د. مصطفى الفقي: مكتبة الإسكندرية بيت خبرة عالمي في كافة التخصصات
داليا عاصم: مصر
استطاعت مكتبة الإسكندرية منذ إعادة افتتاحها 2002 أن تصبح منارة ثقافية استعادت مجد الحضارات السالفة ومدت جسور التواصل بين أرجاء العالم، والأسبوع الماضي نظمت مكتبة الإسكندرية احتفالية بمرور 20 عاماً وذلك أيضاً بالتزامن مع تتويجها بجائزة الشيخ زايد للنشر والتقنيات الثقافية. حاورت (المجلة العربية) الدكتور مصطفى الفقي، مدير مكتبة الإسكندرية للحديث عن أبرز إنجازاتها وأحدث مشروعاتها الثقافية، فإلى الحوار:
جائزة الشيخ زايد جائزة جديدة تتوج بها مكتبة الإسكندرية، بعد جائزة أفضل مؤسسة ثقافية في العالم العربي في ظروف الجائحة. ما الذي تضيفه الجائزة لمسيرة المكتبة في مجال صناعة النشر؟
- المكتبة كمركز للإبداع والحفاظ على التراث تصدر كل سنة عشرات الكتب القيمة والفريدة من نوعها، إما مترجمة أو مؤلفة، كل هذا لفت انتباه اللجنة المعنية بالجائزة، بالإضافة إلى موضوع سفارات المعرفة؛ لدينا في كل جامعة حكومية مقر لشاشات المكتبة تعرض كل ما يحدث بمكتبة الإسكندرية دون الحاجة لزيارة المكتبة، خصوصاً في الصعيد والمناطق النائية. وخلال فترة الجائحة وإغلاق كورونا لم نتوقف عن العمل، بل استمرت المكتبة بكافة قطاعاتها في الترجمة والنشر، وأصدرنا عشرات الكتب بالتوازي مع العمل على رقمنة الكتب النادرة والحفاظ عليها وإتاحتها للجميع. فضلاً عن دورها في مجال الكتب الرقمية ما دعا مكتبة الكونجرس الأمريكي لترشيح (مكتبة الإسكندرية) لتولي رئاسة المكتبات الرقمية. كما تمارس المكتبة دورها في إقامة معرض كتاب سنوي دولي بالإسكندرية يخدم القراء ويقدم لهم أحدث الإصدارات في شتى المجالات.
للمكتبة دور كبير كناشر له باع في رفد المكتبة العربية بمؤلفات حديثة ومترجمات، ما أحدث مشروعات النشر لديكم؟
- لدينا العديد من الإصدارات المتميزة، سواء مؤلفات أو مترجمات، وهي كثيرة جداً، نوالي إصدارها على مدار العام، فضلاً عن الدوريات والمجلات، لكن الكتب المتميزة هي التي نبرزها. مؤخراً وجدت لدي كتاباً بالفرنسية كنت اشتريته في السبعينات من سور الأزبكية عن إبراهيم باشا، تمت طباعته عام 1948، ودفعت به للمكتبة لترجمته، وسيترجم لأول مرة لأن نسخه محدودة، وسيكون إضافة جديدة لتلك الحقبة كون المصادر والمعلومات عن إبراهيم باشا كقائد عسكري فقط، لكنه كان قائداً سياسياً كبيراً ومحنكاً.
توليت المكتبة منذ 5 سنوات، فما الذي تسعى إليه المكتبة في الفترة القادمة؟ وكيف ترى المكتبة عقب خمس سنوات؟
- أتمنى أن تواصل المكتبة نشاطها وأن يتطور دور (قصر خديجة) بحي حلوان الذي تشرف عليه المكتبة وبات شعلة ثقافية تخدم جنوب القاهرة ككل. كذلك أن يستمر وينمو نشاط بيت السناري بحي السيدة زينب والذي تقام فيه فعاليات وأنشطة يومية تجذب الشباب والأطفال. القرية الذكية بها مركز حفظ التراث ويدعم تحويل الصور والوثائق، يربط بين الفكر والعلم والذي أسسه د.فتحي صالح سفير مصر في اليونسكو. نجحت المكتبة أن تكون مركزاً للإبداع في مجالات عديدة، وأسهمت عبر مراكزها العلمية والأكاديمية ومتاحفها في الحركة العلمية والثقافية والفكرية العالمية، إلى جانب ذلك فإن المكتبة تضم أهم أوراق القرن العشرين وما بعده، ونجحت في أن تكون مرجعية أرشيفية فريدة، حيث حصلت على وثائق الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، ومذكرات بطرس غالي، وأحمد زويل، كما تضم متحف الرئيس الراحل أنور السادات. وقد أهديت مكتبتي الخاصة لمكتبة الإسكندرية والتي تضم 10.000 كتاب.
