك بعد أن تعود).
 ومن لندن توجه الوفد النجدي إلى باريس وهناك قرر المسؤول البريطاني المرافق حين علم بتواجد فيصل بن الحسين في باريس تنظيم لقاء بين الوفد وفيصل بن الحسين، إلا أن ابن ثنيان رفض اصطحاب فيصل بن عبدالعزيز وذهب وحده في لقاء اعتبره هو غير رسمي ولكن ظهرت في كلام فيصل بن الحسين نبرة رأى فيها ابن ثنيان نوعاً من الإهانة فاتقدت عيناه شرراً فأنهى اللقاء بأسرع ما أمكن. وأخيراً غادر الوفد ميناء مرسيليا برفقة المقدم جراي في نهاية ديسمبر وعاد فيصل إلى الوطن في فبراير 1920م من الطريق نفسه عبر بومباي والبحرين.

 بعثة أحمد الثنيان إلى الحجاز 1920م/1338هـ
بعد عودة أحمد الثنيان من مهمته السياسية في أوروبا بنحو ستة أشهر كان أمامه مهمة سياسية جديدة وربما متعلقة فيها وهدفها إزالة الخلاف بين الملك عبدالعزيز وبين الشريف حسين وتحسين العلاقات بينهما، وكان البريطانيون قد اقترحوا بسبب موقف الشريف المتعنت في منع النجديين من الحج ومنعاً لحدوث مصادمات عسكرية جديدة بين الطرفين تشكيل وفد سياسي للتفاوض والمصالحة يرافقه مجموعة من الحجاج النجديين لا تتجاوز العشرات وطلبوا من الملك ترشيح من يمثله في المفاوضات مع موفدي الحكومة البريطانية وهما: حسن صديق خان مساعد الوكيل السياسي في البحرين، وفرحان الرحمة أحد مأموريها من أعيان عشائر العراق، ومع عدم قناعة الملك عبدالعزيز بإمكانية التوصل إلى النتيجة المرجوة مع الشريف حسين لكنه رأى أنه من الحكمة مجاملة البريطانيين فيما سعوا إليه لعقد مصالحة بين الطرفين، ولذا رشح ابن عمه ومعتمده الخاص أحمد الثنيان لينوب عنه في هذه المفاوضات وفق تعليمات وصلاحيات محددة وكتب معه رسالة ودية للشريف حسين.
 وقد وصلت البعثة مكة المكرمة في اليوم السادس من ذي الحجة 1338هـ/ 21 أغسطس 1920م بعد أن قطعوا الطريق في خمسة عشر يوماً وتم استقبالهم بصورة جيدة وبعد انقضاء شعائر الحج بدأت الاجتماعات الرسمية فعقد الوفد اجتماعين مع الشريف حسين وسبعة اجتماعات مع الهيئة التي عينها للتفاوض مع البعثة وهي برئاسة الأمير علي وعضوية الأمير عبدالله إضافة إلى قاضي القضاة والأمير شاكر بن زيد وحيث إن أحمد الثنيان لم يكن لديه تفويض بالبت في جميع المسائل العالقة فقد اقتصر الاتفاق بين الطرفين على هدنة بعدم تعدي قوة طرف على رعايا الطرف الآخر أو تجاوزها في أراضيه مع قرار بإعادة المذاكرة لحسم الخلاف خلال خمسة أشهر مع التفويض الكامل للمبعوثين، وحرر هذا الاتفاق في ثلاث نسخ لكل طرف في المفاوضات، وحيث إن البعثة أقامت في مكة مدة اثنين وعشرين يوماً فقد كان الثنيان يكاتب السلطان عبدالعزيز ويوافيه بتفاصيل المفاوضات وملابساتها ويبين وجهة نظره نحوها.
  كما نجد رسالة منه إلى الوكيل السياسي في البحرين يخبره ببعض المشكلات والعوائق التي واجهوها في مكة المكرمة.

  مهمة سياسية إلى بغداد
لم يكد أحمد الثنيان يرجع من مهمته في الحجاز -والتي يبدو عدم التزام الشريف حسين بالاتفاق الذي تمخض عنها- حتى انتدبه السلطان عبدالعزيز إلى مهمة سياسية جديدة إلى العراق حيث تشير رسالة من سلطان نجد وملحقاتها عبدالعزيز آل سعود إلى الوكيل السياسي البريطاني في البحرين مؤرخة في 26 ربيع الآخر 1339هـ/7 يناير 1921م إلى إرساله أحمد بن ثنيان وعبدالله الدملوجي ورفاقهما ممثلين عنه إلى بغداد لمقابلة المندوب السامي البريطاني لمناقشة القضايا موضع النزاع بينه وبين كل من الشريف حسين والشيخ سالم الصباح شيخ الكويت التي أثرت على شؤونه الداخلية دون أي تجاوب فعلي من البريطانيين، وقد طلب عبدالعزيز في رسالته من الوكيل السياسي في البحرين تسهيل مهمة الوفد وتقديم المساعدة اللازمة مع إبلاغ المندوب السامي بموعد وصوله ومغادرته. وبالفعل وصل الوفد إلى البحرين يوم 20 يناير 1921م وغادر إلى البصرة بتاريخ 24 يناير 1921م، ويظهر أن مفاوضات الوفد مع المندوب السامي استغرقت وقتاً طويلاً لأسباب نجهلها ولعل منها مغادرة المندوب السامي بغداد أثناء وجود الوفد لمقابلة ونستون تشرشل في مصر، إذ تشير الوثائق البريطانية إلى أن أحمد الثنيان في طريق عودته وصل الكويت قادماً من البصرة عبر الزبير بتاريخ 22 مايو 1921م تقريباً وغادرها براً متجهاً إلى الرياض بتاريخ 27 مايو 1921م بعد أن طلب من الوكيل السياسي في الكويت إرسال ثلاث رسائل سلمها له إلى المندوب السامي في بغداد.

