مجلة شهرية - العدد (582)  | مارس 2025 م- رمضان 1446 هـ

كيف أصبح مشهد الألعاب ساحة للابتكار والتقدم؟

منذ أن كنت في الرابعة من عمري، تعلمت لعب Crash على جهاز PS2 مع والدتي. تلك اللحظة كانت البداية لمسيرتي في عالم الألعاب الإلكترونية، فهو عالم مليء بالمرح والتحدي. ومع مرور الوقت، تطورت اهتماماتي لتشمل ألعاباً تنافسية مثل Medal of Honor وألعاب كرة القدم الشهيرة مثل Winning Eleven. بالنسبة لي، مثل الكثيرين، كانت الألعاب الإلكترونية أكثر من مجرد وسيلة للترفيه، كانت بوابة لعالم من التنافس والاستكشاف.
لكن بينما كنت أستمتع بالألعاب، كانت صناعة الألعاب الإلكترونية تتغير بسرعة على مستوى عالمي، ولم يكن الأردن بمعزل عن هذه التحولات. رغم عدم شهرة الأردن كمنتج رئيسي لألعاب الفيديو، شهدت البلاد في السنوات الأخيرة تطوراً ملحوظاً في هذا المجال، حيث بدأت شركات أردنية ناشئة في لفت الأنظار بفضل إبداعها وابتكارها.
التحديات في بداية الطريق
على الرغم من حبي للألعاب التنافسية، واجهت تحديات كبرى، وكان أبرزها مشكلة الاتصال بالإنترنت. قبل انتشار تقنية الألياف البصرية (أو المتعارف عليه تحت مسمى الفايبر)، كانت سرعات الإنترنت في الأردن بطيئة، وكان تنزيل الألعاب الضخمة يتطلب أياماً كاملة. أذكر مرة تركت جهاز PlayStation يعمل لأربعة أيام لتنزيل لعبة Call of Duty. إلى جانب ذلك، كانت مشاكل التأخير تعيق تجربة اللعب عبر الإنترنت، حيث كانت معظم الخوادم في أوروبا، ما يزيد من زمن الاستجابة ويؤدي إلى فقدان الاتصال في بعض الأحيان.
ولكن مع تطور بنية الاتصالات وظهور خوادم مخصصة للمنطقة العربية، شهدنا تحسناً كبيراً في جودة الاتصال، ما فتح الباب أمام تجربة لعب سلسة وممتعة. وعلى الرغم من التحديات التقنية التي واجهت اللاعبين في الأردن، فإن المشهد بدأ في التحسن بشكل تدريجي.
التكنولوجيا والنماذج التجارية الجديدة
شهدت صناعة الألعاب تحولات كبيرة في نماذجها التجارية، وهو شيء لاحظته من خلال عملي في مجال التكنولوجيا المالية، حيث باتت العديد من الشركات تطلق ألعابها مجاناً، ثم تحقق إيراداتها من خلال المشتريات داخل اللعبة مثل Battle Pass أو العناصر التجميلية كذلك، أصبحت خدمات مثل Xbox Game Pass تقدم الألعاب كجزء من حزم اشتراك، مما يعكس التحول الكبير في طرق تحقيق الأرباح.
هذا التوجه ينسجم مع ما نراه في القطاعات الأخرى مثل التكنولوجيا المالية، حيث أصبح الترفيه وجذب الجماهير مجالات مربحة بشكل كبير. ومع تطور تقنيات المعاملات المالية والأمان، بات من الممكن للاعبين إجراء المشتريات عبر الإنترنت بسهولة وأمان، مما يعزز من نجاح تلك النماذج التجارية.
مختبر الألعاب الأردني.. منصة الابتكار والإبداع
أحد العناصر الرئيسة في تطور صناعة الألعاب الإلكترونية في الأردن هو مختبر الألعاب الأردني، الذي تم إنشاؤه في عام 2011 بتوجيهات من جلالة الملك عبدالله الثاني. يتيح المختبر للمطورين المحليين الوصول إلى أدوات متطورة وورش عمل تساعدهم في تحويل أفكارهم إلى ألعاب واقعية. تشرف على المختبر شركة Maysalward، التي كانت من أوائل الشركات المتخصصة في تطوير الألعاب المحمولة في المنطقة.
مع وجود فروع للمختبر في ست مدن أردنية، يتمكن المطورون من مختلف أنحاء البلاد من الوصول إلى الموارد اللازمة للابتكار والإبداع. أرى أن استمرار هذا النوع من الدعم سيكون له دور كبير في نمو صناعة الألعاب الإلكترونية في الأردن، خصوصاً مع زيادة الاهتمام بالشركات الناشئة والمطورين المستقلين.

ذو صلة