يعد الكاتب راضي النماصي من المترجمين السعوديين الشباب الذين برزوا في الخمس سنوات الأخيرة، وهو خريج هندسة كيميائية من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن/ الظهران. صدر له كتاب (داخل المكتبة.. خارج العالم!) عن دار أثر وطبع للمرة الثالثة خلال ثلاث سنوات. ويتضمن كتاب النماصي نصوصاً عالمية حول آراء تسعة مؤلفين معروفين للقارئ العربي منهم هنري ميلر وكابلينغ وإلبرتو مانغويل: في القراءة كفعل وممارسة. وهي نصوص ترجمت لأول مرة إلى العربية وقدم لها الدكتور سعد البازعي وفي مقدمة كتابه ذكر مترجمه: إن الهدف من العمل الترجمي للكتاب هو إظهار هذا الفعل الممتع، وسبر كينونة القراءة وكيفية سفر القراء في عوالم مذهلة وخبرات. حول (داخل المكتبة خارج العالم) وحول واقع الترجمة في الخليج حاورنا المترجم:
لاحظت بأنك لم تضمن كتابك (داخل المكتبة خارج العالم): برؤى شخصيات نسوية عن القراءة ومآلاتها بالإضافة إلى فرجينيا وولف، وغلب الجانب الذكوري فما تفسيرك لذلك؟
لا يوجد تفسير شخصي ينزع إلى اختياري جنس الكاتب أو غيره من أجل إضافة النصوص في كتابي. فقد وضعت لنفسي ثلاثة شروط فقط وذكرتها في مقدمة الكتاب لمن قرأه، وهي: شهرة مؤلف النص لدينا كقراء عرب، وعمق محتوى النص، وكونه مترجماً للمرة الأولى. عثرت أثناء بحثي لأجل مادة الكتاب على نصوص في منتهى الجمال لإليزابيث بوين (كاتبة إيرلندية)، وآن كويندلين ولين شارون شوارتز (وهما كاتبتان أمريكيتان لكل واحدة منهما كتاب كامل عن القراءة والكتب)، بالإضافة إلى ماري ماكارثي (روائية أمريكية معروفة عالمياً). لكنها لم تحقق الشرط الأول، فالكاتبات غير معروفات للقراء العرب.
مع ظهور المترجم الإلكتروني كيف تنظر إلى واقع الترجمة؟ وكيف يؤثر ذلك الأمر في مصداقيتها؟
بالنسبة إلى الترجمة الإلكترونية فهي في تحسن، لكن ما زال أمامها الكثير. فالكلمات ذات دلالات تختلف من فرد لآخر ومن لهجة إلى أخرى، ناهيك عن اللغات. كما أن بعض الكلمات لا ترتبط بالأخرى في تركيب واحد وإن كان معناها واحداً أو متشابهاً. لذلك فهي قد تكون مفيدة جداً في الأحاديث اليومية وفي بعض الجمل الثابتة، لكنها تضعف تماماً أمام النصوص الطويلة.
يكثر المترجمون إلى العربية بينما يقل المترجمون عن العربية فما تفسيرك لواقع من هذا النمط؟ وكيف يمكن التحفيز على الترجمة من العربية إلى لغات أخرى؟
يعود أمر كثرة المترجمين إلى العربية وقلة المترجمين عنها إلى أكثر من سبب، من ذلك مثلاً: خيارات الناشر الأجنبي ومقدار إضافتنا للفنون التي نبدع من خلالها. ويمكن التحفيز على الترجمة من العربية إلى لغات أخرى عن طريق الترويج والتنسيق بين الناشرين العرب والعالميين، بالإضافة إلى تعزيز التجارب الحكومية كما يحدث في دولة الإمارات العربية المتحدة وتركيا والدول الإسكندنافية، إذ تقدم منحاً لمن يترجم بعض العناوين لكتّاب تلك البلدان.
في كتابك، كما في كثير من الكتب، يلاحظ وجود قليل من الأغلاط اللغوية، فعلى من يقع اللوم في مراجعة وتدقيق الكتب لغوياً قبل نشرها؟
تقع مسؤولية تحرير الكتب وتدقيقها لغوياً على الناشر. لكن يجب إعادة النسخة النهائية إلى المترجم قبل النشر، وذلك للتأكد من أن التحرير لم يمس بعض الخيارات الفنية في الأصل، كالأسلوب في ترجمة الأدب.
كيف تنظر إلى مشروعات الترجمة في الخليج التي تروجها جهات ثقافية مثل (المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب) بدولة الكويت أو (مشروع كلمة للترجمة) بدولة الإمارات؟ وإلى ماذا يحتاج المترجم العربي لكي يستمر في مشروع الترجمة؟
أرى أن مشروعات الترجمة في الخليج ممتازة من ناحية اختيار الكتب وتوزيعها، وآمل وجود مثيل لها في بقية البلاد العربية. ولقد ذكرت في حوار سابق لي مع إحدى الصحف بأن المترجم يحتاج إلى الدعم المادي للشروع في الترجمات الثقافية، إذ إن المبادرات المجزية قليلة مجملاً، ما يدفع خريجي كليات الترجمة إلى الانشغال بمجالات أخرى كالقانونية والشفهية وغيرها. بالإضافة إلى نقص الدعم المعرفي، وهذا قابل للتعويض عن طريق المؤتمرات وتبادل الخبرات وتوفير مصادر التعلم بشكل أكبر.
تخصص بعض المترجمين في حقل من الترجمة دون الآخر كترجمة الشعر فقط أو الرواية فقط. رغم تنويع ترجمة بعضهم بين النثر والشعر؟ فكيف تنظر إلى هذه المسألة وعلام يدل ذلك التخصص الترجمي؟ ولماذا؟
من وجهة نظري فمسألة تخصص بعض المترجمين في حقل من الترجمة دون الآخر خيار فردي يتعلق بالمترجم وذائقته.
كيف تنظر إلى الترجمة عن لغة أخرى غير اللغة الأصل للكاتب؟
إذا قل المترجمون عن اللغة الأصل فستكون الترجمة عن لغة أخرى شر لا بد منه، وهي ظاهرة عالمية نرجو زوالها قريباً.
- برأيك هل توقف دور جامعاتنا عن تخريج المترجم المؤهل المتخصص؟ وهل يكمن السبب في طريقة التأهيل أم في سوق الترجمة أم في الطالب ذاته؟
لم تتوقف جامعاتنا عن تخريج المترجمين الأكفاء، لكن سوق الترجمة الثقافية هو الأضعف مقارنة بغيره.
يلاحظ عدم الاهتمام من جانب المترجمين بالثقافات الأخرى مثل اليابانية والصينية والهندية والروسية على الرغم من وجود أقسام لتدريس هذه اللغات في الجامعات العربية فما هو السبب؟
أعتقد أن هناك اهتماماً كبيراً تؤكده الترجمات المتجددة لكل من فيودور دوستويفسكي وتولستوي وزوشينكو وغيرهم من الأدباء الروس، والاهتمام يتزايد بالأدب الياباني عبر العديد من الكتّاب مثل هاروكي موراكامي وكيئتشيرو هيرانو ودوريان سوكيجاوا. كما يمكنك النظر في المطبوعات الحكومية العربية للتأكد من مراعاة الثقافات الأخرى، مثل المركز القومي للترجمة في مصر والهيئة العامة السورية للكتاب ومشروع كلمة الإماراتي وغيرها.