معاهدة المحمّرة 1922/1340هـ
لم يكن غريباً أن تتوتر علاقات نجد بالعراق بعد اعتلاء الملك فيصل بن الحسين عرش العراق في 23 أغسطس 1921م لأسباب عديدة ليس هنا مجال لبسطها ولكن الأوضاع على الحدود تأزمت إلى درجة حدوث الصدام المسلح بين القبائل التابعة للحكومة العراقية والقبائل التابعة للحكومة النجدية، مما دفع السير برسي كوكس المندوب السامي البريطاني في بغداد إلى محاولة تهدئة الأوضاع وتنقية الأجواء بالعمل على عقد مؤتمر المحمرة لحل مشكلات الحدود وتبعية القبائل العالقة بين العراق ونجد، وقد وافقت الحكومتان على ذلك ومثل حكومة نجد الأمير أحمد الثنيان، فيما مثل حكومة العراق وزير المواصلات والأشغال صبيح نشأت، ومثل الحكومة البريطانية الميجر برنارد ليون سكرتير المندوب السامي، وبعد إجراء المباحثات تم الاتفاق على عدد من المواد وتم توقيعها من قبل جميع الأطراف بتاريخ 7 رمضان 1340هـ/ 5 مايو 1922م في حين ذيلت المعاهدة بأنه لا يعمل بها إلا بعد المصادقة عليها من سلطان نجد وملك العراق والمندوب السامي البريطاني.
  وبينما صدّق ملك العراق على المعاهدة فإن سلطان نجد وملحقاتها رفض التصديق على المعاهدة لتعدي مندوبه الصلاحيات المخولة له، وهو الأمر الذي أدى إلى عقد مؤتمر العقير حيث تم حل المسائل المعلقة حيث تم التوقيع على برتوكولين بتاريخ 13 ربيع الآخر 1341هـ/2 ديسمبر 1922م وألحقا بمعاهدة المحمرة ليصدق عليها سلطان نجد بعد ذلك.

أحمد الثنيان بين العزل والاعتزال
عند علم سلطان نجد وملحقاتها وهو في الرياض ببنود معاهدة المحمرة التي وقع عليها أحمد الثنيان أصيب بصدمة لمخالفتها لتعليماته وخطته التي وجّه الثنيان إليها قبل سفره، فما كان منه إلا أن أبرق برقية إلى أحمد الثنيان يأمره فيها بالرجوع إلى الرياض، ثم خاطب السلطات البريطانية في الخليج مباشرة كما يظهر في رسالته للوكيل السياسي في البحرين المؤرخة في 3 شوال 1340هـ/30 مايو 1922م بأن الشروط الأولية للصلح التي عقدها مندوبه هي مخالفة ومناقضة للتعليمات التي زوده بها، وأن المندوب قد أخطأ وتصرف بالاعتماد الذي منحه إياه خارجاً عن خطته وتعليماته التحريرية التي معه ولذا فهو يأسف لرفضه جميع تلك الشروط التي لا يمكن قبولها ولا التصديق عليها. ولا شك أن هذا الخطأ الذي وقع فيه الثنيان خطأ غير مقصود لأنه قد برهن أنه محل الثقة وأظهر قدرة سياسية في المفاوضات والمهمات السابقة، ولعله اجتهد في تقدير الأمور فأخفق في اجتهاده في حين تذكر بعض المصادر أن الخطأ الذي وقع فيه كونه ترك للعراق قبائل ما كان له أن يتخلى عنها هي: العمارات والظفير والمنتفق، ولكن لعلنا نتساءل هل كانت هذه المهمة فعلياً هي آخر أعماله في دائرة سلطان نجد الخارجية كما تشير معظم المصادر؟! الحقيقة أننا نجد في الوثائق البريطانية أن البريطانيين بعد تاريخ رفض سلطان نجد شروط معاهدة المحمّرة كانوا يتعاملون معه كمندوب لسلطان نجد حيث نجد على سبيل المثال برقية من الوكيل السياسي في الكويت إلى المندوب السامي في بغداد مؤرخة في 22 يونيو 1922م تنقل عن أحمد الثنيان احتجاج سلطان نجد على هجوم إحدى القبائل عل قافلة لرعايا السلطان، وبلاغ بأن ابن السلطان سعود سيقود قافلة باتجاه الحجاز بصفته أميراً للحج. كما نجد الوكيل السياسي في الكويت يسلم أحمد الثنيان وسام الإمبراطورية الهندية بدرجة رفيق فخري الذي منحته له الحكومة البريطانية تقديراً لجهوده، ولعل ذلك التعامل كان في أثناء طريق عودته إلى الرياض، فيما تتفق المصادر على أن تلك الرحلة كانت خاتمة أعماله السياسية في خدمة الملك عبدالعزيز لاعتزاله السياسة بعد ذلك، وتشير بعض المصادر أنه اختار بعد ذلك الإقامة في الأحساء، وما لبث أن توفي بالرياض على الأرجح سنة 1341هـ/1923م. وقد ذكر الرويشد إلى أنه -يرحمه الله- خلّف خمسة من الأبناء والبنات هم: (الجوهرة، عبدالله، عبدالرحمن، منيرة، عبدالعزيز).
وأخيراً.. نتمنى من أفراد أسرته أن يبادروا إلى نشر الصفحات الغائبة من سيرته خدمة للعلم والتاريخ والوطن.

ذو صلة