بينما كنت أتتبع أخبار وآثار الشيخ عبدالقادر بن عبدالله العديلي الخطية والعلمية والاجتماعية، وقفت على عدد من الوثائق والمخطوطات والآثار الخطية التي تعود لمكتبة أسرته الخاصة، وجاءت القيود المحررة عليها بفوائد وفرائد نادرة ومهمة عن هذه الأسرة المباركة. ومازلت أبحث عنها وأتتبع كل ما له صلة بها، حيث لم أتمكن من التعرف على واقعها ومصيرها اليوم، وهل لها بقية في عصرنا هذا؟ ومن هي الأسر التي تنتمي لها؟ وما هو البلد الذي قدمت منه أو رحلت إليه؟ وغير ذلك من التساؤلات وعلامات الاستفهام حولها. ولعل من الآثار الخطية التي توصلت إليها، والعائدة لهذه الأسرة: نسخة مخطوطة من كتاب: (الإقناع لطالب الانتفاع)، لمصنفه: الشيخ موسى بن أحمد الحجاوي المقدسي ثم الصالحي الدمشقي الحنبلي (ت 968هـ)، وقد نسخها: الشيخ عبدالله بن محمد بن عبدالله بن غانم بن عديل الصبيحي -(والد الشيخ عبدالقادر العديلي)-، وهي تقع في جزءين بمجلد واحد، وقد فرغ من نسخ الجزء الأول بتاريخ: 6/ 10/ 1064هـ، الموافق: يوم الخميس 20/ 8/ 1654م، وفرغ من نسخ الجزء الثاني بتاريخ: ضحى يوم الإثنين 20/ 1/ 1065هـ، الموافق:يوم الإثنين 30/ 11/ 1654م.(1) وكان من الفوائد المكتشفة على صفحة العنوان لهذه النسخة: وقفية في الغاية من الأهمية لها، وأعتبرها نادرة ونفيسة لعدة أمور منها:
1. أنها وقف موثق لكتاب .
2. طريقة الاستفادة من الوقف وترتيبه .
3. أن الموقف للكتاب هو الناسخ له .
4. سياقه لاسمه كاملاً .
5 . أنه حدّد البلد المقدّم طلبة العلم من أهله في الانتفاع من الكتاب الموقوف، وهو بلد: (حرمة) في منطقة سدير، وبذلك يُستدل على مقره وبلده حين الوقف .
6. وجود شاهدين على الوقفية .
7. أهمية كاتبها من الناحية العلمية والاجتماعية، حيث أنه أحد أبناء الشيخ سليمان بن علي بن مشرّف (ت 1079هـ)، العالم المعروف والمفتي المشهور في منطقة نجد، وجد الشيخ محمد بن عبدالوهاب (ت 1206هـ)، وهذا الابن لم يرد ذكره في المصادر، ولم يُذكر مع أبناء الشيخ سليمان بن علي في ترجمته. ومن حسن الحظ أنه بعد تحريره للوقفية كتب اسمه للجد الثامن، مما يقطع الشك حوله، وأبدع في رسم الخط بشكل ملفت، وذلك بقوله: (وكتبه وصححه وشهد عليه فقير رحمة الله محمد بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن محمد بن بريد بن مشرّف)، وأما الشاهدان اللذان شهدا على الوقفية فهما: (أحمد بن راشد بن خميس)، و(إبراهيم بن محمد بن إبراهيم). ومن المؤسف أن هذه الوقفية تعرضت للطمس كحال بقية القيود التي على الكتاب من قبل الشخص الذي حاز عليه، وهذا التصرف لم تسلم منه كثير من المخطوطات، مما تسبب في ضياع وفوات عدة معارف تاريخية واجتماعية، كانت ستكمل بوجودها فراغاً واسعاً من العلوم، ورغم ذلك الطمس المتعمد تمكنت ولله الحمد والفضل من قراءة ونسخ هذه الوقفية المهمة، حفظاً لها من الاندثار والفوات، والكشف عن أثر خطي لشخصية مغمورة، وإحياءً لذكر كاتبها، وكذلك الحال مع صاحب الوقفية، والذي من حسن الحظ يكون والد: (الشيخ عبدالقادر العديلي)، ذلك العالم والقاضي الجليل، والذي ظل اسمه وسياق نسبه مجهولاً في كتب التراجم والتاريخ والرسائل العلمية التي أشارت إليه، وعند كثير من الموثقين. وهذا كشفتُ عنه وبينته -ولله الحمد والمنة- في كتابي: (نوادر من الوثائق النجدية) (2)، حيث خُصَّ ذلك الكتاب بدراسة وتحقيق لعددٍ من الوثائق التي حررها الشيخ عبدالقادر بن عبدالله العديلي بخطه، واستهل أوله بترجمة مفيدة له ومُعرِّفة به وبظروف اسمه وسياقه.