للمكتبة دور كبير في توطيد العلاقات الأفريقية بإطلاقها عدة مبادرات للشباب، هلّا تحدثنا عنها؟
- عندما توليت إدارة المكتبة طلب مني الرئيس عبدالفتاح السيسي أن أعطي أولوية للتواصل مع دول القارة الأفريقية فضلاً عن غرب آسيا وجنوب أوروبا. وبالفعل تحقق ذلك وأصبحنا نستقبل الوفود من دول أفريقيا، نقيم دورات تدريبية لكل أبنائها، ونحرص على التواصل الدائم معهم دون توقف، كما تعطي المكتبة تصريحاً لكل طالب أفريقي يدرس في مصر يمنحه الاستفادة من خدمات المكتبة مجاناً، فنحن نسعى بشتى الطرق ونرحب بالشباب من كل أنحاء العالم. وبالفعل حصلت وحدة خدمات المكتبة لأفريقيا (BAIFA) بمكتبة الإسكندرية على المركز السابع ضمن أفضل عشرة مشروعات تسويقية على مستوى مكتبات العالم، في إطار جائزة الإفلا وBibLibre الدولية للتسويق في المكتبات لعام 2018، وذلك من بين 56 مكتبة من مختلف دول العالم، بما في ذلك 35 مكتبة أكاديمية و21 مكتبة عامة.
ذاكرة مصر المعاصرة وذاكرة الوطن العربي.. للمكتبة مشروعات رقمية رائدة من نوعها ما أحدث هذه المشروعات؟
- بالفعل المكتبة لها إسهاماتها المتميزة في استخدام المعلوماتية في التنمية المجتمعية في مجال الثقافة والمعرفة وبناء الإنسان العربي، وقد أطلقت في سبق عالمي يحسب لها أكبر مكتبة رقمية باللغة العربية في العالم أجمع، وذلك عملاً برسالتها التي تسعى لإتاحة المعرفة للجميع.
للمكتبة مشروعات نوعية في مجال تشكيل اللغة العربية، ما الإنجازات الأحدث في هذا الصدد؟
لدينا مشروع تقني عالمي فطنت إليه المكتبة منذ سنوات لما للغة العربية من أهمية، ونظراً للصعوبات التي كانت تعترض المعالجة الرقمية للغة العربية، ويستطيع هذا المشروع تحرير وتشكيل أي خطاب وتعديله، وهذا أمر مفيد للساسة والعلماء، حيث يقوم برنامج البيئة التنموية المدمجة (IDE) بدعم المصحح اللغوي للتراكيب والدلالات لوثائق لغة الشبكات العالمية (UNL) والأشكال البيانية لعبارات لغة الشبكات العالمية (UNL) وتحرير عبارات لغة الشبكات العالمية (UNL) بالرسوم والكتابة والتشفير وفك الشفرة مع خواص التخلص من الفيروسات، وخواص تشكيل الأحرف العربية.
مؤخراً اهتم الأمير تشارلز بزيارة المكتبة برفقة الأميرة كاميلا، كيف كان انطباعه عنها؟
- في نوفمبر الماضي استقبلته في مكتبة الإسكندرية وبادرني قائلاً إنها ليست أول مرة نلتقي، فأدهشني ذلك حيث استقبلته عندما كنت رئيساً للجامعة البريطانية في القاهرة عام 2006 ووجدته يتذكر ذلك جيداً، وكانت معه قرينته كاميلا، وكان مبهوراً للغاية وأهديناه أقدم وثيقة موجودة من مكتبة الإسكندرية القديمة وهي (ورقة بردي)، فأهديناه صورة منها عمرها يمتد لأكثر من ألفي عام انبهر بها وأرسل لنا خطاب شكر عند وصوله لبريطانيا وهي زيارة أعطتنا دعماً كبيراً أمام المكتبات في كافة الدول الأخرى.
للمكتبة مهام وطنية وأخلاقية وسياسية لكنها أيضاً تنخرط في قضية التغير المناخي، ما الخطوات التي تقوم بها المكتبة في هذا الشأن؟
- المكتبة نجحت في أن تكون بيت خبرة في كافة التخصصات، ومنها قضايا البيئة. نحن نستضيف مؤتمرات وندوات كثيرة حول البيئة والتغير المناخي، وسوف نسهم في مؤتمر شرم الشيخ المنتظر نوفمبر المقبل وعلى تواصل مع وزيرة البيئة الدكتورة ياسمين فؤاد، ونحرص أن تكون المراكز البحثية والقطاع الأكاديمي فيها تحت تصرف وزارة البيئة في المرحلة القادمة. والمكتبة على تواصل فعال مع علماء المناخ في كافة أنحاء العالم، ونقيم ندوات ولقاءات علمية دورية لمتابعة أحدث الأبحاث والدراسات في هذا الشأن؛ لأنها بالفعل قضية الساعة ويجب أن تتكاتف كافة المؤسسات بهدف خدمة الإنسانية.