مجلة شهرية - العدد (578)  | نوفمبر 2024 م- جمادى الأولى 1446 هـ

السينما المصرية تنعى ثلاثة من فنانيها الكبار

في شهري أغسطس وأكتوبر 2011 فقدت السينما المصرية ثلاثة من كبار نجوم الفن السابع الجميل: (هند رستم)، (كمال الشناوي)، (عمر الحريري).

ملكة السينما
بدأت من أول السلم، ودخلت إلى عالم الفن من باب الكومبارس, كان أول ظهور لها على شاشة السينما عام 1949م في أغنية اتمخطرى يا خيل, فلمدة دقيقتين ركبت حصاناً خلف الفنانة ليلى مراد في فيلم غزل البنات، بطولة نجيب الريحاني ويوسف وهبي. وظهرت أيضاً كـكومبارس في فيلم الستات مبيعرفوش يكدبوا عام 1954, في دور فتاه معتوهة أدت مشهدين في هذا العمل الذي أخرجه محمد عبد الجواد، وكانت البطولة فيه لـشادية وإسماعيل ياسين وشكري سرحان.
ثم توالت بعد ذلك الأدوار الصغيرة حتى التقت بالمخرج حسن رضا الذي تزوجها وأنجبت ابنتها بسنت، ثم طلقت وتزوجت من الدكتور محمد فياض.
بدأت مارلين مونرو الشرق رحلة نجوميتها سريعاً في السينما المصرية, وشاركت في أفلام أصبحت من كلاسيكيات السينما المصرية والعربية، منها: باب الحديد، وشفيقة القبطية، والوديعة، وامرأة على الهامش، والراهبة، وابن حميدو والجسد، ونساء في حياتي, وبين السما والأرض.. إلخ. تعاونت كثيراً مع المخرج حسن الإمام، ودخلت عالم يوسف شاهين، وصلاح أبو سيف. اشتهرت بأداء أدوار تتسم بالإغراء -على حد وصف البعض, وكان أول دور سينمائي لها هو دور الأم في فيلم بنات الليل. وفي ثاني أفلامها الجسد تمر الشخصية التي لعبتها بثلاثة مراحل فنية مختلفة. اعترف لها الجميع بالتفوق والنجاح. وفي ثالث أفلامها اعترافات زوجة أدت دور الزوجة الوفية.
كما قدمت العديد من الأدوار الفنية، كدور الصحافية في الخروج من الجنة, والصعيدية في دماء على النيل, والسيدة الارستقراطية في الجبان والحب، وبنت البلد في ابن حميدو، والمعلمة في توحة، والفتاة الريفية الساذجة في نساء وذئاب, وكممثلة كوميدية في فيلمي حب في حب، واعترافات زوج.. إلخ.
وأصبح الملكة هو اللقب الذي منحته لها السينما المصرية، فعرفت بملكة الإغراء، ومارلين مونرو الشرق لشبهها الظاهري معها، ولشعرها الأشقر. فكانت أول شقراء عرفتها السينما العربية، فيما كان نموذج الجمال السائد قبل ظهورها الوجه الشرقي الملامح، والشعر الأسود الطويل. وجاءت هي في بداية الخمسينات، بالخصلات الذهبية والبشرة البيضاء والملابس الضيقة. وقيل يومئذ أنها الطبعة المصرية عن فاتنة السينما الأمريكية مارلين مونرو. وقيل إنها ترمز إلى التيار الآتي إلى السينما بعد سنوات الحرب العالمية الثانية.
ورغم ذلك فإن لقب ملكة الإغراء لا يسعدها. وهي تقول إن هذا اللقب: ظلمها لأنه يوحي بأن صاحبته تتربع على عرش الأنوثة والإغراء فقط، وهذا يظلمها كفنانة لعبت أدواراً متنوعة تعتمد على المقدرة التمثيلية وليس على المواهب الجسدية. قدمت أكثر من مئة فيلم سينمائي، وحصدت العديد من الجوائز عن أفلامها المتميزة ومنها فيلم الجبان والحب، وباب الحديد، ونساء في حياتي. وكانت قد قدمت آخر أفلامها حياتي عذاب عام 1979 واعتزلت بعده التمثيل.
