في عام 2025، سيتطور الذكاء الاصطناعي من أداة نوظِّفها لأغراض العمل والمهام المنزلية إلى جزء لا يتجزأ منهما.
وسينجز وكلاء الذكاء الاصطناعي المزيد من المهام بمستوى أعلى من الاستقلالية، مما سيساعد على تبسيط حياتك في المنزل والعمل. وعلى الصعيد العالمي، سيساعدنا الذكاء الاصطناعي في العثور على طرق جديدة لمعالجة بعض أكبر التحديات التي نواجهها، بداية من أزمة المناخ وانتهاء بالحصول على الرعاية الصحية، وفق تقرير لموقع شركة «مايكروسوفت».
وأوضح التقرير أن هذا التقدم سيدفع الطفرات في قدرة الذكاء الاصطناعي على استدعاء الأفكار بشكل أفضل والتفكير بشكل أعمق، من بين ابتكارات أخرى. وستظل شركة مايكروسوفت ملتزمة بمساعدة الناس على استخدام الذكاء الاصطناعي الآمن والمأمون وبنائه.
يقول كريس يونغ، نائب الرئيس التنفيذي لقسم تطوير الأعمال والإستراتيجية والمبادرات في شركة مايكروسوفت: (يجعل الذكاء الاصطناعي المستحيل يبدو ممكناً فعلاً. وقد شهدنا العام الماضي أعداداً كبيرة من الأشخاص والمؤسسات تنتقل من تجربة الذكاء الاصطناعي إلى تبنيه بشكل أكثر جدية. وهذه بداية تحوُّل شامل للنحو الذي ستغير به هذه التكنولوجيا كل جانب من جوانب حياتنا).
في العام الماضي وحده، شهدَ استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي قفزة من 55 % إلى 75 % بين قادة الأعمال وصناع القرارات في مجال الذكاء الاصطناعي. وستجلب أدوات الذكاء الاصطناعي الجديدة إمكانات أكبر.
هل تود التعرف على مستقبل الذكاء الاصطناعي؟ إليك ستة اتجاهات للذكاء الاصطناعي علينا أن نضعها نصب أعيننا -وكيف ستبتكر مايكروسوفت في كل منها- في عام 2025.
-1 ستصبـــــح نمــــــاذج الـــــذكاء الاصطناعــي أقدر وأكثر نفعـــــاً
في العام الماضي، أصبحت نماذج الذكاء الاصطناعي أسرع وأكثر كفاءة. واليوم، يمكن لـ»نماذج الحدود» واسعة النطاق إنجاز مجموعة كبيرة من المهام، بداية من الكتابة وانتهاء بالبرمجة، ويمكن تخصيص النماذج المتخصصة للغاية لمهام أو صناعات بعينها.
وفي عام 2025، ستنجز نماذج الذكاء الاصطناعي مهاماً أكثر وبكفاءة أعلى أيضاً. وتستطيع بعض النماذج، مثل النموذج OpenAI o1، بالفعل حل مشكلات بالغة التعقيد بخطوات منطقية تشبه كثيراً كيفية تفكير البشر قبل الإجابة عن الأسئلة المستعصية. وستظل هذه القدرات مفيدة في مجالات مثل العلوم والبرمجة والرياضيات والقانون والطب، مما يسمح للنماذج بمقارنة العقود القانونية وتوليد التعليمات البرمجية وتنفيذ سير العمل متعدد الخطوات.
وستكون هذه التطورات مهمة في ابتكار النماذج. غير أن التقدم في إدارة البيانات ومرحلة ما بعد التدريب سيكون مهماً أيضاً. على سبيل المثال، أثبتت عائلة شركة مايكروسوفت من نماذج Phi الصغيرة أن إدارة البيانات عالية الجودة يمكن أن تُحسِّن أداء النموذج وقدرته على التفكير.
وقد أثبت نموذجا Orca وOrca 2 من شركة مايكروسوفت قوة البيانات الاصطناعية في تدريب نماذج اللغة الصغيرة بعد التدريب، ما أدى إلى أداء هذه النماذج على مستويات لم نشهدها من قبل سوى في نماذج اللغة الأكبر بكثير وأداءً أفضل في المهام المتخصصة.
وسيُفضي جعل النماذج أسرع وأفضل وأكثر تخصصاً إلى تجارب جديدة وأكثر نفعاً للذكاء الاصطناعي، بما في ذلك وكلاء الذكاء الاصطناعي، في عام 2025. يقول إيتشي كامار، المدير العام في مختبر حدود الذكاء الاصطناعي في مايكروسوفت: (قد يكون هناك تآزر بين كيفية تدريبنا للنماذج وكيفية تشغيل هذه النماذج للوكلاء في المقابل. والآن سيكون لدى الناس أكثر من أي وقت مضى فرصة للاختيار من بين نماذج الذكاء الاصطناعي أو حتى بناء نماذج تلبي احتياجاتهم الخاصة).
