يوسف نوفل: خمس سنوات ثرية قضيتها في الرياض
حوار/ خليل الجيزاوي: مصر
الدكتور يوسف حسن نوفل، مواليد أول أكتوبر عام 1938، في مدينة بورسعيد شمال القاهرة، ليسانس كلية دار العلوم بجامعة القاهرة عام 1964، والماجستير عام 1969، ودكتوراه الدراسات الأدبية عام 1973 وموضوعها (روايات محمد عبدالحليم عبدالله)، شاعر وناقد وأستاذ أكاديمي، يعد من أبرز نقاد الأدب العربي الحديث، وهو العميد المؤسس لكلية التربية ببورسعيد خلال الفترة 1986 - 1988، وعضو المجمع العلمي المصري والرئيس الفخري لاتحاد كتاب مصر، والحائز على عدة جوائز، منها خمس جوائز تسلمها من الأديب يوسف السباعي عام 1965 وذلك من المجلس الأعلى للفنون والآداب، في فروع: الشعر والقصة القصيرة والمسرحية، وجائزة الإبداع في نقد الشعر من مؤسسة يماني الثقافية، وجائزة جامعة عين شمس التقديرية في الآداب، وجائزة التميز من اتحاد كُتّاب مصر، وجائزة كفافيس الدولية. عمل رئيساً لأقسام اللغة العربية في: كلية البنات جامعة عين شمس، وكلية التربية بقناة السويس، وكلية الآداب جامعة الملك سعود بالرياض بالسعودية، وكلية الآداب بجامعة الإمارات، وعمل وكيلاً للدراسات العليا والبحوث بكلية البنات جامعة عين شمس، وأصدر خمسة دواوين شعرية: كلمات حب عام 1975، كما تهاجر الطيور عام 1980، ومرايا المتوسط عام 1984، والبحر أنثاه البحيرة عام 1990، وبرديات أبي الهول 2011، وأصدر دراسات كثيرة في حقل النقد الأدبي العربي: الصورة الشعرية واستحياء الألوان، الصورة الشعرية والرمز اللوني، والحوار في المسرحية العربية، القصة والرواية بين جيلي طه حسين ونجيب محفوظ، قضايا الفن القصصي، ديوان الشعر في الأدب العربي، رؤية النص الإبداعي، تطور لغة الحوار في المسرح المصري المعاصر، وحصل أخيراً على جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 2022 من وزارة الثقافة المصرية، حول مسيرته الشعرية والنقدية التي امتدت أكثر من خمسين عاماً.. فكان لنا معه هذا الحوار:
عملت بكلية الآداب جامعة الملك سعود بالرياض لمدة خمس سنوات.. كيف تفاعلت مع الحركة الأدبية بالمملكة العربية السعودية؟
- أنعم الله علي بالإعارة من جامعة عين شمس إلى كلية الآداب جامعة الملك سعود بالرياض لمدة خمس سنوات متصلة وتفاعلت فيها تفاعلاً واسع النطاق مع الحركة الأدبية بالمملكة العربية السعودية وكتبت عدة مقالات نقدية في المجلات السعودية وكنت مشاركاً فاعلاً بالندوات الأسبوعية والشهرية في النادي الأدبي بالرياض، وجمعت هذه القراءات النقدية وضمنتها كتابي: قراءة في ديوان الشعر السعودي، الذي صدر عن النادي الأدبي بالرياض عام 1981، ومن الناحية الأكاديمية شرفت بثقة الجامعة فكلفتني وكيلاً لقسم اللغة العربية بكلية التربية حتى انتهاء إعارتي، وشرفت بمزاملة قامات علمية ونقدية كبرى مثل الدكتور حسن ظاظا، والدكتور شكري عياد، والدكتور أحمد كمال زكي، كما شرفتني جامعة الملك سعود فنشرت لي أطروحتي للدكتوراه عن محمد عبدالحليم عبدالله في طبعتها الأولى.
