مجلة شهرية - العدد (582)  | مارس 2025 م- رمضان 1446 هـ

نمو صناعة جديدة بين الشغف الشبابي وفرص الاستثمار

إن الرياضات الإلكترونية موجودة منذ سنوات لكن كفكرة حيث إنه من دون أن نشعر كان الأشخاص الذين يلعبون الألعاب الإلكترونية يخلقون جواً من التنافس بين بعضهم البعض ويقومون بالمنافسة ليخرجوا فائزاً من بينهم. وهذه هي الفكرة القائمة وراء بطولات الرياضات الإلكترونية، وهي خلق جو تنافسي من خلال استخدام الألعاب الإلكترونية، حيث إن الألعاب الإلكترونية تحتاج قدرة عقلية عالية للتكتيكات والإستراتيجيات المختصة باللعبة، وتحتاج إلى توافق عقلي عصبي عضلي للتحكم بمحاور اللعبة والفوز بها، فهي رياضة عقلية لا تقل أهمية عن الرياضات البدنية، وفي الوقت الحالي جمهورها يضاهي جمهور الرياضات البدنية مثل كرة القدم والسباحة والقفز على الزانة وغيرها، ففي الرياضتين يبذل اللاعب مجهوداً وهدفه هو تحقيق النصر والمجد.
تحظى الرياضات الإلكترونية بشعبية كبيرة في وقتنا الحالي على مستوى العالم العربي بعد أن كانت تحظى بشعبية كبيرة على مستوى العالم، عالمياً ولدى عدد من الدول الكبرى يبرز نشاط الرياضات الإلكترونية بتصاعد مستمر، وعربياً برزت جملة من الدول من بينها المملكة العربية السعودية بصورة لافتة، حيث أطلقت كأس العالم للرياضات الإلكترونية، كما عملت على إعداد بنية تحتية قوية، ومراكز تدريب، واستقطاب للهواة والمهتمين، ويلحقها الأردن في هذه الجهود من خلال اتحاد الرياضات الإلكترونية واستضافة بطولات محلية وعالمية في سياق حضارة رقمية مقبلة ستسود المستقبل بصورة غير متخيلة.
إن أهمية الرياضات الإلكترونية تنعكس على محاور مختلفة منها الاقتصادية، تتحقق هذه الأهمية من حجم صناعة الألعاب الإلكترونية الذي يتعدى 300 مليار دولار والتزايد سنوياً يكون بمقدار 10 إلى 20 مليار، فهي تدخل في كل بيت وتستقطب كل الأعمار فمن خلال الرياضات الإلكترونية ستدور عجلة الاقتصاد وستقوم الشركات بإنتاج ألعاب أكثر بالتالي شراكات أكثر مع هذه الشركات لإنشاء مسابقات وبطولات باستخدام ألعابهم، لأن ملكية الألعاب تعود لشركة معينة على عكس الرياضات التقليدية، فنحن بالرياضات الإلكترونية نفتح مجالاً ناجحاً من مجال ناجح. إن جو المنافسة دائماً ما يكون الدافع الرئيس لأي شخص حتى في الحياة العادية، المنافسة هي التي تخلق عجلة الحياة، وخلق جو تنافسي من خلال بطولات الرياضات الإلكترونية له فائدة كبيرة على قطاع صناعة الألعاب. وأيضاً فإن هذا المجال استحدث وظائف جديدة أيضاً مثل وظيفة حكم اللعبة ومديري الرياضات الإلكترونية الذين يكونون مسؤولين عن إدارة أمور الفريق وأيضاً موظفين تسويق لتأمين الرعاة وتنسيق أوقات البطولات وغيرها وهذا أيضاً يعود بالفائدة على عجلة الاقتصاد الدولي.
مجال الألعاب والرياضات الإلكترونية لأهميته ولأن جمهوره كبير أصبح مستقطباً لعلامات تجارية كبرى مثل شركات سيارات وملابس وشركات مالية ومصرفية وبنوك ومراكز صحية فالألعاب تصل لكل الأعمار الشابة والأكبر سناً القادرين على الإنفاق بشكل كبير وجمهورها واسع ومتنوع، وهذا أمر جاذب، فنرى اليوم علامات ليس لها علاقة بقطاع الألعاب تستثمر وترعى بطولات عالمية للرياضات الإلكترونية وأيضاً منصات نشر الفيديو مثل YouTube وtwitch تستفيد من هذا البطولات بعرضها ونشرها من خلال تذاكر مدفوعة الثمن، ففي عام 2019 تعدى مشاهدو بطولة لعبة league of legends المعروفة ب LOL 100 مليون مشاهد مقابل 98 مليون لدوري كرة القدم الأمريكي، الآن ومع الشعبية المتزايدة فقذ تضاعفت هذه الأرقام. ومن الجدير بالذكر أن الرياضات الإلكترونية لا تقتصر على لعبة معينة فقد اشتهرت بعض الألعاب مثل (Tekken - Valorant - Call of Duty - League of Legends - eFootball - Dota2)
لكن يمكن إقامة البطولات على أي لعبة وبعض الشركات تستخدم هذه الإستراتيجية لزيادة شعبية ألعابها بين مجتمع اللاعبين.
سنشهد مع السنوات القادمة اهتماماً أكبر من الدول واستحداث مراكز تدريبية مختصة على مستوى المناطق في دول مختلفة، وهذا ما بدأت فيه المملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية بإنشاء مراكز تدريب وأكاديميات والعمل على نشر الوعي على مستوى المدارس والجامعات لإنشاء مجتمع واع من اللاعبين، نظراً لأهمية هذا القطاع. وقامت الأردن أيضاً بدعم من وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة بإرسال فريق مختص من الحكام لأخذ شهادات اعتماد دولية في تحكيم الألعاب الإلكترونية والحصول على رخصة التحكيم الدولي في الرياضات الإلكترونية. نشهد أيضاً في الأردن دعماً كبيراً من الاتحاد الأردني للرياضات الإلكترونية برئاسة الأمير عمر بن فيصل، ففي الوقت الحالي تستضيف الأردن بطولة غرب آسيا لكرة القدم الإلكترونية بنسختها الخامسة في العاصمة عمّان، وأقامت قبل ذلك بطولة المملكة الأردنية للرياضات الإلكترونية لعام 2024 ولدينا لاعبون محترفون في الأردن مثل سيف الدين دبابنة وسامر السبيعات من فئة الرجال، ونور الخطيب وسارة حدادين من فئة الإناث سطروا أسماءهم واسم الأردن محلياً وعالمياً، فقد فازوا ببطولات عالمية وعربية. إن الأردن مؤخراً يضع نفسه على خارطة الرياضات الإلكترونية العالمية من خلال شبابه ومحترفيه، ومن خلال قائديه الذين يقومون بدعم مشاركة الشباب في المحافل الدولية والعربية وتجهيز مقرات تعنى بتدريب الشباب حول المملكة وهذه الجهود أيضاً تأتي مع إطلاق الإستراتيجية الأردنية للألعاب والرياضات الإلكترونية.

ذو صلة