2 - وكـلاء الـذكاء الاصطناعـي يغيـرون شـكل العمـل
يستخدم العاملون في نحو 70 % من الشركات المدرجة ضمن قائمة فورتشن 500 النموذج Microsoft 365 Copilot للتعاطي مع كثير من المهام المتكررة والباعثة على الضجر، مثل تصفح البريد الإلكتروني وتدوين الملاحظات في أثناء الاجتماعات عبر برنامج Teams. وفي عام 2025، سيتولى جيل جديد من وكلاء الذكاء الاصطناعي المزيد من المهام، بل سيتولى بعض المهام نيابة عنك كلياً.
يقول تشارلز لامانا، نائب الرئيس التنفيذي لأعمال Copilot وقطاعاته: (عليكَ أن تفكر في الوكلاء على أنها تطبيقات عصر الذكاء الاصطناعي. سيبدأ الوكلاء في إحداث تحوُّل في كل عملية تجارية، بالضبط كما نستخدم تطبيقات مختلفة لمهام مختلفة، مما سيشعل فتيل ثورة في طريقة عملنا وإدارتنا لمؤسساتنا).
وبالتزامن مع التقدم في قدرات الذاكرة والمنطق والقدرات متعددة الوسائط، سيتعامل وكلاء الذكاء الاصطناعي مع مهام أكثر تعقيداً بمهارات وطرق تفاعل جديدة.
تستطيع المؤسسات إعادة تصوُّر عمليات مثل إعداد التقارير ومهام الموارد البشرية، ومساعدة الموظفين على حل مشكلات أجهزة الكمبيوتر المحمولة الجديدة أو الإجابة عن أسئلة تتعلق بالمزايا، مما يحرر أيادي الموظفين كي يركزوا جل اهتمامهم على المهام الأعلى قيمة. ويمكن للشركات إعداد العديد من وكلاء الذكاء الاصطناعي لتنبيه مديري سلسلة التوريد بشأن اضطرابات المخزون، والتوصية بموردين جدد، وتنفيذ أوامر المبيعات، والتعامل مع التحديات اليومية للمساعدة في الحفاظ على استمرار المبيعات.
وتستطيع عزيزي القارئ أن تُنشئ الوكلاء وتستخدمها بغض النظر عن مهاراتك التقنية. ويمكن لأي شخص إنشاء وكيل في Copilot Studio -دون الحاجة إلى الإلمام بالبرمجة- بينما يمكن للمطورين إنشاء وكلاء أكثر تعقيداً لتنظيم المهام الأكثر تعقيداً في Azure AI Foundry.
وسيرسي كل ذلك الأساس لمستقبل تملك فيه المؤسسات مجموعة من وكلاء الذكاء الاصطناعي -بدايةً من البسيط وصولاً إلى المستقل تماماً- التي تعمل بشكلٍ مستقل أو معاً نيابةً عن الأفراد أو الفِرق أو الأقسام لتنفيذ العمليات وتنسيقها.
وفي خضم كل هذا التطور الطارئ على الذكاء الاصطناعي، سيظل الإشراف البشري محوراً أساسياً في عملية تطور وكلاء الذكاء الاصطناعي، بحسب تصريح كامار الذي أضاف قائلاً: (في عام 2025، سيدور قسم كبير من النقاش في مدار رسم الحدود حول ما يُسمح للوكلاء بإنجازه وما لا يسمح بإنجازه، وكل ذلك تحت إشراف البشر دائماً وأبداً).
3 - رفقــــاء الذكــاء الاصطناعـي سيدعمونك في حياتك اليومية
من المتوقع أن يسهِّل الذكاء الاصطناعي، خارج نطاق العمل، أجزاءً من حياتك في عام 2025. ويرجع ذلك إلى أن برنامج Copilot من شركة مايكروسوفت يستطيع دعمك طيلة يومك إذ يعمل عمل رفيقك المدعوم بالذكاء الاصطناعي. وهذا يعني أنه سيساعدك على تبسيط مهامك وتحديد أولوياتها مثل تدفقات معلوماتك اليومية، وذلك ليوفر لك المزيد من الوقت، ويحمي في الوقت نفسه خصوصيتك وبياناتك وأمنك.
وبينما يتطور برنامج Copilot على مدار العام المقبل، سيساعدك على أن تبقى على اتصال أكثر مع الآخرين، وسيتمتع بقدرات أكبر. سيبدأ برنامج Copilot Daily مثلاً في قراءة موجز إخباري لك وثيق الصلة باهتماماتك، وموجز للأحوال الجوية بصوت مألوف لك.
