مجلة شهرية - العدد (580)  | يناير 2025 م- رجب 1446 هـ

العقاد والحب

قرأت الملف الجميل الذي قدمته المجلة العربية في عددها رقم 450 عن الأستاذ العقاد، وهو ملف حوى الكثير من الموضوعات الشيقة عنه. وقد أعاد لنا هذا الملف عبقاً من الماضي القريب بهذا الاحتفاء بواحد من أهم رواد الثقافة العربية. وعطفاً على هذا الملف الشيق أحب أن أكتب عن الحب في حياة العقاد وبالتحديد قصة غرامه بالفنانة مديحة يسري سمراء الشاشة الفضية التي أخذت عقله بعد رؤيته لصورتها في إحدى المجلات عام 1939 كأحد الوجوه الجديدة، وقد أحبها حباً شديداً وتعلّق بها، قضى معها عامين من أجمل أعوام حياته، لكن هذا الحب لم يستمر أكثر من هذا، بسبب عوامل كثيرة أهمها من وجهة نظري فارق السن وعدم التكافؤ بين الشخصيتين وفارق الثقافة، وبالطبع رغبتها الشديدة في العمل السينمائي، وهو ما كان يرفضه صاحب العبقريات. وفي محاولة لنسيان هذا الحب، أوحى العقاد إلى صديقه الرسام (صلاح طاهر) أن يرسم له لوحة فنية عبارة عن تورتة لذيذة وشهية يعف عليها الذباب، رامزاً إلى محبوبته بالتورتة وإلى الجو السينمائي الذي ذهبت إليه بالذباب، وبالفعل حقق له (طاهر) ما أراد، ووضع (العقاد) اللوحة في غرفة نومه على الحائط المقابل لسريره ليراها كلما استيقظ وساعده ذلك على النسيان كما يؤكد مريدوه وتلاميذه، وإن كنت أشك في ذلك؛ لأنه كتب كثيراً من الأبيات في فاتنته السمراء حتى بعد أن افترقا. وهو ما يدل على أنه لم يستطع نسيانها. ولكن ننسى يوم أن نسجت له محبوبته صداراً (بلوفر) بيديها في عيد ميلاده أيام كان الود قائماً بينهما فنسج لها (العقاد) قصيدة مغزولة بالرقة يقول فيها:
هنا مكان صِداركْ هنا، هنا في جوارِكْ
هنا، هنا عند قلبي يكادُ يلمسُ حُبي
وفيه منك دليلٌ على المودةِ، حسْبي
ألمْ أنلْ منكِ فكرة في كلِّ شكَّةِ إبرة
وكلِّ عقدةِ خيْطٍ وكلِّ جرَّةِ بَكرة
هنا مكان صِداركْ هنا، هنا في جواركْ
والقلب فيه أسيرٌ مُطوَّقٌ بحصارِكْ
هذا الصدارُ رقيب من الفؤادِ قريبُ
سليه، هل مرَّ منه إليَّ طيفٌ غريبُ؟
نسجْتِهِ بيديْكِ على هدى ناظريْكِ
إذا احتواني، فإني ما زلت في إصبعيْكِ
ذو صلة