تميزت حائل بخصائص تساعد على مواجهة التحديات الطبيعية وقسوة المناخ، والتعاون على التعايش مع الظروف الاقتصادية الصعبة وشظف العيش، لذلك كان للحارة والبيت التقليدي دور وظيفي مهم في إدارة الحياة الاجتماعية، والتعامل مع المتغيرات اليومية بإيجابية وفاعلية. ومن أهم السمات الخاصة بالبيئة الحائلية مايلي:
الحارة: ممر عرضه أربعة إلى خمسة أمتار وطوله حوالي مئتي متر، غير مستقيم غالباً، يلتف حسب المكان، تتخلله ممرات صغيرة مسدودة، على جانبيها تتراص البيوت حتى أن بعض الغرف السفلية قد تكون ملكاً لشخص والغرف العلوية لشخص آخر، ومن الطبيعي أن يترك هذا التداخل أثره في العلاقات الاجتماعية الحميمة الدافئة، يتشارك الناس همومها قبل أفراحها بأريحية، سواء في الأعراس أو المآتم، أو في بناء البيوت الذي يشارك فيه القادرون بدنياً من أهل الحارة بأجرة رمزية أحياناً مجرد وجبة غداء أو عشاء، فمنهم المتخصص ببناء الحيطان، وآخر في تجريد العسيب للأسقف، وثالث في ترميل الأسقف بربط العسيب بأخشاب الأسقف التي تحضر من خشب شجر الأثل.. وهكذا.
بيت حائل التقليدي: للبيت القديم مكونات معمارية ذات وظيفة اجتماعية، ولم تكن الحارة إلا درباً يوصل للبيوت ويجمعها كبيئة اجتماعية مترابطة، وكانت عناصر البيت التقليدي الأساسية هي:
الباب الطالعي: مدخل البيت الذي يواجه الداخل إليه، ويزدان بأشكال هندسية ملونة مألوفة في المنطقة.
جدار الطين: الحوائط الأربعة لجدار البيت الخارجي، ودعامات الجدار عروق خشبية بعضها فوق بعض بطول الجدار وبسمك حوالي عشرين سنتمتراً تقريباً، وقد يصل سمك بعضها عدّة أمتار في القصور والقلاع وأسوار المدن ليصعب هدمها واقتحامها.
الكاتولة: تحوير بيئي لبرج المراقبة في القصور والقلاع على شكل بروز يرتفع 30 سم بعرض 70 سم، فوق الباب الطالعي، على عارضتين من الخشب، كوسيلة أمنية تمكن الموجودين في البيت من معرفة هوية طارق الباب، ويضرب بها المثل لتشبيه الأنف الكبير فيقال (خشمه مثل الكاتولة).
سقف البيت: تغطى غرف ومداخل البيت بأخشاب الأثل المصفوفة فوق الحيطان الخاصة بالغرف أو المداخل بمسافة تبعد عن بعضها مقدار ثلاثين سنتمتراً تقريباً ومغطاة بورق النخل بعد تجريده من السعف ويغطى بطبقة طين.
الحوش: فناء الدار، ويلي الباب الأوسط وتحيط به بقية أجزاء البيت، وهو متنفس أهل البيت وحديقتهم الداخلية يزدان وسطه بنخلة أو شجرة أترنج وأرضيته مرصوفة بقطع عريضة من حجر يسمى الصفاء.
القبة: مساحة مفتوحة على الحوش تمثل امتداداً للمساحة المسقوفة أمام الغرف، تستخدم كمظلة للجلوس نهاراً في أيام الصيف للوقاية من حرارة الشمس وتلقي الهواء البارد من مقدمتها.
الحير: يشبه حديقة المنزل الصغيرة ومتنفس أهل البيت يزرع فيه صاحب البيت النخيل ليدّخر منها قوته السنوي من التمر، ويزرع فيه البرسيم للغنم أو البقر، ويوجد به بئر ماء، وحظيرة أغنام، وقصير للدجاج، وروازين الحمام.
دار الحطب: مكان جمع الحطب، الوقود الأساسي للتدفئة والطبخ، وتقع ما بين مدخل الرجال والنساء غالباً.
