رغم تغير الإدارات الأمريكية، بقيت الافتراضات والمفاهيم الأساسية المتعلقة بالسياسة العسكرية في الولايات المتحدة دون تغيير. هذه الافتراضات والمفاهيم تقوم على مبدأ أن الأمن الأمريكي يتطلب أن تحافظ الولايات المتحدة على وجود مسلح دائم في شتى أنحاء العالم، ولإعداد القوات الأمريكية للقيام بعمليات عسكرية في مناطق بعيدة، والاستعداد للتدخل في أي مكان من العالم في جميع الأوقات. في عهد الرئيس باراك أوباما، كما كان عليه الأمر خلال سنوات الرئيس بوش، تبقى هذه الاعتقادات سائدة وغير قابلة للنقاش.
في كتاب (قواعد واشنطن)، يقدم أندرو باسيفيتش تحليلاً حياً وثاقباً وموجزاً حول أصل هذه المعتقدات التي تجمع عليها الإدارات الأمريكية المتعاقبة بغض النظر عن لونها، حيث وضعت في وقت بلغت فيه قوة أمريكا ذروتها. ويكشف باسيفيتش، وهو أستاذ في التاريخ والعلاقات الدولية في جامعة بوسطن الأمريكية، التحيزات والعادات التي تقف وراء الاعتقادات الأمريكية المتعلقة بالقوة العسكرية الجبارة، خصوصاً مبدأ أن التفوق المطلق سيجبر الآخرين على تنفيذ مطالب ورغبات الولايات المتحدة -سواء كان ذلك الحصول على النفط بأسعار رخيصة أو على بضائع استهلاكية بأسعار رخيصة أيضاً. كما يقدم الكاتب رؤية متناقضة تتحدى هذه المفاهيم حيث يبدي شكوكا بفائدة التوجهات العسكرية الأمريكية لأن الحفاظ على التفوق المطلق أصبح مكلفاً جداً وخطيراً جداً في نفس الوقت.
ومع أن المسؤولين الأمريكيين ينكرون ذلك، يقول الكاتب إن القوة العسكرية الأمريكية في العالم بدأت تتقلص، ولذلك فقد حان الوقت لإعادة النظر في المفاهيم والمعتقدات التي تشكل السياسة الأمريكية في العالم، والاعتراف مثلا بأن إيجاد حل في أفغانستان يجب ألاّ يكتسب أولوية أكثر من إصلاح ديترويت. ويؤكد الكاتب أن وضع قواعد بديلة لهذه المفاهيم أساسي ومهم بالنسبة لمستقبل الولايات المتحدة، وبإمكانه أن يقدم المفتاح لخلاص هذا البلد.
الناشر: ميتروبوليتان بوكس، 2010