العصافير التي تستجير بظل الجدار
لا تفكر في الموت
فقط تتقي صولة الريح تارة
وتارةً تختبئ
من نبال الصغار
وثالثة تأتنسُ
بدفء التوحد عند المصاب
والعصافير التي تهمس عند النوافذ
وتومئ لي عبر الزجاج
ومن سطح بيت إلى سطح بيت
تعدو لتمسح وجه المساء
تطارد طيف النهار وتلقي السلام
لا تفكر في الموت
فقط تحزن عند انكسار الضياء
وتغزل من ظلمة الليل ثوب النهار
والعصافير التي لا تعرف غير الغناء
تغرد فوق الحقول
وتقفر طرباً فوق هام الشجر
تعبر النهر هابطةً
لتلثم ثغر المياه
ثم تعلو وتعلو
(صافاتٍ ويقبضن)
لتغدو سراباً في فضاء الفضاء
لا تفكر في الموت
فقط تحلم باختلاس الفرح
والعصافير التي تقفز في رفرفاتٍ كليلة
تستحث السكينة
على شرفات بيوت المدينة
وتلك التي تجوب حقول القرى جل النهار
تفتش عن حبيبات قمح
بقايا طعام
لا تفكر في الموت
أو في اصفرار الخريف
فقط تتقي صرخة الجوع بجوف الصغار
والعصافير التي تغتسل
من رشرشات المطر
لا تفكر في الموت
فقط ترتدي الصحو حالمة بامتلاك النجوم
واعتلاء المدار
والعصافير التي تجاهد الحر والقر
لتبنيَ أعشاش أفراخها
لا تفكر في الموت
فقط تفكر كيف تحمي الصغار
من وقدة الشمس ووخز المطر
العصافير
مغردةً.. غافلة
لا تفكر في الموت
هو الموت من يترصدها
كي تقتنصها شباكه
في لحظة عابرة