لعبت السياسة الغربية دوراً كبيراً في إضعاف الاقتصاد الزراعي الأفريقي. تقدم الحكومات الغربية دعماً هائلاً لمزارعيها، مما يتيح لهم إنتاج فائض من المحاصيل وبيعها بأسعار منخفضة في الأسواق العالمية. هذا الإغراق التجاري يضر بالمنتجات الأفريقية ويجعل من الصعب على المزارعين الأفارقة المنافسة في أسواقهم المحلية.
علاوة على ذلك، فإن الاتفاقيات التجارية التي تُفرض على الدول الأفريقية غالباً ما تكون غير عادلة، حيث تفرض عليها تصدير محاصيلها الخام بأسعار منخفضة، في حين تستورد المنتجات المصنعة بأسعار مرتفعة. هذه الديناميكية تعزز التبعية الاقتصادية وتعرقل التنمية المحلية.
هناك شركات غربية أمريكية وأوروبية مثل إيطاليا وحتى الصين تتحكم في جميع جوانب سلسلة الإنتاج الزراعي، من توفير البذور والأسمدة إلى التحكم في الأسواق العالمية. هذا الاحتكار أدى إلى تهميش صغار المزارعين، الذين غالباً ما يجدون أنفسهم مجبرين على شراء بذور وأسمدة بأسعار مرتفعة، وفي المقابل يبيعون محاصيلهم بأسعار زهيدة للشركات الكبرى. هذا النموذج الاقتصادي يضمن بقاء الأفارقة في دائرة الفقر والتبعية.
وهناك مثال من أرض الواقع يوضح كيف أدت السياسات التجارية العالمية غير العادلة إلى تدمير قطاع زراعة الطماطم في غانا. المنتجات الزراعية المدعومة من دول مثل الاتحاد الأوروبي والصين تُباع بأسعار زهيدة، مما يؤدي إلى انهيار السوق المحلية في غانا. المزارعون الغانيون يجدون أنفسهم غير قادرين على المنافسة، مما يدفعهم للنزوح إلى أوروبا بحثاً عن فرص عمل، حيث التهريب البشري عبر صحارى التهلكة أو بحر الظلمات فيعملون في ظروف صعبة لجمع الطماطم التي تساهم في تدمير سبل عيشهم في بلادهم الأصلية، مع ملاحظة أن الإنتاج المحلي هو الأجود والأمثل، ولا وجه للمقارنة مع الوارد الغربي! وأي محاولة للتمرد على هذا النهج ستواجه بالعقوبة والحرمان، كما حصل في رواندا حينما منعت استيراد الملابس المستعملة من الولايات المتحدة ودعمت الإنتاج المحلي، فقامت الولايات المتحدة بطردها وإبعادها من قانون النمو والفرص في أفريقيا.
مثال آخر هو ما حصل لرجل الأعمال السعودي (الراجحي) حيث بدأ بالاستثمار غير الربحي والخيري في القطاع الزراعي في السودان الشقيق لسد حاجة الشعب السوداني خصوصاً والعالم العربي عامة من القمح وغيره، ليتجلى الأمر بأنه غير مرحب به تحت ضغوطات خارجية في النهاية!
المحاصيل الزراعية الأفريقية تمثل رمزاً لصراع طويل بين التبعية والاستقلال، والتنمية والاستغلال. الاستبداد الغربي على هذه الموارد لا يزال يشكل عقبة رئيسية أمام تقدم القارة. ولكن من خلال تعزيز السيادة الاقتصادية والاعتماد على الذات؛ يمكن لأفريقيا أن تحقق نمواً مستداماً يعزز رفاهية شعوبها ويحميها من تدخلات القوى الخارجية.. القارة لديها القدرة على أن تكون سلة غذاء العالم.