تعقيباً على مقال د.عبدالله ثقفان المنشور في المجلة العربية العدد 557 عن أهمية وضرورة القراءة ووجود الكتاب الورقي، وفوائده التي لا تعد ولا تحصى؟ لجيلنا السابق والحاضر وبعض الأجيال القادمة؛ سبق أن اطلعت على الحوار الصحفي الذي نشر في جريدة الجزيرة مع راصد ومؤرخ الحركة الأدبية والثقافية على مدى سنوات طويلة الأستاذ خالد اليوسف حول نظرته للكتاب الورقي، وكذلك الحوار الآخر الذي أجري مع الشيخ عبدالله الصميعي صاحب دار الصميعي للطباعة والنشر عن رأييهما في إمكانية بقاء الكتاب الورقي وتنافسه مع الكتاب الإلكتروني، وهل سيكون البقاء الأقوى في قادم السنوات للكتاب الإلكتروني جرياً مع التطور التقني والتقدم العلمي السريع الذي يمر به العالم أجمع؟ أم سيبقى الكتاب الورقي؟
ومع أن رأيي المسبق كان مع تلك الآراء بأن الكتاب الورقي لن يموت ولن يندثر أبداً مهما تطورت التقنية العلمية والتكنولوجية، وذلك لعدة أسباب منها:
- أولاً: لأن كل جيل يختلف عن الآخر، وبالتالي تتغير الآراء وتختلف وجهات النظر، ودائماً كل يحب ما تعود عليه.
- ثانياً: سهولة استخدام الكتاب الورقي، وسهولة حمله في أي سفر أو مكان أو موقع.
- ثالثاً: سهولة العودة له بعد تركه لإكمال قراءته وتعريف مكان الوقوف عنده.
- رابعاً: الاستمتاع أثناء القراءة عن طريق الكتاب، دون مقاطعة باتصال، أو وصول رسائل، وغالباً ما تكون كثيرة.
خامساً: وجود مكتبة ورقية في كل بيت تكون بمثابة الجامعة والحياة لأفراد الأسرة الواحدة، وتفيد الكبير والصغير، وتكون كالتلسكوب الذي يرون من خلاله العالم بأسره، حين يبحرون في سطور ورقه، وبخاصة كتب الدين والتراث والأدب القديم وجميع أنواع الكتب والفنون الأخرى التي لن تكون موجودة إلكترونياً، خصوصاً القديم منها، فالكتاب الورقي موجود منذ آلاف السنين، ومازالت المطابع تخرج وتطبع وتعيد طبعات الكثير من هذه الكتب المهمة. هذا بالإضافة إلى معارض الكتب التي تقام سنوياً في المملكة وفي دول الخليج وفي عدد من الدول العربية والأجنبية، والشاهد على ذلك الإقبال الكبير على هذه المعارض والسفر للتزود من المعروض فيها.
ومن هذا المنطلق كان هناك سؤال يلح علي منذ فترة تمنيت وضعه على طاولة وزير ثقافتنا وأدبنا، الشاب الذي يعيش مرحلة التطور التكنولوجي، وليس مثلنا نحن الأدباء والكتاب والشعراء، ممن تخطوا مرحلة الشباب، وقد أخرجوا كل قطعة أدبية بتعب ومعاناة مختلفة لتظهر في كتاب يراه الناس فيستمتعون به ويستفيدون منه في كثير من أمور الحياة المختلفة. منذ فترة صدر قرار، كان في قمة الجمال والبهاء، قرار رفع قيمة الفن التشكيلي في نظر محبيه وممارسيه، وفي نظر المهتمين به، وكان القرار بإلزام الفنادق وأماكن الضيافة وغيرها بضرورة اقتناء لوحات الفنانين والفنانات التشكيلية لتزيين جدران تلك الأماكن، بدل اقتناء وتعليق لوحات لفانين غير سعودين؛ هذا القرار الصائب، أعتبره كما اعتبره غيري، اعترافاً بأهمية كل ما هو سعودي بحت، واعترافاً بإبداع التشكيليين السعوديين، أيضاً فيه دعم وتشجيع لاستمرارهم في الإبدع، كما أنه سيكون مصدر رزق للفنان المبدع، وحافراً لصاحب الموهبة المبتدئ. شكراً لوزارة الثقافة ولوزيرها، ولوزارة السياحة، على هذا القرار الصائب.
أما السؤال الذي كنت أتمنى وضعه بين يدي وزيرنا فهو: متى سيحظى الأدباء والكتاب والأديبات والكاتبات السعوديات بإعادة دعمهم لشراء نسخ من مؤلفاتهم كما كان في السابق، حيث إن الوزارة أوقفت هذا الدعم من فترة، وكما سمعنا أن النوادي الأدبية مخولة بشراء عدد من نسخ كل كتاب يصدر من المؤلف بمبلغ معين، دعماً له، حيث إن كل نادٍ يتلقى دعماً من الوزارة كما سمعنا. المهم هناك بعض الأندية تشتري من المؤلف، وهناك من يشتري من البعض فقط مجاملة له، وهناك من يوعد ولا ينفذ.. إلخ، لاسيما أن بعض دور النشر قد أقفلت وأعادت كتب المؤلف غير المباعة له، وبخاصة الكتب التي صدرت في سنتي كورونا، فعانى المؤلف بخسارة إعادة الكتب وتأجير مكان لحفظها، وخسارة عدم تسويقها، وخسارة مبلغ طباعتها. أما أغلب الكتاب ممن يدفع بكتابه إلى أحد النوداي الأدبية فهذا لم يعش تلك المعاناة ولم يشعر بالخسارة، وهذا لا نحسده على رزقه، وهناك من يكتب ويحفظ ما يكتبه في درج مكتبه خوفاً من التعرض للخسارة حين طباعة كتابه.
نحن بحاجة لدعمنا ولترجمة كتبنا وانتشارها في دول العالم، فعندما يقرؤون أدبنا سيعرفون أننا تقدمنا وتطورنا في جميع المجالات، وليس في البعض فقط. هناك الكثير من الروايات والقصص السعودية بحاجة إلى ترجمة، وليس فقط من تفوز روايته بجائرة عالمية أو عربية، الأذواق تختلف والآراء كذلك، كما يختلف القراء والنقاد، ونحن بحاجة إلى مكتبات تضم كتبنا ومؤلفاتنا المتنوعة في مواقع السياحة المختلفة للتعريف بالأدب السعودي، أسوة بالتعريف بالتراث السعودي والفن التشكيلي على اختلاف أنواعه، والتعريف بما تحويه متاحفنا القديمة من تراث وأدوات ذات أهمية ولها قيمة لا تقدر بثمن.