لم يكن يخطر ببال أحد أن هذه السينما توغراف التي بدأت كلعبة عجيبة، ستتحول إلى وحش كاسر، تلتهم كل الفنون وتصبح فن القرن العشرين.. والكلام للدكتور رفيق الصبان الذي يمضي في القول بأن السينما أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا لا يمكن الفكاك منه أو الخروج من أسره البديع والذي حول الحلم إلى واقع، والواقع نفسه إلى حلم، وخلق من هذا التنافس كل ألوان نبالته وأصبحت فناً عالمياً له أهميته وتأثيراته الوجدانية على قلوب متابعيه.
في البلد الطيب المملكة العربية السعودية هناك تحد وخطوات مقدامة للأمام في اتجاه تأسيس صناعة للسينما تعكس الواقع وتعمل على توسيع المعرفة وبث الوعي، إنه انتصار لجماهير وطننا العربي بأكمله والذي بالسينما تعلّم وازدادت ثقافته ووعيه. وعن تاريخ وآفاق السينما السعودية حيث في المملكة العربية السعودية بدأت عروض السينما في ثلاثينات القرن الماضي في أماكن موظفي شركات البترول؛ أرامكو فيما بعد، وبعدها كان ظهور دور العرض. وفي سبعينات القرن الماضي كانت المحاولات الجادة لصناعة سينما سعودية، والتي توقفت بعد أحداث الحرم المكي الشريف، ثم كان النجاح الذي تُوّج بفيلم وجدة للسعودية هيفاء المنصور الذي ترشح حينها في مهرجان الأوسكار للعام 2014.
وقد أنتجت السينما في المملكة العربية السعودية العديد من الأفلام ومن أبرزها على حسب مجملها: فيلم (حد الطار) الفائز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مسابقه آفاق السينما العربية. وفيلم (ولد ملكاً) الفائز بالجائزة الذهبية في مهرجان إسكندرية لدول البحر المتوسط، وهو إنتاج مشترك بين السعودية وإنجلترا وأستراليا. وكذلك فيلم (المسافة صفر)، الذي شارك في مهرجان الإسكندرية لدول البحر المتوسط وحاز على جائزة النخلة الذهبية لأفضل فيلم روائي في الدورة الخامسة لمهرجان أفلام السعودية. وكذلك فيلم (أيقظني)، وغيرها العديد من الأفلام.
يقول الزعيم السنغالي سينجور: إن السينما هي أفضل مدرسه لنا في المساء. ويقول الناقد الفرنسي جان ميشيل: عرض الفيلم في صالة العرض هو ما يعطي لهذا الشيء السمعي القوة. وهو ما أثبته الواقع في عدد من الدول، وهو ما ظهر جلياً في المملكة العربية السعودية بعد السماح بعرض الأفلام في دور العرض، وهو ما بدأ يُحدث تغييراً كبيراً في درجة وعي الجمهور وإدراكه، وهو ما يعد تطوراً كبيراً في العقل الجمعي لمواطن المملكة العربية السعودية خاصة ودول الخليج عامة حيث يأتي كثير من مواطني الدول الخليجية المجاورة لمشاهدة الأفلام في دور العرض بالمملكة العربية السعودية.
أما عن مهرجانات السينما في السعودية، فقد بدأت المهرجانات بالتعاون مع الجمعية السعودية للثقافة والفنون واستمرت انطلاقته حتى ظهرت المهرجانات السينمائية الكبيرة في مهرجان البحر الأحمر في عام 2020.
وتجدر الإشارة هنا إلى أهمية الاهتمام بالسينما وذلك بإنشاء مسابقات السيناريو والاهتمام بالفيلم التسجيلي وأفلام الطلاب وأفلام الشباب وأفلام التحريك، وكذلك الأفلام الطويلة والقصيرة، والاهتمام بالمهرجانات خصوصاً مهرجان الفيلم السعودي ومهرجان البحر الأحمر وإدراك أن الدور المطلوب منها هو إبراز الهوية الوطنية وتشجيع رواد الأعمال للإنتاج المحلي ودعم صناعة الفيلم في الوطن العربي، والترويج للأفلام، وكذلك الانفتاح على ثقافات العالم مع الاهتمام بتقديم الثقافة الخاصة للمملكة العربية السعودية والخليج عامة وكذلك الوطن العربي وثقافته الخاصة للعالم.
ومن أهم الملامح المساعدة على نهضة الفن السابع في السعودية، ضرورة الاهتمام بالفيلم الوثائقي، فهو الذي يحث ويعمل على تحريك الهدف المقصود من أجل خلق وعي عام وهي سينما الحقيقة التي تكمن في معالجه الواقع بطريقة إبداعية على حد قول جريرسون، ولها أهميتها الفائقة في تقديم الواقع السعودي للعالم مقدماً صورة جديدة تغني الفن السابع وتعبّر عن واقع المجتمع السعودي كله.
كما أن من أهم الأشياء في طريق الوصول لنهضة سينمائية بالمملكة العربية السعودية الاهتمام بالتدريب وتأسيس كليات ومعاهد السينما والاهتمام بتوسيع ثقافه فن السينما عبر المجلات والدوريات والنشاط على مواقع التواصل، كذلك تنشيط الاتفاقات الثقافية لتعزيز الإنتاج المشترك سواء بين المملكة العربية السعودية والدول الخليجية أو العربية أو بينها وبين دول العالم كافة.
كما تجدر الإشارة لأهمية الموقع الجغرافي للمملكة العربية السعودية وغناها بالأماكن الطبيعية التي لم يتم تقديمها من قبل في السينما العالمية وهي ميزة فريدة لها لتقديم صورة سينمائية جديدة عبر موضوعات مشوقة لتقديم صورة جديدة للسينما العالمية تزخر بصور الأماكن الطبيعية في المملكة العربية السعودية.
في الختام كل التحايا والمحبة لصناع الفن السابع في البلد الجميل السعودية الذي نأمل فيه كل الخير لقيادة مسيرة السينما العربية نحو بلوغ التقدم والانحياز للأرض والإنسان.