وكيف قرأت المشهد الشعري والسردي في مدن المملكة العربية السعودية خلال هذه السنوات؟
- قرأت المشهد الأدبي بعامة وصادقت والتقيت بالأدباء المبرزين في فنون القول من: شعر وسرد ونقد سواء أكانوا في الحياة الأدبية العامة أم في المحيط الأكاديمي، وقد أثمر ذلك التفاعل نشر أربعة كتب لي هي: قراءة في ديوان الشعر السعودي- النادي الأدبي بالرياض عام 1981، مفكرون في السعودية- دار الأصالة عام 1981، في الأدب السعودي رؤية داخلية- دار الأصالة عام 1982، أدباء من السعودية- دار العلوم أدباء عام 1983، وهذه الكتب هي: مفكرون في السعودية عام 1981، ولعلي لا أبالغ إن قلت إن من بين هذه الصداقات ما هو مستمر حتى الآن مع إن إعارتي لجامعة الملك سعود انتهت عام 1983، بل إنني قرأت منذ أيام للأديب الكبير حسين بافقيه تعليقاً كريماً على نيلي الجائزة التقديرية فشكرت له ذلك بكل الاعتزاز المتبادل، ولا غرو فهو جزء من الحياة الأدبية بالمملكة، ومن الحق أقرر أن إبداعاتهم لا تقتصر على الأدب والنقد الحديث فحسب، بل تضيف إلى ذلك دراساتهم العميقة لتراثنا العربي القديم في فنونه المتعددة ومن بين ذلك تحقيق التراث ونشره حتى فاز كثير منهم بجائزة الملك فيصل العالمية تلك الجائزة الكبرى التي تحتل المكان الأبرز بين الجوائز الدولية على الإطلاق، ولقد رصدت هذا الحراك الكبير للحركة الأدبية السعودية بحضور الندوات وكتابة المقالات والكتب التي صدرت لي خلال فترة عملي وإقامتي في مدينة الرياض والتي استمرت طوال خمس سنوات.
ما دور أساتذتك بكلية دار العلوم جامعة القاهرة خلال فترة الستينات في صقل موهبتك الشعرية، وتكوين مشروعك النقدي المبكر؟
- أبادر فأقرر وأؤكد وأعترف أنني مدين لأساتذتي العظام في كلية دار العلوم جامعة القاهرة بكل ما منحني الله من نعم؛ علمية أكاديمية، وفنية أدبية شعرية ونقدية وقصصية، ويضيق المقام هنا عن حصرهم وهم أجل وأعظم من النسيان يكفي أن أذكر شيخ محققي التراث الأستاذ عبدالسلام هارون، وشيخ اللغويين الدكتور إبراهيم أنيس، وشيخ النقاد د. محمد غنيمي هلال، وشيخ الدارسين والباحثين الدكتور أحمد هيكل، وشيخ المؤرخين الدكتور ضياء الدين الريس، والدكتور بلبع وغيرهم، ومعهم كانت الندوات ولقاءات الدكتور محمد مندور والشعراء المشهورين آنذاك، ومعهم وبهم كان حصولي على جوائز أسابيع شباب الجامعات في القصة والشعر، وحصولي على جوائز المجلس الأعلى للفنون والآداب والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية على مدى خمس سنوات كنت فيها طالباً بمرحلة الليسانس أو مرحلة الماجستير، حتى أنني فزت في ليلة واحدة بخمس جوائز في الشعر والقصة القصيرة والمسرحية ذات الفصل الواحد والمقال والبحث الموجز سلمني إياها الأديب الوزير يوسف السباعي ولدرجة أن المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية نشر لي -وأنا بعد طالب بالجامعة- بحثي الفائز بالجائزة الأولى في كتاب (العرب في صقلية وأثرهم في نشر الثقافة الإسلامية)، ومن هنا فإني مدين في شعري في دواويني الخمسة لهؤلاء الأساتذة وبخاصة الشاعر الدكتور أحمد هيكل وزير الثقافة الأسبق.
كيف يرى الشاعر قبل الناقد مستقبل الثقافة العربية؟
- أنت الآن يا صديقي العزيز تذكرني بكتاب الدكتور طه حسين (مستقبل الثقافة في مصر) الذي كان قد أعده في شكل تقرير لوزارة المعارف العمومية قبل ثورة 1952 ثم وسعه وطوره في كتاب، وما أشبه الليلة بالبارحة! إن الواقعين: الماضي والحاضر متشابهان، نحن في أزمة ثقافية وتعليمية حقاً تحتاج إلى لجان متخصصة وعلماء متخصصين حرصاً على ثقافتنا الموروثة والمعاصرة، هذه الرؤية ليست بعين الشاعر فحسب، بل بعين الغيور والمحب لحضارته العربية القومية والناقد والأكاديمي والمعلم الذي حمل الطباشير في التعليم، الإعدادي والثانوي والجامعي وما بعد الجامعي في الماجستير والدكتوراه منذ ستينات القرن الماضي حتى الآن.