كلام وهمس وابتسامات وضحكات ساخرة شعرت بها يوم زفافي، كان حفلاً أسطورياً تحدثت عنه البلدة عن بكرة أبيها وتحدث الجميع عن تلك الفتاة التي في ريعان الشباب وقد تزوجت من ذاك العجوز طامعة في ثروته، كل هذا لم ألتفت إليه كانت فرحتي أكبر فقد كنت أشعر أني أمتلك العالم بأسره، زوجي الذي قد يراه الجميع كبير السن أراه أنا شاباً من سني وكنت أدعوه بالفتى الأنيق وكان يناديني بنور الشمس، نعم جمعتنا قصة حب منذ شهور ذاك الفتى العجوز الذي يعشق الحياة، أنيقاً، وسيماً، خفيف الظل، دائم البسمة، ضحكاته تملأ الدنيا سعادة، عندما كان يهمس في أذني بكلمة حب كنت أذوب حباً فيه، وإذا رقصت معه أشعر وكأني فراشة تطير من زهرة إلى زهرة ومن بستان إلى بستان، نعم كان شوقي يسبق شوقه، ولمسة يده تأخذني لعالم آخر، كنت أرى أن شعره الأبيض هو سبب وسامته، لم أنتبه لكلام أحد إنما هو كل العالم، قضيت معه شهر عسل يدون في قصص الحب.
مرت شهور قليلة وبدأ زوجي يتغير دون أسباب، فقد قل اهتمامه، ما عاد يرقص معي كما كان، ما عاد يسهر، قلت ضحكاته، لكني مازلت أشعر بحبه وعشقه كلما نظرت إليه، لكن يساورني الشك نحوه، فلم يدخل حجرته ويغلق عليه الباب لدقائق طويلة؟! هل يعرف امرأة أخرى.. يخرج بالسيارة فجأة ويعود صامتاً، يسافر لأيام لأسباب واهية، هل ما عاد يحبني؟! هل تغير؟! لكن لمساته كما هي دافئة وقبلاته حارة، فماذا حدث له؟!
لابد من مواجهة الفتى الأنيق الذي أحببته، أشعلت الشموع في ليلة هادئة وأحضرت العشاء، وأخذت أتحدث معه فلم يهتم بكلامي وتهرب من المناقشة، فقلت له أنا مشاعري نحوك كما هي لكن سئمت الحياة معك، ما الذي تخفيه عني؟! تكلم.. إذا لم أقتنع بسبب تغيرك معي سوف نفترق رغم حبي لك. ووسط ضوء الشموع نظرت له فلمحت الدموع تتساقط من عينيه فأسرعت وضغطت على زر المصباح، فإذا به يدير وجهه ويمسح دموعه، فما كان مني إلا أن احتضنته بشدة وبكيت لبكائه، ما بك يا قرة العين؟ قال: لقد خانتني وهنا اهتزت مشاعري وارتعد جسدي لكني هدأت نفسي حتى أعرف كل شيء. من هي يا ترى، من خانته، أهي حبيبة جديدة أم قديمة، أمسكت يده ونظرت في عينيه فقال: خانتني فما عدت قادراً على الحياة كما كنت، ما عدت قادراً على الضحك، أكتم في نفسي ألماً شديداً حتى لا تشعري به، خيانتها جعلتني من أشباه الرجال، لا أستطيع النوم، أفكر ليل نهار، أحاول تسكين ألمي، ما كنت أظنها تفعل هذا بي فهذه أقبح خيانة، لم أتأثر بمن غدر ومن خان ومن تخلى عني طول حياتي، أما هي فقصمت ظهري، حطمت عظامي، جعلت أنفاسي تحارب بعضها البعض وكأنها لا تود أن تعود مرة أخرى، سألته ودموعي تبلل صدري.. أتحبها؟ قال نعم ولم لا أحبها وقد ظلت معي عمراً طويلاً وما فارقتني، لكني ما شعرت باحتياجي لها غير الآن، لن أعود بدونها كما كنت، أشعر أنه قد اقترب الأجل. وهنا صرخت فيه: أتحبها.. أتعشقها.. تموت من أجلها.. لا تقدر على فراقها حد الموت.. لقد خدعتني ولابد من الفراق. قال: نعم خدعتك.. أعترف. قلت له: طلقني! فاحتضنني بقوة وقال: كيف وأنا أعشق أنفاسك.. لمساتك.. همساتك.. كلماتك.. ضحكاتك. تلك التي خانتني هي صحتي، أبتعد عنك لأنها خانتني وأختبئ منك لأخذ أقراص الدواء، أغلق الباب حتى أحقن جسدي بالأنسولين وأكتم ألمي، أهرب إلى الطبيب عندما أحتاج إلى أكسجين وأنفاسي تكاد تنقطع، نعم خدعتك يا مهجة القلب، كنت أرقص معك وألعب وأمرح وكأني أطلب من القدر أن أعود كما كنت بلا ألم وبلا مرض، كنت دائم النشاط بالدواء، كنت أسرق السعادة كي أعيش مع قلب شعرت معه بالحب في محطة القطار الأخيرة.