من أفلامها: جواهر 1949، العقل زينة 1950، بابا أمين 1950، الدم يحن 1952، انتصار الإسلام 1952، جحيم الغيرة 1953، دلوني ياناس 1954، حدث ذات ليلة 1954، قلوب الناس 1954، الملاك الظالم 1954، انتصار الحب 1954، اعترافات زوجة 1955، الجسد 1955، بنات الليل 1955,
نساء في حياتي 1957، أنت حبيبي 1957، عشاق الليل 1957، رد قلبي 1957، ابن حميدو 1957، الحب العظيم 1957، صراع مع الحياة 1957، إسماعيل يس في مستشفى المجانين 1958، عواطف 1958، الحب الصامت 1958، توحة 1958، باب الحديد 1958، الأخ الكبير 1958، رحمة من السماء 1958, ساحر النساء 1958، قبلني في الظلام 1959، صراع في النيل 1959، لوكاندة المفاجآت 1959، بين السماء والأرض 1959، جريمة حب 1959، بفكر في اللي ناسيني 1959، الحب الأخير 1959, رجال في العاصفة 1960، نساء وذئاب 1960، حب في حب 1960، إشاعة حب 1960، رجل بلا قلب 1960، غداً يوم آخر 1961، طريق الأبطال 1961، ست البنات 1961، فطومة 1961، المراهق الكبير 1961، دماء على النيل 1962، شفيقة القبطية 1963، امرأة على الهامش 1963، الوديعة 1965، الراهبة 1965، الحب الخالد 1965، سيد درويش 1966، تفاحة آدم 1966، هو والنساء 1966، رجل وامرأتان 1966، شياطين الليل 1966، الزوج العازب 1966، ثلاثة لصوص 1966، العريس الثاني 1967، الخروج من الجنة 1967، الحلوة عزيزة 1969، ملكة الليل 1971، مدرستي الحسناء 1971، الرغبة والضياع 1972, كلمة شرف 1972، وكر الأشرار 1972، أعظم طفل في العالم 1972، أنا وابنتي والحب 1974، عجايب يا زمن 1974, الجبان والحب 1975، حياتي عذاب 1979.
ولدت هند حسين مراد رستم في 11 نوفمبر 1929م في حي محرم بك بالإسكندرية. وتوفيت الإثنين 8 أغسطس 2011، بعد ساعات من تعرضها لأزمة قلبية مفاجئة.
نجم السينما على مر العقود
لكثرة أعماله وتنوعها، وخصب أدائه وتجدده، وثراء شخصياته وعطاءاتها؛ تربع على عرش النجومية في السينما المصرية منذ أواخر الأربعينات. واستمر بطلها المتميز في الخمسينات، وأستاذها في الستينات، وحكيمها في السبعينات من دون أن يتخلى عن حيوية الفتى الأول. وليواصل عمله في معترك التمثيل بالقدر نفسه من الإبداع والتلقائية والجدية.
قدم كمال الشناوي العديد من الأدوار المتنوعة على مدار حياته, وتضمنت أعماله العديد من الثنائيات الناجحة التي لا تنسى مع النجم إسماعيل ياسين، وسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة, والفنانة المعتزلة شادية، وصباح، وليلى مراد التي شاركها بطولة فيلمي من القلب للقلب، والحبيب المجهول.
وتنوعت أعماله مع مراحله العمرية إذ كانت أفلام البدايات تميل إلى البساطة والكوميديا أمام إسماعيل يس. ثم اتجه لأعمال مركبة تحتاج جهداً تمثيلياً منها اللص والكلاب، والمرأة المجهولة، وحبي الوحيد، والهارب، والعوامة 70. وفى السنوات الأخيرة كان يفضل اختيار أدوار ذات طابع كوميدي كما في فيلمي الإرهاب والكباب، وطأطأ وريكا وكاظم بيه.
كانت بدايات الشناوي السينمائية عام 1947 في فيلم غنى حرب للمخرج نيازي مصطفى, ومن آخريات أفلامه الواد محروس بتاع الوزير عام 1999 مع عادل إمام، وبعده قدم فيلم ظاظا رئيس جمهورية عام 2006 مع هاني رمزي. كما أخرج فيلماً واحداً تنابلة السلطان عام 1965.
ومن أشهر الأفلام التي لعب دور البطولة فيها: وداع في الفجر، وقلوب العذارى، ومن غير أمل، وبنات الليل، والوديعة، وبين قلبين، وبشرة خير، ورحم حبي، وغرام مليونير، ومعاً إلى الأبد، وانتصار الحب، والأرض الطيبة، وليلة الحنة، والأستاذة فاطمة، والكرنك، وقليل البخت، وحياتي أنت، وساعة لقلبك، وحمامة السلام، والروح والجسد، والهارب، والمرأة المجهولة، وعاشت للحب، والعاشقة، ولواحظ، والرجل الذي فقد ظله، والمستحيل.. وغيرها من الأفلام التي تؤرخ لتاريخ تطور السينما المصرية والعربية.
وقام الشناوي ببطولة عدد من المسلسلات التلفزيونية من بينها زينب والعرش، وهند والدكتور نعمان وأولاد حضرة الناظر، و(لدواعي أمنية), حيث أدي فيه شخصية رجل الأعمال فريد الجوهري. وكان آخر مسلسل شارك فيه آخر المشوار.
ونال الشناوي العديد من الجوائز والتكريم, حيث حصل على جائزة شرف من مهرجان المركز الكاثوليكي في 1960, وجائزة الامتياز في التمثيل من مهرجان جمعية الفيلم في 1992. وفى الاحتفال بمئوية السينما العالمية عام 1996 اختار سينمائيون خمسة أفلام شارك فيها ضمن قائمة أفضل مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية وهى أمير الانتقام، واللص والكلاب، والمستحيل، والرجل الذي فقد ظله، والكرنك.