وإذا استقرّ رأيك على استخدام برنامج Copilot Vision، فستراه قادراً على أن يرى ما تراه على شبكة الإنترنت، ويتبادل أطراف الحديث معك عما يراه لأنه سيفهم صفحة الويب التي تستعرضها، ما يكفل له الإجابة عن أسئلتك واقتراح الخطوات التالية.
وسيساعدك برنامج Copilot أيضاً على صنع القرارات. ومن الممكن أن يعينك على تأثيث شقتك الجديدة بالبحث عن الأثاث الذي يتماشى مع بعضه بعضاً، ثم يساعدك على التفكير في الطريقة المثلى لتنظيمه بما يحقق لك أفضل استغلال للمساحات يريح النفس ويضفي عليك شعوراً بالاسترخاء.
وما هذه سوى البداية وحسب. خلال السنوات المقبلة، ستصبح تجارب الذكاء الاصطناعي أدق وستكتسب ذكاءً عاطفياً أفضل لضمان تفاعلات أكثر سلاسة مع البشر.
-4 الذكاء الاصطناعي يصبح أكثر كفاءة في استخدام الموارد بمرور الوقت
في حين أن الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى موارد مثل الكهرباء، فإن الحلول المبتكرة تساعد على مواجهة هذا التحدي. على سبيل المثال، على الرغم من أن أحمال عمل مراكز البيانات العالمية في عام 2020 كانت تسعة أضعاف ما كانت عليه في عام 2010، إلا أن الطلب على الكهرباء في مراكز البيانات زاد بنسبة 10 % فقط.
ويرجع ذلك نوعاً ما إلى أن شركة مايكروسوفت تعمل وحدها تارةً ومع شركات أخرى تارة أخرى، مثل آيه إم دي وإنتل وإنفيديا، كي تجعل أجهزتها أكثر كفاءة، بداية من سلسلة رقائق السيليكون المخصصة، Azure Maia وCobalt، وصولاً إلى وحدة تبريد السوائل المصممة لتبريد أنظمة الذكاء الاصطناعي واسعة النطاق بكفاءة. وفي السنوات القادمة، ستدخل مراكز بيانات جديدة تدعم الذكاء الاصطناعي حيز التشغيل ولن تستهلك أي مياه لأغراض التبريد، وستوسع الشركة استخدامها لأنظمة التبريد السائل فائقة الكفاءة مثل الألواح الباردة.
وهذا كله جزء من جهود أوسع نطاقاً لجعل البنية التحتية التي يُبنى عليها الذكاء الاصطناعي أكثر كفاءة واستدامة في عام 2025.
وبينمـــــا تســــــــاعد شركـــــــــة مايكروسوفت على بناء بنية تحتية للذكاء الاصطناعي أكثر كفاءة، فستواصل ضخ استثماراتها في مواد البناء منخفضة الكربون واستخدامها، كالصلب شبه الخالي من الكربون وبدائل الإسمنت والخشب الرقائقي المقاطع.
وستواصل شركة مايكروسوفت أيضاً الاستثمار في مصادر الطاقة الخالية من الكربون واستخدامها، كطاقة الرياح والطاقة الحرارية الأرضية والطاقة النووية والطاقة الشمسيــة. وتضــــخ الشركــة استثمارات طويلة الأمد من أجل توصيل كهرباء أكثر تحللاً من الكربون في شبكاتها، حيث تواصل تأييد توسيع نطاق حلول الطاقة النظيفة في شتى أنحاء العالم.
يقول مارك روسينوفيتش، كبير مسؤولي التكنولوجيا ونائب كبير مسؤولي أمن المعلومات وباحث تقني متخصص في خدمة Azure: (ما هذا سوى جزء صغير من البنية التحتية التي تخطط لها شركة مايكروسوفت ومن المقرر أن تعينها على تحقيق هدفها بأن تصبح شركة سلبية الكربون وإيجابية الميـــاه وخاليــــة مــــن النفايات بحلول عام 2030).
ويضيف روسينوفيتش قائلاً: (في عام 2025 وما بعدها، ستكون لدينا رؤية شمولية على نحو متزايد لمراكز البيانات والطاقة والموارد بحيث نستطيع الارتقاء بكفاءة بنيتنا التحتية برمتها إلى أقصى حدٍ ممكن).
5 - القياس والتخصيص مفتاحا بناء الذكاء الاصطناعي المسؤول
القياس في مجال الذكاء الاصطناعي يُعنَى بتعريف مخاطر الذكاء الاصطناعي وتقييمها، وهو أساسي لبناء الذكاء الاصطناعي بشكلٍ مسؤول. ومن الممكن إيجاز واحدة من أكبر التطورات في العام المقبل في كلمتين: الاختبار والتخصيص.
