مجلة شهرية - العدد (580)  | يناير 2025 م- رجب 1446 هـ

منتخبات من الشعر التركي

منتخبات من الشعر التركي
ترجمة/ نوزاد جعدان: الإمارات
كذبة
مليح جودت آنضاي*
أنا شاعر الأيام الحلوة،
أتوق للسعادة
أحكي للصبايا عن مهرهن
وللمعتقلين عن العفو العام
أما الأطفال الذين يموت آباؤهم في الحرب
أروي لهم حكايات ذات نهايات سعيدة
ولكن، أنت تعلم جيداً أن هذا صعب جداً
خصوصاً أن الكذب عمل شاق جداً

*شاعر وكاتب مسرحي وروائي تركي من مواليد إسطنبول عام 1915، وتوفي عام 2002، يعد من مؤسسي تيار غريب الشعري. صنّفته مجلة كورير التابعة لمنظمة اليونسكو شخصية أدبية من المستوى الرفيع. نقل نتاج كل من الأدباء والشعراء عزرا باوند، وأدغار آلان بو، وبريخت، ولوركا، وغوغول... وغيرهم الكثير إلى التركية.
***
زمن الحرب
جاهد كليبي*
ويعود الآباء خجلين كل مساء
في الحرب،
نضب الحليب من أثداء الأمهات
بكى الأطفال،
يلتحق الشباب بالجيش
كالمسامير تمسي النساء جلداً على عظم
شحوب يكسو وجوه الشابات
لا شيء يبقى من الحرب والمتقاتلين
فقط تبقى الذكرى

*جاهد كليبي (1917-1997) شاعر وكاتب تركي، يعد أبرز الشعراء المعاصرين الأتراك، له عدة دواوين شعرية (الرياح) عام 1949، و(شاحنات تحمل البطيخ) عام 1996 وغيرها، بالإضافة إلى عدد من المقالات وكتب النثر.
***

من الآن فصاعداً لا طريق
أحمد كايا*
بقيتْ أحلامنا وراء الجبال العالية مرة أخرى
ثمة موت جديد في هذه المدينة
وتعود إلى الحياة ثانية عتمةٌ على المدينة
وحب مزيف
إذن في القلب حزن جديد..
من الآن فصاعداً، لا يوجد طريق
كان على هاتين الذراعين أن تتعفنا
أبعد من ذلك السواد
أنت لم تفهمني
عيناك حمراوان كأنهما بقعتا دم
هناك شقاق في الطرف الآخر
ثمة شيء ما أكبر من الانفصال
من الآن فصاعداً، لا يوجد طريق
مددتُ ذراعي طويلاً.. ولم يبادرني أحد
آهٍ! إنك تمزق قلبي بهاتين العينين الجميلتين
وهما تلوحان للأمل
وأنا في منفاي هذا.. لكن قفصي كسر جناحاي
مع ذلك أشتمُّ عبيرك في كل هبة نسيم..
أنت لم تفهمني
عيناك حمراوان كأنهما بقعتا دم
هناك شيء ما أكبر من الانفصال
اعثري عليَّ يا أمي
***
(شعر : أحمد كايا)
البارحة راودني حلم
رأيتك فيه يا أمي.. كم أشتقت لك
يداي بين يديكِ.. وعيناك غارقتان بالدمع
مسحتُ الدمع عن عينيكِ
عندها أسقطت الزجاجة على الأرض
وغرقت يداي بالدماء
تعالي يا أماهُ تعالي
اثنان من الدرك يمسكان بي ويداي مكبلتان بالأغلال
البارحة راودني طيفك في المنام
اشتقت لك يا أماه
والدمع الذي سقط من عينيكِ على صدركِ
أكان أنا
إذن هل آلمتك يا أماه
أسقطتُ الزجاجة على الأرض
وغرقت يداي بالدماء
اثنان من الدرك يمسكان بي ويدي في الأغلال
تعالي الآن أماه تعالي
اعثري علي بين هذا الزحام
جديني
بقيت بلا نافذة يا أمي!!
***
(كلمات: يوسف خيال أوغلو وأحمد كايا)
أين ألعابي
كرياتي الزجاجية.. بلابلي
قميصي الذي مزقته شجرة الكرز
سرقوا طفولتي على غفلة
بلا نافذة بقيتُ يا أمي
على أسلاك شائكة علقت طائرتي الورقية
أين شبابي يا أمي
ما بال هذا البخار يحرق الحلق
كالماء ومثل الخبز
ماذا بجوار كل هذا الحب الذي كبرت ونشأت فيه
ما هذا التناقض الفاضح أماه
وقعت على مائدة الذئاب
أين شبابي
أين تلك الأشياء التي كانت مصدر أفراحي
الكناري
حوض الأسماك الذي وضعت فوقه زهرة الصبار
وكتبي التي صادروها دون أن يسألوني
الجدران صامتة يا أمي
صامتة لا تتكلم
لا باب هنا يبقى موارباً
كل الأبواب موصدة
والأمطار تكدست يا أمي
حتى اشتعل هذا العمر
أين الشباب الذي احترق