ولد محمد كمال الشناوي يوم 26 ديسمبر عام 1921 بالمنصورة, وعمل مدرساً لمادة التربية الفنية والرسم بالمدارس الثانوية. كما مارس الفن التشكيلي ثم تفرغ للتمثيل. وظل الشناوي في صراع مع المرض ليتوفى يوم الإثنين 22 أغسطس2011. وليسدل الستار على ظاهرة الممثل الذي احتفظ بتألقه وحضوره الفني لمدة تصل إلى 62 عاماً قدم خلالها أكثر من مئتي عمل في السينما والتليفزيون.
الثمانيني الذي ظل يؤدي حتى آخر أيامه
درس في المعهد العالي للتمثيل العربي وتخرج في نفس دفعة الفنان شكري سرحان عام 1947. ومن أقرانه أيضاً كمال الشناوي، وصلاح ذو الفقار، وأحمد مظهر. كانت بدايته الفنية من خلال عمله بالمسرح القومي الذي قدم فيه عدة مسرحيات ناجحة, ثم عمل في عدة مسارح. وقدمه للجمهور الفنان يوسف وهبي في مسرحياته في فرقة رمسيس.
 شهد عام 1950 أول لقاء بين عمر الحريري وكاميرات السينما حين ظهر في أول أفلامه الأفوكاتو مديحة, أمام مديحة يسري ويوسف وهبي. ثم توالى اشتراكه في العديد من الأفلام والمسرحيات والمسلسلات. حيث جسد فيها أدواراً مختلفة, ومن بين هذه الأفلام: موعد مع الحياة 1953, والآنسة حنفي 1954, وأغلى من عينيه 1955, وموعد مع المجهول 1959, والناصر صلاح الدين 1963, والمذنبون 1976, والقاضي والجلاد 1978, وخيوط العنكبوت 1985. ومع ذلك، في معظم أعماله، لم يحظَ بالبطولة المطلقة، واكتفى بالدور الثاني المساند للبطل.
 كما امتد نشاط الحريري في ميدان المسرح إلى العالم العربي, حيث غادر القاهرة عام 1968 لإنشاء المسرح الوطني في بنغازي بليبيا حتى عام 1974. ثم عاد إلى القاهرة, وعمل في مسرح الفنانين المتحدين، وكانت أولى مسرحياته مع عادل إمام في شاهد ماشافش حاجة ثم مسرحية الواد سيد الشغال. ومنور يا باشا مع محمد نجم. وكانت آخر أدواره المسرحية في مسرحية سكر هانم 2010 التي قدمها كعمل سينمائي من قبل في عام 1960.
كما عمل الفنان عمر الحريري في الدراما التلفزيونية، ومن أشهر مسلسلاته الحلقات الكوميدية ساكن قصادي وحلقات فوازير ألف ليلة وليلة. ولم ينسَ الحريري الأعمال الدينية والتاريخية، فقدم البخلاء للجاحظ، والقضاء في الإسلام، وعدالة الرشيد، وعمر بن عبد العزيز مع الفنان نور الشريف، وكذلك مسلسل ابن ماجه مع حسن يوسف. وكان آخر مشاركاته في شهر رمضان الماضي من خلال مسلسل سمارة, ومن قبله مسلسل شيخ العرب همام عام 2010 الذي قام فيه بدور شيخ قبيلة الهوارة مع الفنان يحيى الفخراني.
من أعمال الحريري: رحلة النسيان، الرحمة ياناس، أهل القمة، علامة معناها الخطأ، قاتل مقتلش حد، عاصفة من الدموع، المحفظة معايا، القاضي والجلاد، إبليس في المدينة، كفاني يا قلب، العذاب امرأة، المخربون، رجل وامرأتان، عريس لأختي، غصن الزيتون، عودى يا أمي، السبع بنات، قيس وليلى، شجرة العائلة، سكر هانم، سر امرأة، الرباط المقدس، أبو أحمد، العتبة الخضراء، ماليش غيرك، شباب اليوم، سيدة القصر، قتلت زوجي، رسالة غرام. عاش حياته في حالة حب دائم مع الآخرين، كارهاً للصراعات والخلافات، وكان قاسماً مشتركاً في معظم الأعمال الفنية. ربطته صداقة بالعديد من المخرجين، وكان له سجل فني حافل وناجح طيلة 60 عاماً على الساحة الفنية. فقد وصل رصيده السينمائي إلى ما يقرب من 180 فيلماً سينمائياً و85 مسلسلاً تليفزيونياً و70 مسلسلاً إذاعياً ونحو 32 عرضاً مسرحياً.
ولد عمر محمد صالح الحريري في حي عابدين بمدينة القاهرة في 12 فبراير عام 1926, وتوفى في 16 أكتوبر 2011 عن عمر يناهز السادسة والثمانين, بعد مرض استمر أربعة أيام. حيث كان يقف قبلها على خشبة المسرح سعيداً بمشاركته في عمل مسرحي للأطفال حديقة الأذكياء على مسرح الطفل.

ذو صلة