فإذا كان بوسعك قياس المخاطر والتهديدات، فسيمكنك المساعدة على التصدي لها أو التخفيف من أثرها. ويعني هذا مثلاً رصد المحتوى غير المُوثَّق المعروف بـ«الهلاوس» والتصدي له، وهو استجابات غير دقيقة من الذكاء الاصطناعي.
تقول سارة بيرد، كبيرة مسؤولي منتجات الذكاء الاصطناعي المسؤول إنَّ جزءاً من العمل المستمر لشركة مايكروسوفت من أجل بناء تطبيقات الذكاء الاصطناعي الآمنة يكمن في ابتكار اختبارات صارمة وشاملة. وفضلاً عن تقييم التهديدات الداخلية كالهلاوس، ستصبح الاختبارات أعلى كفاءة في التعرف على الهجمات الخارجية المتزايدة تعقيداً.
وتضيف بيرد بقولها: (وحتى عندما تزداد النماذج سرعة، فإننا بحاجة إلى أن نرقى بالاختبارات والقياس إلى مستوى تستطيع فيه التعامل مع أسوأ التهديدات التي نراها، فنجري اختبارات تضم سيناريو لمستخدم خصم معقَّد، وما يستطيع أن يفعله. لدينا الأساس، وسنواصل البناء عليه من الآن فصاعداً).
وسيكتسب الأفراد أيضاً سيطرةً أكبر على آلية عمل تطبيقات الذكاء الاصطناعي داخل مؤسساتهم. وسيكون بوسعهم تخصيص التطبيقات المسؤولة عن تصفية المحتوى وتحديد القيود التي تناسب عملهم. على سبيل المثال، يمكن لشركة متخصصة في الألعاب تحديد أنواع المحتوى العنيف الذي يمكن للقائمين على بناء الألعاب رؤيته.
تقول سارة بيرد: (يمكن للمسؤول تغيير التحكم في برنامج مايكروسوفت 365 Copilot بغية تحديد أنواع المحتوى المناسبة في محل العمل كي يتسنى للموظفين أداء أعمالهم. ولا شك في أن التحكم والتخصيص هما المستقبل في هذا السياق).
6 - الذكاء الاصطناعي يُسرِّع وتيرة الطفرات العلمية
للذكاء الاصطناعي بالفعل أثر كبير في جميع أنحاء العالم حالياً، إذ يدفع عجلة انتشاره التقدم في شتى الجوانب، بداية من الحوسبة الفائقة وانتهاء بالتنبؤ بالطقس والأحوال الجوية. وهو يعزز إنجازات علمية تاريخية، ويَعِد بفتح الباب على مصراعيه أمام إمكانات جديدة في العلوم الطبيعية والمواد المستدامة واكتشاف الأدوية وفي مجال الصحة البشرية.
على سبيل المثال، في عام 2024 حقق باحثو قسم أبحاث مايكروسوفت طفرةً ستسمح للباحثين باستكشاف بعض أصعب مشكلات علوم الجزيئات الحيوية في العالم، بما في ذلك اكتشاف أدوية جديدة تنقذ أرواح الملايين بسرعة ودقة غير مسبوقتين. وباستخدام نظام محاكاة بيولوجي مدعوم بالذكاء الاصطناعي، عثرَ الباحثون على طريقة جديدة لمحاكاة تحركات الجزيئات الحيوية. ومن الممكن أن تساعد هذه الطريقة، المعروفة باسم AI2BMD، العلماء على حل المشكلات التي كانت مستعصية في السابق، ودفع عجلة البحث الحيوي في تصميم البروتينات وهندسة الإنزيمات واكتشاف العقاقير.
وسيظل أثر الذكاء الاصطناعي على العلوم ينمو ويزداد.
يقول آشلي لورينز، نائب الرئيس التنفيذي والمدير الإداري لقسم أبحاث مايكروسوفت: (من بين أكثر الأمور إثارةً التي سنشهدها في عام 2025 كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في ميدان البحث العلمي لدفع عجلة التقدم في علاج بعض أكثر القضايا إلحاحاً في العالم).
ويضيف لورينز قائلاً: (سنلمس الأثر الملموس لهذه الأدوات على إنتاجية الأفراد والمؤسسات الذين يعكفون على حل مشكلات كبيرة مثل تصميم المواد المُستدامة والتعجيل بتطوير الأدوية التي تنقذ أرواح الناس).
في عام 2025، سيكون هناك اتجاه واحد مؤكد، ألا وهو أن الذكاء الاصطناعي سيستمر في دفع عجلة الابتكار وإطلاق العنان لإمكانات جديدة للأفراد والمؤسسات على حد سواء في جميع أنحاء العالم.
المصدر