*أحمد كايا شاعر وفنان كردي ويعد من أبرز المغنين والملحنين في تركيا إضافة إلى كونه شاعراً غنائياً مجيداً بجوار صديق دربه الشاعر يوسف خيال أوغلو.
***
صديقي الحمار
الشاعر والفنان التركي: باريش مانتشيو*
لا ما عدتُ أحسب كم من السنين مضتْ
منذ أن غادرتُ القرية على عجل،
سلامات يا قريتي سلامات
فصول مضت وأنا بعيد عنك
وما عاد اللقاء إلا بالتمني
منذ ذلك اليوم، لم يصلني أي مكتوب منك
هل يا ترى نسيتني؟!.
هل خاصمتني؟!..
بالأمس، ذكرتك كثيراً وكان وجهك أمامي
امتلأت عيناي بالدمع وكأني طفل
كيف أصبحتْ هكذا، هذه الحياة اللئيمة
أيامنا الحلوة مجرد ذكرى
وأثناء الفراق كان علينا أن نحتمل
كم اشتقت إليك
أحن إليك كثيراً يا صديقي الحمار
صديقي الحمار
أما زالت المِهار تجري في المروج
وهل القط ما يزال يشاكس الديك
وهل العجل الصغير فطم عن الرضاعة
وما حال الجِداء والحُملان هل مازالت في وئام
ترعى في المراعي
إذن، لوّح بأذنيك الطويلتين ولو للمرة الأخيرة
حركهما وخبّرنا عن أخبار كل أصدقائنا القدامى
إنه الفراق وكان علينا أن نحتمل
اشتقت إليك كثيراً يا صديقي الحمار

*ولد الكاتب والمغني التركي الشهير طوسون يوسف محمد باريش مانتشو المعروف باسم باريش مانتشو عام 1943 بمنطقة أوسكودار في مدينة إسطنبول أثناء الحرب العالمية الثانية، ولذا أطلق عليه والده اسم باريش وتعني السلام. وهكذا أصبح باريش مانتشو أول شخص حمل هذا الاسم في تركيا، درس مانتشو الثانوية في مدرسة (غلاطة سراي) في إسطنبول، وبسبب وفاة أبيه عام 1958 انتقل إلى مدرسة (ترقي) بإسطنبول، وأثناء دراسته فيها اهتم بالموسيقى، وقام بتأسيس أول مجموعة موسيقية. ويُعَد باريش واحداً من أشهر الفنانين الأتراك والمؤسسين لفن الروك الأناضولي في تركيا، كما أنه منتج تلفزيوني. وهو من الشخصيات الأكثر شعبية في تركيا، ولذلك لُقب بـ(الأخ باريش)، توفي باريش مانتشو إثر أزمة قلبية مفاجئة عام 1999 في إسطنبول.

ذو صلة