مجلة شهرية - العدد (576)  | سبتمبر 2024 م- ربيع الأول 1446 هـ

تحديق في الغموض

يقين
لا يحدث قط
ما يمكن توقعه،
سمعت ذلك، قرأته، أو كتبته
لا يهم
لكنني على يقين
أن ما يخشى منه
سيحدث حتماً
***
رصاص
نحن أموات أيضاً
حتى وإن أخطأتنا القذائف
يا للوحشة
لا نعير بالاً لأصوات الرصاص...
عمر تالف
زمن يثقب صمته الرصاص...
في انحراف الوعي
المياه الملوثة
لن تتلف الحقل فقط...
بيت تنخره الأرضة
لا مجال لترميمه
عراء سيمتد للأحفاد أيضاً...!!
هذا ما سأفعله
بامتنان
أغرق في نوبة ضحك
في نهاية شريط حياتي...
لا لشيء،
إنها الرغبة بملامسة أي شيء حي،
أهرول
خلف ظل رجل ميت
أهرول خلف ظلي...
دمامل كثيرة على وجه البشرية
تتقيح باستمرار
في مياه أرواحنا...
مثل شجرة أمتثل لفأس حطاب
وقلبي على الطيور...
بشكل أو بآخر
جميعنا ركاب قارب واحد
لا شيء نعمله
غير تغطية الثقوب
بأوراق جرائد...
***
يوم عادي
إنه يوم عادي،
ككل الأيام التي مضت
سوى بعض الحبر الإضافي على حروفه
حبر فقط ليس إلا
يوم عادي،
ضيق بما يكفي
مثل بنطال قديم،
يوم عادي
بحبر إضافي وبلا حرفين...
(....)
ما الذي يقودني إليك
غير قميص ينز فراشات
أعرف أن المساء ناقص
علاماته فانية
قلبي مستودع
والحروف
قاطرة
فحم
***
جسر الطيور
ما يعنيني الآن
الطرق المستمر على الحائط
حائط يحمله جسدي
غير عابئ بنثار
يتساقط عن جداره الأملس
طَرقٌ مستمر وهشيم...
لن أعبر هذا الجدول
جدول لمحته في الخرائط
أغض النظر عن الجسر أيضاً
جسر الطيور الذي يبتعد
أحدق في المياه التي مرت من هناك
محاولاً تسلق هذا السلم
أمد يدي للمياه التي تذوب...
***
تماسيح الأيام العميقة
مثل تاجر أفلس
ينصت لصدى الدراهم،
تؤرقني تماسيح الأيام العميقة...
كمن يدفع زورقه لمياه بعيدة،
تلك حياتي، أسماك مكهربة...
غراب ينقر،
تهشم زجاج الليل
أنهيت مناوبتي...!!
أعرفه
صورته باهتة
صوته يتسلق أشجار الظلام
شاحباً كقطار يتماهى مع الأفق
نصف حياة غارقة في النسيان...!!
هل حقاً يعرفني؟
كثيرون غابوا،
فراشات أيديهم تساقطت
تماثيل ابتساماتهم،
في مواسم الهجرة
أنتظر طيور الكلمات...!!
الهواء
سيفتح الشبّاك
أقنع نفسي
تلك المياه لن تفلت من أصابعي
واليوم الذي أتذوق طعمه
هو ذاته،
فنجان قهوة تركه ضيوف
أقنع نفسي أيضاً أن لا هواء
ولا مياه ولا طعم
لضيوف جدد سيركلون
الهواء قبل غيابهم المديد...
أنتفض مثل قطة مبللة
وأمزق قميص الكآبة،
كمن يتكئ على هلال،
يتأمل الألوان...
أتنفس الأمواج كحوت أعمى
وأغطس في الصمت مثل حصاة
أستدعي الكلمات التي أريد...
سأنسى الأشواك الباسلة
وأشحن روحي بالسنابل
أبسط جسدي مثل كمان
أتأمل بلاداً ميتة
مومياء تحت شمس ظهيرة...
***
تحديق في الغموض
من أجل ماذا؟
وكل شيء يحدث
كما يجب
في شرفة نائية
كأسان من وردة النعاس
والمساء نسمة ناضبة
من أجل عطلة الأسماك..!!
من أجل بنادق الغضب
من أجل سباق المتاهة
وعثوق التعب،
من أجل ثلمة عمر تتهاوى
في بئر نسيان
كعطر نافذ،
وجملة ناقصة
كيوم خارج الأسوار
كرجل (سركون بولص)
وركبتيه المحصودتين بمنجل
تجلس على تلة
وتحدق في الغموض ضفتان معلقتان
من خلاصة نور وضباب
أوزتان تحلقان في لوحة نائية...!!

ذو صلة