فقدت الساحة التشكيلية المغربية يوم 24 يوليو 2013 بالدار البيضاء الفنان القدير محمد شبعة الذي يعد أحد رواد التشكيل المغربي المعاصر. فهو فنان مغربي ثائر على آفة الحكي في التشكيل، لا يقبل أن تصير اللوحة حكاية تروى في حضرة زوار المعارض، لأنه يعلم أن حكمة البصر تتعطل ويهيمن منطق اللفظ بمجرد ما تتحول اللوحة إلى نص معرض للحكي.
عرف الفنان محمد شبعة بمشروع رؤية جديدة للفن والثقافة والمجتمع. اكتسبت أعماله مكانة متميزة في أذهان ونفوس الفنانين التشكيليين من جيله وتلامذته، كما نالت اهتمام الدارسين ونقاد الفن. عكس في فنه كل ما يخدم ويثبت الهوية المغربية في ثرائها وتنوعها عبر توظيف الفنون التقليدية المغربية في التشكيل الحديث الأمر الذي جعله من رواد هذه المدرسة الإبداعية التشكيلية الوطنية.
ولد شبعة في مدينة طنجة سنة 1935م، وفيها عاش طفولته وشبابه، درس مع أقرانه في الكتاب ثم المدرسة الابتدائية والثانوية. استهواه فن الرسم منذ شبابه فآثر أن يغوص في بحاره. فكانت الخطوة الأولى التي قادته إلى ذلك دخوله معهد الفنون الجميلة بتطوان، ومنها انتقل إلى إيطاليا حيث واصل تكوينه الفني، في أكاديمية الفنون الجميلة بروما إلى حدود سنة 1964م. بعد عودته إلى المغرب عيّن أستاذاً سنة 1966م بمدرسة الفنون الجميلة بالدار البيضاء، ثم أستاذاً بالمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بالرباط.
ساهم محمد شبعة في الحركة التشكيلية من خلال مجموعة من المعارض الشخصية والجماعية في عديد من بلدان العالم, وقد حقق حضوراً عالمياً متميزاً بفضل أعماله التي عرضها بعواصم عالمية وعربية.
يعتبر محمد شبعة من المبدعين الأوائل الذين أسسوا للعلاقة بين الصانع الحرفي والفنان التشكيلي بعدما شغل منصباً بوزارة الصناعة التقليدية قبل أن يلتحق لفترة محدودة كمدير للمعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان. وكان قبل ذلك بنى جداراً سنة 1964م لرواق الزراعة بالمعرض الدولي بالدار البيضاء طوله 14 متراً، وارتفاعه 4 أمتار. وبنى جدار قاعة الوصول لمطار الرباط- سلا طوله 12 متراً، وارتفاعه 3 أمتار، وهو عبارة عن خشب مطلي، مجسم بالنحاس سنة 1969م. كما بنى سنة 1971م جدار أكريليك على الخشب بنادي معمل السكر بدكالة (سيدي بنور)... وفي سنة 2001م أصدر كتاباً عن الفن البصري بالمغرب منشورات اتحاد كتاب المغرب الذي كرمه بالرباط سنة 2001م بحضور عدد كبير من المثقفين والمبدعين المغاربة.
وقد اشتهر محمد شبعة بدعوته إلى مغربة الفن عبر العودة إلى جذوره القروية والأفريقية. ففي مقال له سنة 1966م بجريدة العلم لا يعزو انحراف اللوحة عن التقاليد الإفريقية والعربية إلى توجيه الأوساط الأجنبية التي فرضت أبوتها على النهضة الفنية والثقافية للمغرب فقط، وإنما إلى عدم وعي الرسامين المغاربة أنفسهم بماهية العقلية الثقافية الوطنية.