أُسس وثيقة الوقفية
الموضوع: وقف وتسبيل نسخة من كتاب: (الإقناع لطالب الانتفاع)، على طلبة العلم من الحنابلة، وللموقف النظر فيه ولذريته من بعده، وذريتهم مقدمين على من سواهم، ثم طلبة العلم من أهل بلد: (حرمة).
الموقف: الشيخ عبدالله بن محمد بن عبدالله بن غانم بن عديل الصبيحي، وهو الناسخ للكتاب.
الكاتب: الشيخ محمد بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن محمد بن بريد بن مشرّف.
الشهود: أحمد بن راشد بن خميس، وإبراهيم بن محمد بن إبراهيم.
التاريخ: لم يذكر، ولكنه خلال النصف الثاني من القرن الحادي عشر الهجري، وتحديداً في فترة بعد تاريخ الفراغ من نسخ الجزء الثاني من الكتاب الموقوف: (ضحي يوم الاثنين 20/ 1/ 1065هـ)، والموافق: (يوم الاثنين 30/ 11/ 1654م).
المكان: أشير للبلد المقدم فيها الانتفاع من الوقف وهو بلد: (حرمة) من بلدان منطقة سدير، وأما مكان تحرير هذه الوقفية فلم أستدل عليه بشكل قاطع.
الحالة: وثيقة مدونة على صفحة عنوان الكتاب المذكور أعلاه، وقد تعرضت للطمس المتعمد بالقلم بشكل كامل.
عدد الأسطر: بلغ عدد الأسطر التي حررت فيها وثيقة الوقفية: (10) أسطر، متوسطة صفحة عنوان الكتاب.
كاتب الوقفية (الشيخ محمد بن سليمان بن علي)
كما تقدم في مستهل هذا البحث عرفنا أن كاتب هذه الوقفية من خلال نصها هو الشيخ: (محمد بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن محمد بن بريد بن مشرّف)، ومحمد بن سليمان بن علي المذكور، لم يقف على اسمه أو يذكره بإشارة جميع الذين ترجموا لوالده الشيخ سليمان بن علي بن مشرّف (ت 1079هـ) وأبنائه، سواءً من المؤرخين أو أصحاب كتب التراجم المعتبرين قديماً وحديثاً، فضلاً عن الترجمة له هو شخصياً، ولم أجده معدوداً من بين أبناء الشيخ سليمان بن علي، والذين عُرف منهم وذكر في المصادر ثلاثة فقط، وهم:
1. عبدالوهاب (ت 1153هـ) .
2. إبراهيم (1070-1141هـ) .
3. أحمد، وأحمد هذا ورد اسمه في كتاب: (السحب الوابلة)، لمصنفه:الشيخ محمد بن عبدالله بن حميد (1236-1295هـ)، في ترجمته للشيخ محمد بن عبدالله بن محمد بن فيروز (1142-1216هـ)، حيث نقل ابن حميد نصاً أملاه المذكور، وفيه جزء من ثبت لبعض مشايخ جده الشيخ محمد بن فيروز (1072-1135هـ)، وتلاميذه الآخذين عنه، وكان ممن أخذ عنه: أحمد بن سليمان بن علي، والذي نعته بأنه ابن أخت جده الشيخ محمد بن فيروز، حيث قال: (وابن أخته أحمد بن سليمان بن علي، وسليمان بن علي هذا هو عالم نجد في وقته على الإطلاق)، وقد جاء في ترجمة الشيخ زيد بن عبدالعزيز بن فياض (1350-1416هـ)، التي أوردها الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن البسام (ت 1423هـ)، في كتابه: (علماء نجد)، سياق لنسب الشيخ زيد المذكور، وأنه: (زيد بن عبدالعزيز بن زيد بن عبدالعزيز بن عبدالوهاب بن محمد بن ناصر بن فياض بن فارس بن أحمد