دار المحل: تجمع فيها مؤونة البيت كالأرز والسكر والشاي والسمن والتمر وغيره، وتقفل وتفتح بمعرفة رب الأسرة حتى يمكنه الوفاء باحتياجات الأسرة على مدى الأوقات حسب الحاجة دون إسراف لقسوة الحياة.
القصير: يقع غالباً أسفل الدرج وله باب صغير، ويستخدم في تجهيز اللبن ومخضه بـ(الصميل).
دار المصخن: غرفة رئيسية مخصصة لتناول الطعام، والجلوس شتاءً، وبها أدوات الشاي والقهوة.
الماقد: الموقد باللغة العربية ويشبه المسخن من حيث هو مكان للطبخ، وموضع النار والوقود المستخدم فيه الحطب.
أدوات الطبخ: منها (الصاج) لوح معدني مدور الشكل أو نصف دائرة تطبخ عليه الرغفان والمقشوش والمرقوق، وتستخدم (الهوادي) في رفع القدر أو الصاج فوق النار، وهي قطع من الطين أو الحجارة، وقد يستخدم (المركاب) كبديل للهوادي، ويصنع من الحديد بثلاث قوائم، ويوجد بالماقد (المركاة) وهي إناء مدور من النحاس يوضع به ماء الطبخ أو غسيل الأواني، وهناك أداة شبيهة تسمى (الرواة) يُجلب بها الماء لملء المركاة، والقدور النحاسية لتعطي حرارة عالية للإسراع في الطهي، ومن أندرها (الهريسة)، وهو قدر صغير ضيق الفوهة يعطي حرارة أعلى للإسراع في نضج (الهريس)، أيضاً تستخدم (الخاشوقة) وهي ملعقة خشبية كبيرة لتحريك الطعام على النار، و(الكفكير) أداة معدنية تؤدي نفس الغرض قاعدتها مثقبة تسمح بمرور المرق، ومن أدوات الطبخ (الصنايا) وهو صحن من النحاس على قاعدة مدوّرة يصل ارتفاعها إلى ستين سنتمتراً، يوضع به طعام الضيوف والأعياد، ومنه أحجام مختلفة تسع ذبيحة أو ذبيحتين، و(الطّبق) شبيه بالصحن مصنوع من العسيب والخوص بحجم متوسط لتنقية الحبوب، ومن أدوات المطبخ (المنخل)، أيضاً (الميخف) وهو قطعة خشبية مدوّرة من جذوع النخيل بسمك الجذع بوسطها حفرة تُهرس فيها حبوب الحنطة وتُطحن البهارات كالكموّن والصرار وغيرها بعصا الميخف.
العشّة: تقع ما بين الماقد ودار المسخّن بين حائطين يوصّل بينهما خشب الأثل، وتغطى من فوق بعسيب النخل لحجز حرارة الشمس، وأهم ما يوضع تحتها قربة من جلد ماعز أو ضأن مدبوغ بطريقة شعبية (خلطة أرز مطبوخ مع ملح وماء تترك فوق الجلد حتى يتخمّر ويسهل نزع صوفه)، وتستخدم بعد تجهيزها لحفظ ماء الشرب أسفل العشّة بعيداً عن حرارة الشمس معرضة للهواء حتى يبرد الماء، وقد تعلق بواسطة حبل بجانب العشّة، أو تعلّق بواسطة (القنّارة) وهي ثلاث خشبات متوسطة الطول مربوطة من أعلى ومفرودة من أسفل على شكل مثلث يرتكز على الأرض، وقد يوضع أسفل القربة بعض الفاكهة فوق قطعة خيش لتبرد بتأثير تساقط نقط الماء كما توضع أسفل العشّة حنفيات الماء المخصص لغسل الأواني.
المغسل أو المغيسل: مكان الغسيل وموقعه في الغالب قريب من العشة، وتكسى أرضيته (بالصفا) وهو حجارة عريضة تؤخذ من أرض جبلية للحماية من مياه الغسيل.
