د.إبراهيم الخطيب: الإبداع في الرسم والتلوين لم يكن سقف الطموح بل جزءاً منه
حوار/ محمد فهد العقيلي: الأردن
طفلاً يحلم بشغف في جوار ألعابه وكمشة من براءة أن يصبح يوماً ما رساماً عظيماً، الدكتور إبراهيم الخطيب أستاذ الفنون البصرية في الجامعة الأردنية الفائز برئاسة رابطة الفنانين التشكيليين في الأردن مطلع شهر أيلول، فمن هو إبراهيم الخطيب؟ وكيف وصل إلى قمة هرم التشكيليين في الأردن؟
(المجلة العربية) أجرت الحوار التالي مع الخطيب.
أين ولدت؟ وحدثنا عن البدايات؟
- ولدت في مدينة أربد شمالي الأردن (تبعد عن العاصمة عمان 71 كم شمالاً) عام 1976م. كانت نشأتي بين سهول حوران وتلال أربد وفي أحضان الطبيعة وانسيابية رياح المتوسط، وترعرعت في مدينتي التي أحببتها وتفجرت موهبتي فيها، هو حلم كان بالنسبة لي منذ الصغر أن أُصبح فناناً جيداً قبل كل شيء، أتذكر عندما بدأت في مرحلة الطفولة أُمارس هوايتي في الخربشة والتلوين على الحيطان (الجدران) من داخل المنزل وخارجه وأرسم داخل البيت في أغلب الأوقات وعلى أي مساحة أراها مناسبة لي دون أن أبالي في نزع جمالية البيت والمحافظة على مكوناته، اليوم لم يبقى إلا لوحة واحدة على أحد الجدران وأذكر أنها رسمت وأنا على مقاعد الصف السابع وأهلي يفتخرون فيها حتى الآن.
في الصف الأول كنت من أفضل الطلبة في الرسم ودائماً ما أكون متواجداً في المرسم الخاص بمدرستي، فالحلم منذ الصغر أن تصبح فناناً معروفاً يراودني على مدار يومي العادي، لذا استمرت الأنشطة خاصتي في البيت من فسيفساء بلاط وفسيفساء زجاج، وتجربة جديدة وأخرى وقصص عشق الرسم لا تعرف النهاية.
دراستك الجامعية واختيارك التخصص الذي تحب؟
- أهلي من مجتمع محافظ جداً، هنا واجهتني مشكلة البحث عن أحدهم ليؤمن بموهبتي ويساند شغفي في الفن، عندها أيقنت أن علي خوض التحدي بمفردي بغلق الحواجز تباعاً منذ الصغر، نجحت في الثانوية العامة (التوجيهي) وحصلت على معدل القبول في التخصص والجامعة التي أرغبها، على الرغم من ممانعة الأهل في البداية ناصحين لي أن أدخل تخصصاً أستطيع بعد التخرج العمل بشهادته وتحقيق الحياة الأفضل لي، وهنا لا أنسى قول أبي عند التسجيل في الجامعة (شوف لك مقعد آخر غير الفنون) إلا أن إصراري وشغفي بحبي المزدهر دفعني نحو الفنون واضعاً قدمي على أولى درجات حلمي الحقيقي، ولله الحمد درست تخصص رسم وتلوين في جامعة اليرموك.
حياتك المهنية بعد التخرج، وإكمال دراساتك العليا؟
- بعد عامين من تخرجي من الجامعة التحقت بوزارة التربية والتعليم وعينت معلماً بإحدى مدارس البادية الأردنية لفترة قصيرة، وكنت مبدعاً في الجانب العملي داخل المدرسة، بعد ذلك انتقلت للعمل كفني مرسم في الجامعة الأردنية، مرحلة جديدة مختلفة تماماً عما سبق حيث إنني أقمت في العاصمة عمان لتصبح فيما بعد الإقامة الدائمة لي، بدأت العمل بالجامعة كمساعد بحث وتدريس في كلية الفنون والتصميم مع أهم الفنانين الأردنيين عزيز عمورة مهنا الدرة ونصر عبدالعزيز، وهم مجموعة من رواد الفن التشكيلي الذين أسسوا للحركة التشكيلية في الأردن، الخبرة الموجودة عند هذه النخبة في مجال الرسم استفدت منها بشكل كبير. في هذه الفترة حصلت على الماجستير في الفنون التشكيلية ودرجة الدكتوراه في الفلسفة من كلية الآداب في الجامعة الأردنية وعليه أصبحت أُستاذاً في كلية الفنون في الجامعة الأردنية.
الجوائز الحاصل عليها؟ والمعارض المشارك فيها؟
- حصلت على جائزة تصميم شعار كلية الفنون والتصميم في الجامعة الأردنية.
والجائزة الدولية/ جائزة جمال بدران في الفن التشكيلي- دورة عزيز عمورة من مؤسسة فلسطين الدولية عام 2018.