بن سليمان بن علي)، وقال بعده: (فالمترجم يجتمع بالشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمهما الله تعالى بالشيخ (سليمان بن علي)، فجدّ المترجَم (أحمد بن سليمان) هو عمّ الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمهم الله تعالى جميعاً. ونسبته (ابن فياض) إلى جده السادس، وأحمد المذكور هو المعني بهذا النص، وقد علق البسام في هامش ترجمته للشيخ سليمان بن علي، في: (علماء نجد)، بعدما ذكر أولاده الثلاثة: عبدالوهاب، وإبراهيم، وأحمد، بقوله عن الأخير: (لم أقف على خبر لهذا الابن للشيخ سليمان، إلا في نقل عن إملاء الشيخ محمد بن فيروز أثناء ذكره تلاميذ جده قال: وابن أخته أحمد بن سليمان بن علي)، وعلى إثر هذه الفائدة عن ابن فيروز، حرر البسام في ترجمته للشيخ سليمان بن علي هذا النص: (كما أن الشيخ سليمان بن علي تزوج ابنة عبدالوهاب بن فيروز جد والد الشيخ محمد بن فيروز المشهور، وجاءت منه بابنه أحمد بن سليمان الذي صار تلميذ خاله الشيخ عبدالله بن عبدالوهاب بن فيروز)، قلت: فهل المقصود بأحمد المذكور هو محمد صاحبنا محرر هذه الوثيقة؟ أم هو ابن آخر للشيخ سليمان بن علي؟ وقد حصل عند الشيخ البسام بعض الأوهام والتناقضات في كتابه: (علماء نجد)، نتيجة للتفاوت في وصول المعلومات له، ووقوفه عليها أثناء عمله في تحرير مادته بين طبعتي الكتاب: الأولى، والثانية، ومن ذلك أنه قال في ترجمته للشيخ إبراهيم بن سليمان بن علي، بعد أن ذكر انقطاع عقبه ما نصه: (فإن المعروف أن الشيخ سليمان بن علي لم يبق له عقب الآن إلا من قبل الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وأخيه الشيخ سليمان بن عبدالوهاب الموجودين في بلدة حريملاء)، وهذا لا شك أنه ذكره قبل وصول ترجمة الشيخ زيد بن فياض له، والتي نصت على أنه من ذرية أحمد بن سليمان بن علي، ورأيت في وثيقة تتعلق بتأجير أوقاف في بلد أشيقر، مؤرخة بتاريخ: 11/ 6/ 1123هـ، وكتبها الشيخ أحمد بن محمد المنقور (1067-1125هـ)، إشارة لاثنين من أبناء محمد بن سليمان بن علي (كاتب هذه الوقفية)، وهما بنص الكاتب لتلك الوثيقة: (أحمد وعبدالله ابنا محمد بن سليمان بن علي)، وكانا قد ذكرا ضمن الغائبين عن مكان الوقف من الورثة المستفيدين من آل سليمان بن علي، وهذا يؤكد أن لمحمد بن سليمان المذكور عقب في ذلك الحين، وأنه عند تاريخ تحـــرير الوثيقـــــة المشـــار إليهـــــا والمؤرخـــــة بتاريــــــــــخ: 11/ 6/ 1123هـ، لم يكن على قيد الحياة بدليل تقديم ابنيه: أحمد وعبدالله، لنصيبه من ذلك الوقف، وهو يوحي بعدم وجود غيرهما من الأبناء، وأنهم كانوا مستوطنين في منطقة مرتبطة بمراحل خطط تنقل وسير جدهم، حيث أن الشيخ سليمان بن علي كان قد استوطن روضة سدير بعد خروجه من أشيقر، وقبل نزوحه واستقراره الأخير في العيينة كما جاء في ترجمته. وما تقدم من نتائج يجعلنا نعود للبحث في مسألة الابن الماضي ذكره في النص الذي نقله ابن حميد عن ابن فيروز، ونقله عنه أو من غيره البسام أيضاً، وهو: (أحمد بن سليمان بن علي)، فهذا الابن لم يرد له ذكر مع: (آل سليمان بن علي)، والمشار إليهم في الوثيقة التي كتبها المنقور بتاريخ: 11/ 6/ 1123هـ، وتقدم بيانها، وما هو السبب في عدم ذكره في الميراث؟ فهل ذلك ناتج عن كونه توفي قبل أبيه؟ وهذا سبب قوي لعدم ذكره، لأن أباه وارثه وحاجبه لا محالة، وهذا الرأي هو المرجح في حال تأكد وجود هذا الابن بالاسم الذي تقدم ضمن أولاد الشيخ سليمان بن علي، وأنه لم يحصل التباس بأن المقصود به من تأكد وجوده وهو: (محمد بن سليمان بن علي)، ومن الذين أشاروا لقدوم الشيخ سليمان بن علي من الروضة إلى العيينة، الشيخ عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ (1194-1285هـ)، في كتابه: (المقامات)، وذلك في كلامه عن سيرة وأحوال الشيخ محمد بن عبدالوهاب (1115-1206هـ)، وقد ذكر في نصه أيضاً أن من بين المتخرجين على الشيخ سليمان: ابنيه (عبدالوهاب وإبراهيم)، حيث قال: (فلا ريب أنه لما قدم جده سليمان بن علي من الروضة، ونزل العيينة، كان أفقه من نزل نجداً في وقته، فتخرج عليه خلق كثير من أهل نجد، منهم ابناه عبدالوهاب وإبراهيم). وقد تطرق المؤرخ إبراهيم بن صالح بن عيسى (1270-1343هـ)، في نبذة مخطوطة حررها عنه؛ لقصة نزوحه من أشيقر وسكناه لبلد روضة سدير، ومن ثم انتقاله عنها إلى بلد العيينة، وذلك بنص موجز قال فيه: (طلبه أهل روضة سدير قاضياً لهم فأجابهم إلى ذلك وانتقل من أشيقر وسكن عندهم فنشر العلم في الروضة وحث الناس على التعلم ورغبهم فيه وانتفع به خلق كثير واتفق أنه حصل بينه وبين بعض رؤساء البلد كلام فغضب الشيخ من ذلك وانتقل إلى العيينة واستوطنها وتولى قضاءها فباشره بعفة وديانة وصيانة)، ومن هذا النص يُعرف أن الشيخ سليمان قد مكث مدةً غير قصيرة في روضة سدير، وأنه أسس لوجوده فيها هو وأسرته، ولا يستبعد مصاهرته لأسر منها، أو من إحدى البلدان المجاورة لها من قُرى وبلدان سدير، وباستعراض أخبار وأحوال الشيخ سليمان بن علي وأبنائه في المصادر التاريخية النجدية المبكرة، فإنها ملخصة على النحو التالي:
1. سنة 1049هـ: رحلته للحج .
2. سنة 1069هـ: زواجه في العيينة من فاطمة بنت الشيخ أحمد بن محمد بن بسام، والذي كان قد استوطن العيينة في سنة 1015هـ، وفاطمة المذكورة هي أم: إبراهيم بن سليمان بن علي.
3. سنة 1070هـ: مولد ابنه إبراهيم.
4. سنة 1072هـ: مسيره للصلح بين أهل العيينة وأهل البير .
5. سنة 1079هـ: وفاته.
6. سنة 1139هـ: عزل الشيخ عبدالوهاب بن سليمان من قضاء العيينة.
7. سنة 1139هـ: انتقال الشيخ عبدالوهاب المذكور من العيينة إلى حريملاء.
8. سنة 1141هـ: وفاة الشيخ إبراهيم بن سليمان .
9. سنة 1153هـ: وفاة الشيخ عبدالوهاب بن سليمان.