المرزاب: أداة تصريف مياه المطر عبارة عن مجرى محفور في خشب الأثل. ويصنع أحياناً من الزنك.
الزرانيق: زخرفة على هيئة مثلث صغير مدرج من ثلاث درجات، ومفردها زرنوق، وهي في الأصل منارتان على جانبي رأس البئر، والتي تُزين الجدران الخارجية أكبر من التي تُزين الداخلية.
السويق: (بالفتح) لغة، ما يتخذ من الحنطة أو الشعير وجمعه أسوقة، وفي عامية حائل مدخل طوله حوالي ثمانية أمتار وعرضه متران، يربط بين الباب الخارجي والباب الأوسط الذي هو في الغالب مدخل للنساء، وهو درب صغير حوائطه مجصصة وبسقفه فتحة يطلق عليها الفاج مطلة على الباب الطالعي يرد منها رب البيت على الطارق خصوصاً أول الليل في الأيام الحارة عندما ينام أصحاب البيت على السطح.
القهوة: أكبر مكان ويؤثثها صاحب البيت بأفضل ما يملك من سجاد وفرش، ويطلق عليها الآن مجلس الرجال ولها حرمة لا يتصدر الجلوس فيها أصحاب البيت، بل يجلسون في جوانبها قرب المخرج احتراماً للضيوف، وقد يصل ارتفاع القهوة في بعض البيوت خمسة أمتار، وتطلى جدرانها بالجص الأبيض، وتزين بالزخارف، وتوجد فيها نوافذ تُسمى (طياق جمع طاقة) لها ظلف صغير من الخشب لقفلها وقت البرد ويفتح بدل منها ما يسمى (السوامة) وهي فتحة في سقف القهوة فوق مكان إشعال النار تسمح بالتهوية وخروج الدخان ولها غطاء يُقفل ويفتح بحبل، وتستخدم أدوات للتعليق تُسمى (أخلة جمع خلال) والرفوف على شكل مربع محفور في الحائط لوضع الكتب والأوراق، واللوازم الأخرى، إضافة لمربعات صغيرة أسفل الجدران لاتكاء الجالسين، تُسمى (المراكي). و(الكمار) أهم جزء في القهوة وهو رفوف مزخرفة لوضع الأباريق وأطقم الدلال رمز الكرم الحائلي، ويتكون الطقم من خمس قطع متفاوتة الأحجام أكبرها (المطباخة) تليها (المبهارة)، وأشهر أنواعها (القريشيات) التي تصنع من قطعة نحاس أصفر واحدة بدون لحام، وتسمى أداة تحميص البن على النار (المحماسة) وهي حوض دائري قطره حوالي عشرين سنتمتراً مصنوع من الحديد يميل لونه للسواد وله ماسك طويل مزخرف، وله يد خاصة عبارة عن سيخ حديد له رأس صغير مدور أو مثلث بحجم البيضة، يُقلّب بها البن على النار كي لا يحترق.
الليوان: مكان متسع يشبه القبة، وتُحيط به ثلاثة حيطان، مفتوح من جهته الأمامية عادة، ويقع غالباً قبل مجلس الرجال (القهوة) ويكون أحياناً في الدور العلوي فوق سطح المجلس، ويعد لجلوس للرجال في أوقات الصيف.
الروشن: الرّف أو الكوة، وجمع الروشن (رواشن)، وهو غرفة في الدور العلوي نصفها مسقوف، أحياناً يخصص للزوج وزوجته وقت الراحة، تليه دار النوم أو ما يسمى (القصر) وبه دولاب الزوجة. والروشن والقصر هما المكان الذي يستضيف فيه صاحب البيت القديم ابنته وزوجها بعد الزفاف.
دار العدّة: دار جمع السلاح والعدد من أدوات حفر ونجارة ومنها (العتلة -المنساف-الفأس -الطبر-المطرقة-المحساسة-المحفر).
المراغة: أرض فضاء مسورة قد يكون بها باب لإدخال السيارة، أو وضع الأغنام والدجاج، أو جلوس العائلة في الشمس أثناء الشتاء، وللعب الأطفال، وتنقية النساء للحبوب، وطحن الدقيق بالرحى.