الإبداع في الرسم والتلوين لم يكن سقف الطموح بل جزءاً منه، أبدعت في عالم الجداريات والفسيفساء والحجر الزجاج وغيرها من أشكال الفنون البصرية، ولأن الفنان يرى جهده وفنه في المعارض، حاولت أن أجتهد وأقطف ثمر التعب والسهر في جملة من المعارض التي شاركت فيها وأنا من الأشخاص الذين يهتمون في أدق التفاصيل فأنا من يعلق اللوحات بنفسه ويتابع الصغيرة قبل الكبيرة.
شاركت في العديد من المعارض الجماعية لرابطة الفنانين منذ عام 2005 ، كما كان لي العديد من المعارض الدولية من أهمها: فنانون من العرب في اليابان، من ضمن ستة فنانين أُردنيين، ومعرض جدارية الوفاء في بيروت، ومعرض فن أردني معاصر في (مصر والجزائر والبحرين)، وبعده في (الهند وفلسطين)، ومعرض (فصول)، ومعرض (مكان إنسان)، ومعرض (أرض) ومعرض شخصي بعنوان (القدس في عمان)، وقد سافرت لكل من (اليونان، إيطاليا، السعودية، اليمن، سوريا، تركيا، ومصر) لإقامه المعارض والمشاركة في المسابقات والمشاركات الفنية التشكيلية، وقمت بتصميم وتنفيذ جدارية بانوراما الثورة العربية الكبرى على جدار رئاسة الوزراء في الأردن.
الدرب الشاق إلى رئاسة الرابطة
أصبح من الواجب علي الانضمام إلى مظلة فنية تهتم في مشاريعي الفنية وتتيح لي الفرص، وجدت ذلك في رابطة الفنانين التشكيليين عام 2005، بعد تجربة فنية جيدة غنية بالأعمال واللوحات وتمكنت من الانتساب إليها باجتياز اختبار عرضت خلاله أعمالي الفنية إلى لجنة العضوية، بدأت مشواري مع الرابطة سريعاً ودون انتظار دخلت الرابطة من أوسع أبواها وأصبحت عضواً في الهيئة الإدارية وذلك يعود إلى أنني نشيط ومحب للفن والرسم والتذوق فيه. على مدار ثلاث دورات كنت ضمن الجسم الإداري في الرابطة إلا أن مسيرة الرابطة في 2016 انتكست وعندها استقلت من الهيئة الإدارية وعدت عضواً في الهيئة العامة والسبب في ذلك رفض الإدارة الدخول في مواجهة مع وزارة الثقافة في أمور وقضايا لصالح الرابطة، انعزلت تماماً عن الرابطة وعملها ما يقارب الخمس سنوات.
العودة من جديد مطلع عام 2020م تواصل معي مجموعة من الفنانين الشباب من داخل المملكة وخارجها ممن هم أعضاء في الرابطة وغير أعضاء لتمثيلهم والترشح لمنصب الرئيس، في البداية اعتذرت ومن شدة الضغط وافقت على خوض مضمار الانتخابات وأعلم جيداً حجم المنافسة مع الجيل الأول.
أعلنت الترشح، واقتصرت حملة الدعاية الانتخابية على مواقع التواصل الاجتماعي وزيارات للفنانين، في هذا الوقت قمت بعمل 5 (سمبوزيوم) وهو معرض ليوم واحد يقوم الفنان بإحضار أدواته وألوانه وكأنه في رحلة في الهواء. الهدف منه التعارف ما بين الفنانين الجدد والقدامى، خلال ذلك قدمت عدداً من المحاضرات عن تاريخ الفن والفن الكلاسيكي في عصر النهضة لتعميم الفائدة.
جائحة كورونا حالت دون إجراء انتخابات وعليه أُجلّت سنة وشهرين، فكانت فرصة للتواصل بشكل أكبر مع الزملاء ولله الحمد في نهاية المطاف حققت الفوز بمعية نخبة من الفنانين في الانتخابات التي أجريت مطلع أيلول 2021م.
الطموح كبير والتطلعات كثيرة، فقد بدأنا فيها حسب البرنامج الانتخابي الذي قدمناه أثناء حملتنا الانتخابية والسعي لخلق حالة فنية جديدة بعبق الماضي ومواكبة التطور والانفتاح مع العالم، وهناك توجه لدينا ومن خلال مسؤول العلاقات الخارجية من أجل التعاون مع الأشقاء في العالم العربي وخصوصاً التعاون مع الخليج العربي، من هنا أُؤكد متن العلاقات مع الأشقاء، إذ تواصل معي بشكل شخصي زملاء من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقدموا جملة من الاقتراحات والتشارك في سبيل إقامة معارض مشتركة، ونحن نلمس ثورة فنية ملموسة في السعودية والخليج العربي.