وجميع هذه الأخبار والأحوال جرت على الشيخ سليمان، وابنيه عبدالوهاب وإبراهيم، في فترة وجودهم في العيينة، وما بعدها، وليس لها صلة بفترة وجوده السابقة هو شخصياً في روضة سدير، أو غيرها، وبذلك تكون هناك فرضيتان مطروحتان لحالة عدم ذكر ابنه: (محمد)، الأولى: أن الشيخ محمد بن سليمان بن علي، وبعد انتقال والده إلى العيينة، بقي في بلد الروضة وتوفي فيها، بدليل أنه لم يذكر في النصوص التي حررت ووجدت عن والده مطلقاً، وأما الأخرى: أنه توفي قبل أبيه، حيث أن كثيراً من ظروف انقطاع أخبار بعض الأبناء تكون ناتجة لوفاتهم قبل آبائهم، وبخاصة إذا كان لأولئك الآباء شهرة ومكانة كحال الشيخ سليمان بن علي، وهذه الفرضية قد يعارضها ما تقدم بأن ابني محمد بن سليمان وهما: أحمد وعبدالله أشير إليهما في النيابة عن نصيبهما من مواريث آل سليمان بن علي، حيث أنه لو كان والدهما قد توفي قبل جدهما فإنهما يحجبان في ذلك كما هو معروف شرعاً، ما لم يكن هناك ميراث مستثنى لهما منه، لأن الخيارات في الأوقاف والسُبل متعددة، وهناك فرضية ثالثة للبحث عن مقر وجود الشيخ محمد بن سليمان بن علي، وهو البلد الذي خُصّ بتقديم طلبة العلم من أهله في النظر بالكتاب الموقوف والانتفاع منه، والكتاب كان مادةً لتلك الوقفية التي حررها في الأصل، وأعني بذلك المقر بلد: (حرمة)، وهل يمكن من ذلك الاعتقاد بأنه استوطن حرمة؟
تاريخ وفاته
مما تقدم من تتبع أحوال وظروف الشيخ محمد بن سليمان بن علي، وما أُستدل به من شواهد الوثيقة التي ذكر فيها ابنيه: (أحمد وعبدالله)، بصفتهما وارثين مكانه في نصيب آل سليمان بن علي من أوقاف في أشيقر، والمؤرخة في: 11/ 6/ 1123هـ؛ عُرف أنه لم يكن على قيد الحياة حينها، وهذا يضع حداً زمنياً للبحث عن تاريخ لوفاته في المصادر التاريخية والوثائق والمخطوطات مستقبلاً.
ويظهر لي -والله أعلم- أن الشيخ محمد بن سليمان بن علي، هو أكبر أبناء الشيخ سليمان بن علي، وبه يُكنى، وأن مولده كان في أشيقر.
خاتمة
من خلال هذه الوثيقة النادرة والنفيسة، والمقيدة على الكتاب الموقوف تمكنت -بتوفيق الله سبحانه وتعالى- ورغم الطمس الذي جرى عليها- من العثور على أثر خطي للشيخ محمد بن سليمان بن علي بن مشرّف، ومعرفة أنه كان صاحب قلم شرعي معتبر، كما هو حال آبائه وأسلافه وأعمامه وإخوانه الكرام، فهم سلالة أسرة عريقة وشجرة مباركة منجبة للعلماء والفضلاء منذ عصر مبكر، وعلى مدى التاريخ النجدي ونهضة الحركة العلمية فيه، ويكفيها فخراً أن الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب هو من أبرز عمدانها وأركانها. وكانت سعادتي بالعثور على هذه الوقفية المهمة بخط عالم مغمور من أعمام الشيخ محمد بن عبدالوهاب، واستنقاذها مما أصابها من طمس متعمد؛ سبباً لكتابة هذه القاعدة المطولة للترجمة له مستقبلاً وإحياء ذكره، مع ما يكتشف ويعثر عليه من آثار علمية وخطية حوله، والحمد لله رب العالمين.
...................................................
(1) وصف عام للنسخة المخطوطة: تتكون نسخة الكتاب من جزأين في مجلد واحد، وأما عدد صفحاتها في كامل المجلد فبلغت: (253) ورقة، وهذه النسخة محفوظة بقسم المخطوطات في المكتبة المركزية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، برقم: (4103/ خ)، وهي مهداة من الشيخ محمد بن سليمان آل سليمان، برقم: (23)، وقائمة: (25)، وعلى النسخة وقفية، وتقييدات تؤرخ لمواليد، وتملكات طمست من قبل آخر من ملكها، أو الوسيط الذي باعها (عفا الله عنه)، وتملك هذا نصه: (ملكه من فضل ربه المنان عبده زيد ابن محمد ابن سليمان)، وختم يحمل اسم المذكور، ثم وقفية معاصرة له، والنسخة سقطت منها ورقات عدة، وأطراف منها أُكملت بخطوط متأخرة.
(2) عبدالله بن حمد العسكر، (نوادر من الوثائق النجدية خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر الهجريين)، دراسة وتحقيق، جداول للنشر والترجمة والتوزيع، بيروت، الطبعة الأولى: أيلول/ سبتمبر 2015م، وللشيخ عبدالقادر العديلي ترجمة في: (علماء نجد خلال ثمانية قرون)، تأليف: الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن البسام (ت 1423هـ)، الطبعة الثانية: 1419هـ، دار العاصمة للنشر والتوزيع، الرياض، (3/ 537).