مجلة شهرية - العدد (579)  | ديسمبر 2024 م- جمادى الثانية 1446 هـ

التوجد والرحيل

على صهوات حزنيَ ما السبيل؟
    ومركبيَ التّوجد والصهيلُ
وأمضي دون بارقة ولكن
    تهدهدني الطريق إذا تطولُ
وينمو في المحاجر كل طيف
    توقدَ في الأنامل ما أقولُ
أنا ذاك التفرد حين يغدو
    وقد حبست مشاعريَ الطلولُ
ملامح خاطري تبدو ضبابا
    وما هطلت على قلبي السيولُ
ويأسرني التوحد كيف أمضي؟
    وفي عينيّ يقترن المثولُ
على كفيّ رائحةٌ تنادي
    ألا ومضٌ يعانقه الأصيلُ
ويبسمُ في السواعد بعد ظل
    يرتب ما تخبئه الفصولُ
مواعيدٌ إذا ما الليل غنى
    تدقّ على مآتمها الطبولُ
وتشرق موجةٌ حمراء حيرى
    يضمّدها على وجعٍ أفولُ
مراكب لوعةٍ تصطك حزنا
    إذا سكن الشواطئ منك غولُ
فما برحت أمانيك انتظارا
    على شغفٍ، وقد خاب الوصولُ
تورّد في المدى جرحٌ خفيٌّ
ت    غلغل في الشغاف فما يحولُ
وينهارُ احتراقك في سكونٍ
    ويسكنك العبور المستحيل
تلمظ حلم قلبك بانهيارٍ
    فيلمع في مدامعك الذهول
رحلت وفي عيونك ما تمنى
    بريق الحلم أوثقه الرحيل
متى بلغت جراحك ساهمات
    يعانقها على الصمت النخيلُ
وتدركك المواجع جامحاتٍ
    وقد عثرت بموعدك الخيولُ
وقلبك كم أفاق على جراح
    لتثقله على قلق حمولُ
وما تدري أيؤنسك ارتقاب
    إذا انقطع السبيل ولا دليلُ
وكنت خرجت في أمل غريبا
    وأنت الآن يرهقك الدخولُ
أتمسك مطرف الأحزان صبحا؟
    وتنشره إذا يبس الغسيلُ
تعاودك المواجع في خشوع
    وماؤك في حياتك لا يسيل
وتمحل نظرة الأفراح قهرا
    لتمضي كي يمزقك الذبول
وتنساب المشاعر في احتضار
    تذوب على مشارفها الحقول
فكم قمراً تهادى لا يبالي
    وأنت على ضفافك لا تزول
إذا أبصرت رائحة الأماني
    تضرع في مكامنه خمول
وأبرقت المسامع حين يسمو
    إليك الحزن والوجد الطويل
فلا وقفت جراحك ساكنات
    وما لبثت على ألم تميل
أتحيا في انكسارك مستبدا
    وأنت على مدارجه قتيلُ
أحاطك في وجودك كل حزن
    فبين التّرك والفرس المغولُ!
أتنهض إذ تكسّر ما تبقى
        بات يصهره النحولُ
وعدت محملا جرحا عميقا
    وما تدري طريقك ما تؤولُ
وكنت وهبت قلبك كل حلم
    فخاب، وليت خيبته فضولُ!
تشتتك المطامح لست تدري
    وفي فَوْديك تحترق العقولُ
تفاوحت المآسي راقصاتٍ
    وأنت بلوعة الماضي عليل

ذو صلة