تعتبر ظاهرة أطفال الشوارع من أهم الظواهر الاجتماعية الآخذة في النمو ليس فقط على مستوى البلدان النامية وإنما أيضاً في الدول الصناعية المتقدمة، وهي قضية مجتمعية بامتياز ذات أبعاد (تربوية، ثقافية، اقتصادية، سياحية...) ومعالجتها تستلزم علاجاً شاملاً متعدد الأبعاد، يبدأ بالوقاية والتدخل، وصولاً إلى تأمين إعادة التأهيل والاندماج.
وهناك العديد من الأسباب لانتشار هذه الظاهرة، منها عدم اهتمام الحكومة بمتوسط دخل الفرد، وعدم انتشار دور الرعاية لهم، ومن ضمن الأسباب أيضاً الفقر الذي يجعل الأسر تدفع بأبنائها إلى ممارسة أعمال التسول والتجارة في بعض السلع الهامشية، مما يعرضهم لانحرافات ومخاطر الشارع. وللظروف الأسرية دور أساس في انتشار ظاهرة أطفال الشوارع، وأبرز تلك العوامل تفكك الأسر إما بالطلاق أو الهجر أو وفاة أحد الوالدين، وكبر حجم الأسرة عن الحد الذي يعجز فيه الآباء عن توجيههم وتلبية احتياجاتهم، وارتفاع كثافة الأفراد بالمنزل إلى درجة نوم الأبناء مع الوالدين في حجرة واحدة، والخلافات والمشاحنات المستمرة بين الزوجين. أما عن خصائص أطفال الشوارع فهي تتلخص في أنهم أطفال مهمشون، يحتاجون إلى عناية خاصة، تتراوح أعمارهم بين (7-14) سنة، مستوى تعليمهم متدنٍ وغالبيتهم لم يكملوا المرحلة الابتدائية، نسبة الأمية مرتفعة بسبب تركهم للمدرسة، ينتمون لأسر ذات مستوى اقتصادي وتعليمي متدن، أسرهم كبيرة العدد وتعيش في منازل ضيقة يتراوح عدد غرفها ما بين (1-2) غرفة. أما بالنسبة لطرق العلاج فهي تتلخص في قيام الجمعيات المهتمة بأطفال الشوارع بعمل فرق كشفية منهم، وعن طريقها يمكن أن تغرس لديهم سلوكيات وأخلاق بشكل غير مباشر، وكذلك تدريبهم على الاعتماد على أنفسهم والتعامل مع المجتمع بصورة أحسن، وتعليمهم الإسعافات الأولية والعناية بنظافتهم وصحتهم، قيام مجموعة من الأطباء المتطوعين بالمرور الدوري عليهم في أماكن تجمعهم للكشف على الأمراض وتوعيتهم صحياً وإعطائهم بعض الأدوية والمواد المطهرة والشاش.. إلى آخر ذلك. قيام عدد من الأطباء والأخصائيين النفسيين بعمل برنامج للعلاج النفسي لأطفال الشوارع ومحاولة حثهم على العودة لذويهم أو للمبيت في الجمعيات الأهلية، وذلك بالتدريج، حيث نكتفي أولاً بالإقامة الليلية فقط ثم يوم في الأسبوع ثم يومين وهكذا، مع تحفيزهم بهدايا لمن يلتزم بالبرنامج، الاهتمام بالاتصال المباشر مع أطفال الشوارع بالنزول إليهم مباشرة في الشارع تحت الكباري وفي الأنفاق والشوارع المظلمة والمباني المهدمة والخرابات، وأي مكان يمكن توقع وجودهم فيه، وبث الطمأنينة في قلوبهم وفتح أبواب المراكز لهم وتركها مفتوحة دون إغلاق، وعدم اعتبار أطفال الشوارع مجرمين والتنسيق مع رجال الشرطة في ذلك حتى لا يتم القبض على أي منهم وإيداعه السجن من دون ذنب اقترفه سوى أنه لم يجد مأوى يأوي إليه، أو محسناً يقدم له الطعام، تأهيل أطفال الشوارع ودمجهم في المجتمع لتوفير الخدمات الصحية والاجتماعية لهم وذلك ليكونوا بعيداً عن الشارع، تدريب الاختصاصيين والاجتماعيين والنفسيين للتعامل معهم والاستعانة بالباحثات الاجتماعيات بالنسبة للفتيات، تخصيص الدولة مساحات أرض تتناسب مع هذه الأعداد لإقامة مدن في الصحراء لإيواء وإعاشة وتأهيل الأطفال. وخلاصه القول إن مشكله أطفال الشوارع خطر هادم يهدد اقتصاد الدول وأمانها، وهي من الممكن إن يتعرض لها كثير من الأطفال، وهي ليست مشكله معقده أو مستحيلة الحل، ويمكننا حلها بالجهد والمال، وسوف يكون العائد من حلها أكبر بكثير من التكلفة، وهو لا يكون عائداً مادياً فقط وإنما يكون عائداً معنوياً أيضاً، وهو عائد على الأطفال وباقي أفراد المجتمع، فعندها يكون الأطفال أشخاص أسوياء علمياً وصحياً ونفسياً ينفعون المجتمع وأيضاً لا يحدث قلق لأفراد المجتمع الذي يسببه لهم أطفال الشوارع بل يعيشون جميعاً في أمان.