مجلة شهرية - العدد (578)  | نوفمبر 2024 م- جمادى الأولى 1446 هـ

قصيدة الحرب

خبأتُ أجراسي، وحُراسي،
وسرت على حصى السنوات،
لا تصغي إلى صمتي،
سوى بعض الآكام البيض،
لم أحفل بقافيتين،
من حشو الكلام،
***
ولم أقل هذي القصيدة بنت قافيتي
طويت البحر في كف النهار
دماً يضيء الصمت،
لا صحراء قدامي لكي أمضي
بعيداً عن جدار الوقت،
لكني أغذ السير في نومي،
ولم أبلغ مسافة نصف حلم،
من حطام شوارعي،
عند اصطدام الحلم بالمعنى
الذي خلف النوافذ،
منذ ما يربو
على عقد وقصفٍ،
رحت أسمع طائر الكونكورد
مخترقاً جدار الصوت،
في غرف المعيشة،
هذبتنا الحرب!
صار الفرد منا
عاطفياً، ربما
- حد الجريمة -
***
هذبتنا الحرب،
لا يعني بأن الحرب
(مدرسة إذا أعددتها)
لكنها في الحب وحش قاتل،
إن أنت أشرعت النوافذ، والبلاد،
وأحدق العمر الموشح
بالسواد عليك،
إن آنست ظلاً ظامئاً
وقطعت أشجار الحدائق،
صرت من فضلاتها
أو طاش نحوك طائش
أو طاهش منها،
غبار من شواظ
جحيمها،
وعيارها،
***
إن أنت أوصدت المكان
لتحتمي بحوائط البيت الكبير،
وجدتها بمخالب كالهر
يغدو فجأة أسداً
إذا ما استشعر الموت
الزؤام أمامه،
أو قطة في البيت
حين تجوع
تأكل في الظلام:
صغارها!
***
هي قطة عمياء
تفترس القطا،
حتى الحجارة،
وهي إن جاعت
أو انتفخت كبالون أمامك،
يعتريك الرعب حيناً
إذ تنافس في شراستها
ضباع البر،
تذكيها طيور القاز،
تذكي في الهشيم
أوارها،

(لا ليلها ليل)
كذلك:
(لا النهار
نهارها)!
***
أدلوجة هي:
لا زهور
على أصيص منازل
فقدت منازلها،
وأهل ضيعتهم ذكريات
في الرصاص، على حوائطها،
النعامة إذ تخبئ رأسها في الرمل
حيناً، في متاريس التراب،
***
ولا ورود تفتحت في الحرب،
لا فصل الربيع يجيء،
لم يسبق لحرب أن أحبت!
هذبتنا الحرب!
لا يعني بأن الحرب أمنية الفقير،
أو الغريب،
أو الذي لم يحفظ الدرس
المقرر في الرياضيات،
أعني جدول الضرب
الكسور،
الطرح،
لا أذكى
من الصاروخ إذ يعبر،
ولكن الغباء كما الجموع
وحشدها
والحرب،
مرآة لها،
وإطارها.
***
هي كلما اشتعلت،
تثير غبار عاصفة،
لتقتلع الجذور،
تؤبن الأشجار
كي ترمي بغارب ليلها،
تدلي بكفيها المضرجتين
في النيران
سمسار يحرك
في الشراك وقودها،
وحجارها،
***
ويصب زيتاً فوق نار
كلما انطفأت،
يزيد الطين بلة،
جمرها حطب
يغذيها
يزيد
حصارها،
***
ما أكثر المستهلكين
لزيتها،
وسليطها،
وغبار سيرتها
فهم لا يدركون الحرب
إلا كلما اقتربوا،
وإن زاروا محلاً
في المدينة
شارعاً
مستودعاً
يبتاع كل صغيرة منها
عتاداً
عدة للحرب،
هم زوارها القتلى
ذبالة قازها
وفتيل خردلها
وشعلة غازها
وحريقها
وشرارها،
***
من يقتنون الموت...
من قطع العيارات
الثقيلة
والخفيفة
يدركون بأنهم يدنون
من قعر الجحيم
ونارها
وغيارها،
وسُعارها.
***
حرب وبحر
موجة
أنى اتجهت
بذبذبات
قدرها ستون
أو سبعون ميقا هارتس
حبر سائل..
وهنا/
هنالك
في الأثير
على(الترانسفور) حرب:
(حدثت أخبارها)!
***
للحرب (سيفون)،
وصانع محتوى،
يوتيوبر،
وقناة صرف
للنفايات
السموم،
وللكلام،
الحرب صارت لعبة،
ولها نجوم،
لاعبون،
محللون
محرمون،
مشجعون،
روابط،
حكام شارات،
وصافرة هنالك
ليس تعذر
قبل تنذر،
أيما أحد،
إذا ما شنت (السوخوي) غارتها،
على حي،
إذا ما أمطرت (ميج)
على سقف المدينة
أو إذا ما الـ(إف 16)
بضاحية،
أذاقت نازحين
طعامهم في الموت،
كانوا خيموا ليلاً
حذاء الطين
مِن أسوارها!!

ذو صلة