عُد بعد قليل،
لم أقرر بعد ماذا سأشرب،
هذا ما قلته لنادل المقهى،
الذي فاجأني من اللحظة الأولى،
طبعاً، أحتاج للحظة أولى، وثانية، وعاشرة، للاسترخاء،
ثم أقرر ماذا سأشرب،
...................
...................
ابتسم النادل، ابتسامة صفراء،
وببطء أعاد دفتر الطلبات إلى جيب قميصه!
لم تحفزني على الاحتجاج،
الابتسامة الصفراء، لم تحفزني على الاحتجاج،
وكأنه يريد أن يخفف على نفسه صدمة، صدمة!
لم أسقطه من ناطحة سحاب!
ولم يسقط من درجة واحدة،
...................
...................
عاد النادل ومعه ابتسامته الصفراء إلى منصة مراقبة الزبائن،
منصة انطلاق الندل التي تتوسط المقهى وبالتحديد على الجانب، الذي يحتفظ بالقليل من العتمة، والذي يخلو من النوافذ،
شراب الليمون بالنعناع يعجبني،
وشراب الزنجبيل بالليمون والعسل يعجبني،
والبيرة، أيضاً، تعجبني،
والقهوة المرة رفيقة درب، ولكن وشاية الأطباء، نعم، نصيحة الأطباء هي وشاية!
ولن أكون ضحية لهذه الوشاية،
القهوة المرة رفيقة درب، نعم،
ولن أجرؤ على شطبها من قائمة مشروباتي،
يقولون إنها ترفع الضغط، القهوة المرة رفيقة الدرب ترفع الضغط!
حسناً، ما جدوى أن يكون الضغط معتدلاً أو منخفضاً.. أو.. أو!
هذا ما أقوله لنفسي في لحظات الاسترخاء،
وبالتحديد في اللحظة الأخيرة من الاسترخاء،
قبل أن أقرر ماذا سأشرب،
...................
...................
النادل ينتظر الإشارة،
ووشاية الأطباء!
القهوة المرة رفيقة الدرب ترفع الضغط!
النادل ينتظر الإشارة،
رفعت يدي وأرسلت إشارتي للنادل، الذي حضر، ولكنه لم يخرج دفتر الطلبات من جيبه، هذه المرة،
لم أهتم، نعم، لم أهتم لعدم إخراجه لدفتر الطلبات من جيبه،
.. أريد قهوة (وذ أوت شوقر) لو سمحت،
ابتسم النادل، ابتسامة مقوسة تشبه تقوس الضفدع عندما يتهيأ للقفز، نعم، هذه المرة، لم تكن ابتسامته صفراء،
كانت ابتسامة مقوسة تشبه تقوس الضفدع الذي يتهيأ للقفز!
...................
...................
عفواً.. سوف يغلق المقهى بعد قليل،
ولا يمكن إنزال الطلبات،
هذا ما قاله النادل.. الذي انسحب سريعاً، ومعه ضفدعه، عاد إلى منصة الانطلاق،
منصة انطلاق الندل التي تتوسط المقهى وبالتحديد على الجانب، الذي
يحتفظ بالقليل من العتمة، والذي يخلو من النوافذ،
أحتاج للحظة أولى، وثانية، وعاشرة، وألف، للاسترخاء!
سقطت من ناطحة سحاب، نعم، أنا من سقط من ناطحة سحاب،
بل سقطت من قمة أم ناطحات السحب (برج خليفة)!
وليس من درجة واحدة!
...................
...................
فتحت كاميرا الهاتف، التقطت صورة للطاولة،
التي تخلو من شراب الليمون بالنعناع،
وتخلو من شراب الزنجبيل بالليمون،
وتخلو من البيرة التي تعجبني،
وأيضاً تخلو من القهوة المرة رفيقة الدرب،
أغلقت كاميرا الهاتف،
ذهبت إلى البحر،
وحذفت صورة الطاولة من الهاتف!